حملقت أنجيلا في الهاتف بذهول، فهاهي تنتقل عدوى الرّسائل الغريبة لجاكلين أيضا... واتّضح من اعتدى عليه...
ابتلعت ريقها بخوف وحاولت تجميع كلامها: "دعني أُخبرك كلّ شيء.. هذا خطئي كان علي أن أخبرك من البداية... لكنني خفت عليك"
لم يفهم جاكلين ماتقوله بالضبط لكنه ازداد غضبا لاخفاءها لشيء ما عنه...
: "هيا أخبريني أنا أسمعك تكلمي!!!"
نظرت له أنجيلا بخوف خشية أن ينفعل أكثر...
طمأنها بعينيه متصنعا رغم غضبه المكتوم: "هيا أنجيلا تكلمي أسمُعكِ"
قالت باندفاع: "انه ذلك السفاح...هو من اعتدى عليك البارحة...نحن أيضا نتلقى رسائل منه من وقت لآخر... تحجرت الدموع في عينيها وأكملت:" خفت أن يصيبك مكروه وأن أخسرك أنت أيضا... "
كان الجميع صامت... منه من هو مذهول لسماع الحقيقة ومنه من مرّت عليه شريط الذكريات الأليمة...
زفرت لارا وحولت نظرها لجاكلين:"انه السبب بموت الجدة.."
لم يعد يرى جيدا ... أصيت بغشاوة من هول الصدمة المفاجئة ... و الحقائق الصادمة بعنف ...كان يتذكر كيف انغرس داخله السكين وسط الظلام الدّامس ووقع أرضا...تمنى لو رأى جزءا من ملامحه أو حتى أثره.. أراد أن يخرج صوته ويتكلم و يسأل الجميع ... هذه مزحة صحيح؟؟... أرجوكم أخبروني أنها مزحة، لكنه بقي جامدا متصلبا متخشبا كما هو، أول شيء تحرك كان فم أنجيلا عندما انفجرت بالبكاء ثم يدها التي تحركت نحو ثغرها لكتم صوتها ، و بصعوبة و بجهد و بحروف متقطعة قال: "لِمَ لِمَ... لَمْ تخبروني بكل هذا!!!..."
قالت اليس بين دموعها المنهمرة جرّاء هذا المشهد الأليم... كأنما تذكروا كمية العبئ الذي تحملوه لأيام وأيام...:"لقد كنا نستلم أربعتنا هذه الرّسائل وخفنا أن نورّطك معنا وتصبح الضحية الخامسة.. "
حملق جاكلين بأنجيلا نظرات مُعاتبة ملؤها التعب والألم: "ضننت أن لا أسرار بيننا... ضننت أنني كنت أحميك وأكرس نفسي من أجلك... كيف تفعلين بي هذا... كنت أضن أنني أشعركِ بالأمان ليس العكس..."
أحسّ أنه غريب عنها...
أمسك الهاتف ورماه على السرير: "أُريد أن أبقى لوحدي أُخرجوا..."
طرق باب الغرفة ودخل والد جاكلين مبتسما: "بني لقد أحضرت ملابسك"
أجابه جاكلين بدون ملامح: "شكرا أبي ضعها هنا سأغير ملابسي الآن.."
فهموا تلميحه بأن عليهم الخروج وخرجوا
دايفد: "سأساعدك"
جاكلين: "لا أبي سأبدل بنفسي شكرا"
خرج و وجد البنات على وشك الرّحيل: "الى أين.؟.."
التفتت له كريستن بابتسامة: "نحو الجامعة"
دايفد بتفهم: "بالتوفيق بناتي.."
دخلت الممرضة لجاكلين لفحص حالته وتبعها دايفد...
: "صباح الخير سيد جاكلين كيف حالك اليوم؟" قالتها بابتسامة دافئة..
رد بوجه عابس نسبيا: "أنا بخير متى سأخرج؟"
الممرضة: "هذا المساء سيدي لقد أمرني الطبيب لأقيس ضغطك وأخبرك بهذا..."
انتبه دايفد لكلامها وقال: "اذن لا خطر عليه الآن؟ صحته جيدة؟"
وجّهت المُمرضة نظرها اليه وهي تقيس ظغط جاكلين: "نعم فقط عليه تغيير ضماداته يوميا وتعقيمها جيدا.."
***
في مكان آخر...
دخلت كلّ من أنجيلا وصديقاتها للجامعة واتجهت كل منهم لتخصصها أو بالأحرى لمحاضراتهن...
دخلت أنجيلا المدرّج وألقت السلام واتجهت نحو مقعدها... فسألها الدكتور معاتبا: "آنسة لم كل هذا التأخر؟... آخر مرة مفهوم!! "
أومأت وأخرجت أدواتها وشرعت بالكتابة..
لم تنتبه لتلك النظرات التي كانت تخترقها...
فقد كان هناك من يتابعها بعينيه وأهمل درسه تماما...
وبعد مدة وجيزة أنهت أنجيلا محاضراتها وخرجت للحديقة الأمامية لاستنشاق بعض الهواء المنعش... فوجدتها مليئة كالعادة، ضلّت تبحث عن مكان هادىء بين هذا الضجيج وأخيرا وجدته...
جلست على المقعد الخشبي تحت شجرة مضلة وأخرجت روايتها المفضّلة «أنت لي»، وشرعت بالقراءة حيث وصلت..
بعد دقائق قليلة أيقضها من وسط تخيلاتها صوت عالٍ نسبيا: "أنجيلااا"
رفعت رأسها من الكتاب لتجد أليس تُلوح لها بيدها رفقة لارا فابتسمت..
"أنت هنا ونحن نبحث عنكِ؟" قالت لارا بغضب متصنع، ثم تبعتها أليس: "أين هاتفك...؟ "، أخرجت أنجيلا هاتفها لتجد مجموعة من الاتصالات من لارا وأليس... فابتسمت ببلاهة:" لم أسمعه آسفة كنت أقرأ.. "
قالت أليس باستياء: "هذا الرّواية أبعدتكِ عنا"
نظرت لها أنجيلا بتحدي: "مثلما أبعدكِ الأنمي عنا"
قاطعتهما لارا: "كفاكما.. أنا جائعة جدا لنأكل"
انتبهت أنجيلا لعدم وجود كريستن: "أين كريستن؟"
أجابتها لارا: "لا نعلم جُلّ ماقالته أن لديها عمل مهم وستعود في المساء..
خبأت أنجيلا كتابها:" حسنا لنذهب اذن" اتجهن الى مطعم وجبات سريعة قريب من الجامعة...
***
في المساء وبالضبط في منزل أنجيلا كانوا مستلقيين في الأرائك
: "اتصلي مرّة أخرى" قالت أنجيلا ل لارا وعلامات القلق على وجهها
اتصلت لارا لكن لا مجيب...
أليس بغضب: "أيتها الغبية لو أمسك بها."
قالت أنجيلا بقلق: "ربما حدث لها مكروه لو نتصل بوالدتها"
في هذه اللحضة سمعن صوت مفاتيح الباب ثم تليها صوت دندنة عالية نسبيا...
دخلت كريستن عليهن ضاحكة الوجه، رمت حقيبتها على المقعد وجلست باسترخاء ثم قالت: "كيف حالكن؟"
نظرت لهن فوجدتهن محملقين بها ولارا رافعة احدى حاجبيها بغضب...
سبقتهن أليس: "أين كنتِ؟؟ أنت أيضا كنتِ تقرأين الرواية ولم تُسمعي هاتفك؟؟"
نظرت لها كريستن بعدم فهم ثم استطردت: "اليوم كان من أجمل الأيام... كنت مع... وسكتت
ضيقت أنجيلا والبقية أعينهن وقلن:" مع...؟؟؟ "
صرخت كريستن بحماس وهي تغطي وجهها: "مع اليكس.."
: "هكذا اذن" نزعت لارا الشبشب وقفزت على لارا وبدأت تضربها: "هكذا اذن نحن قلوبها كادت تقع من الخوف خشية أن مكروها ما قد أصابكِ وأنت في موعد غرامي.."
ضحكت كل من أنجيلا وكريستن وحاولو فكهن...
كريستن وهي تضحك: "ليس بهذه السرعة بدأنا لتونا في مرحلة التعارف"
عضت لارا شفتيها بغضب: "أبعِدوووها عني والا قتلتها اليوم"
ركضت كريستن للأعلى لتغير ملابسها وللهرب من غضب لارا... وفي هذه الأثناء رنّ هاتف أنجيلا وأجابت: "ألو؟... العم دايفد كيف حالك...حسنا لاتقلق... العفو..وداعا"
وضعت الهاتف على الطاولة الزجاجية وزفرت....
![](https://img.wattpad.com/cover/357404437-288-k514131.jpg)
أنت تقرأ
ما بعد الهدوء
Mystery / Thrillerأرادت أن تتكلّم لكن الدموع التي تجمّعت في مقلتيها منعتها من ذلك، صمتت قليلا ثم قالت باندفاع : "اتضنني لم أرك تخرج بعد منتصف الليل من منزلك وتتجه الى المقبرة؟.. بل أحيانا تبقى الى الشّروق أمام قبر والدتك؟" صدم جاكلين من تصريحها: "ماذا!... كيف عرفتِ؟...