الفصل الثالث والعشرون

4 2 0
                                    

تسمّرت أنجيلا في مكانها ولم تغير وضعيتها... اختلطت عليها جميع مشاعرها في آن واحد فرح توتر خوف خجل وقلب ينبض بسرعة يكاد يخرج من أعماقها...
أما جاكلين فضلّ ساكتا وهو ينظر لأعماق عينيها مباشرة يريد قراءة مابداخلهما...وهل للعيون لغة؟... لقد أطلق قبل لحضات العنان لمشاعره ولا مجال للعودة...
بعد صمت طويل ومحاولات عديدة رفعت أنجيلا عينيها نحو جاكلين بخجل ووجه يكاد يصرخ من الحمرة...
ففاجأها بقنبلة أخرى أسقطت دوافعها كليا ولم يتبقى لها مكان للاختباء... وقال: "أنجيلا أنا أحبك...!" ثم أكمل باندفاع: "هل تتزوجينني؟"
حملقت به بتوتر بالغ ونظرت يمنة ويسرة بخجل ثم تجرعت جرعة من الجرأة ووجهت نظرها نحوه والتقت بندقيتيها مع خضراواتيه وقالت بصوت منخفض: "هل لي ببعض الوقت للتفكير؟"
وضع يديه في جيوبه وقال: "كل الوقت في يدك... معك ساعتين كاملتين للتفكير... هل هذا جيد؟ "
ضحكت بتعجب وقالت: "واو ساعتين كاملتين كثيرة علي"
جاكلين: "لنتكلم بجدية لن أصبر لأيام حتى تجيبينني بل أريد الجواب الليلة"
أمالت أنجيلا رأسها وقالت: "حسنا! عندما نعود للمنزل ستجد جوابي"
ثم أكملت بابتسام: "حتّى انّك ستجد الجواب في المنزل ينتظرك!"
رفع حاجبه وقال: "في المنزل!"
أنجيلا: "نعم كما سمعت"
تنحنح وقال: "اذن هيا لأوصلكِ ولأعود للمنزل وأرى سرّ هذا الجواب المخفي!"
ابتسمت وركبت السيارة وذهبا...
أوصلها لمنزل لارا وودّعها ثم عاد أدراجه نحو منزله...
دقّت أنجيلا الباب وفتحت لها كريستن وقالت بمزاح: "أهلا بصاحبة المواعيد السرّية"
تأففت أنجيلا وهي تدخل: "لا يخفى عليكن شيء"
أجابتها أليس من الداخل: "لا أسرار بيننا كما تعلمين"
قالت أنجيلا وهي تبحث بعينيها في الأرجاء: "أين لارا!"
كريستن: "هي أيضا خرجت لتلتقي بأحدهم لكن من؟ لا أعلم.."
قالت أليس محاولة البحث عن أجابة من فم أنجيلا: "يعني مثلكِ تماما"
تنحنحت أنجيلا محاولة تغيير الموضوع: "مالذي تشاهدانه!"
كريستن: "فيلم تركي لكسر الملل!"
ثم تابعت: "هل تناولت العشاء أم أضع لكِ قطعا من البيتزا!"
أنجيلا بابتسام: "لقد أكلت لكن لا مانع لديّ ببعض البيتزا الشهية!"
في مكان آخر..بعد مدّة...
كان جاكلين يبحث بعصبية عن أي رسالة يجدها أمامه وماقصة هذا اللغز المحير!
وهنا وصله اشعار رسالة من أنجيلا محتواها كالتالي: "كفّ عن البحث ليست في المنزل!... افتح الباب الخلفي في الحديقة شجرة التفاح تلك... أرأيت إسمينا المحفورين عليها؟... تحتها مباشرة عليك الحفر قليلا وستجد صندوقا حديديا مربوط عند طرفيه برباط شعري هذا ان بقي!... افتحه وستجد الجواب هناك... لقد كتبته في أول زيارة لنا أنا وأمي لكما... انّها الحقيقة! "
لم يصدق ما قرأه ...هل هذه دعابة؟، ركض مهرولا نحو الباب الخلفي وعقله غير مستوعب مالذي يحدث! رسالة في منزله!... ومنذ زمن طويل...!
أخرج من المستودع مجرفة وبدأ يحفر مباشرة تحت الاسم المحفور كما أخبرته...
بعد فترة قليلة من الحفر وليست بالكثيرة ارتطمت مجرفته بشيء صلب... القى المجرفة جانبا وبدأ بابعاد الاتربة عن ذلك الشيء الصلب... وبعد المعاينة تبيّن أنه الصندوق... نضّفه جيدا حتى أصبح خاليا من أي آثار التراب وأخذه معه للمنزل...وبالتحديد غرفته...بعد محاولات انفتح الصندوق بصعوبة... وفي هذه اللحضة كان قلبه ينتفض.... وجد بداخله رسالة مطوية على أربعة، مال لونها للاصفرار بسبب الظروف والزمن.... فتحها وهو يبتسم لذلك الخط الطّفولي... وشرع بقراءتها بشغف كالأطفال...
: "جاكلين صديقي العزيز والوحيد... أنت أفضل أصدقائي لأنك تعطيني ألعابك ولا تغضب عندما أبكي بصوتي المزعج كما يقول الجميع ومهما كنا نتشاجر الا انك تسامحني... لقد شاهدت مع والدتي مسلسلها الممل اليوم وكانت الحلقة الأخيرة أتصدق!... لقد سألت أمي عن سبب زواج البطل والبطلة في الأخير رغم أنهم يتشاجرون دائما... فأجابتني أنها تحبه وهو يحبها...جاكلين هذا يعني أنك تحبني وأحبك لهذا نتشاجر ولا تكرهني... واتمنى عندما نصبح كبيرين بما فيه الكفاية نتزوج مثلهما...."
ابتسم حتى ظهرت جل أسنانه وغمازاتيه.. بل انفجر ضاحكا... يالهذا الزمان... لقد تلاعب بي كما يشاء!!... جل هذا الوقت والجواب تحت ناظري!!!....
بدأ يجول في غرفته مشوش الذهن... هل تحبني كل هذا الوقت حقا؟ هل ستكون زوجتي المستقبلية!!! هل ستكون شرفي وعزتي وقرة عيني!!!...
فتح باب الغرفة متجها للحمّام وتوضأ ورجع لغرفته... وبدأ الصلاة وفي كل سجدة كان يدعو الله أن تكون من نصيبه....
وبعد السلام رفع يديه وقال: "اللهم اني أستودعك أثمن أشيائي وأقربها الى قلبي.. اللهم اجعلها من نصيبي واحفظها لي وأنت خير الحافضين"
ثم نهض وهو يحسّ لأول مرة بالراحة النفسية بعد وفاة والدته...
قرأ أذكار النوم ثم غط في نوم عميق كالاطفال..
                             ***
في الظلام الحالك... في تلك الغابة المرعبة كانت لارا تقف بتوتر وهي تتلفت يمنة ويسرة في انتظار أحدهم...وفجأة سمعت صوت أقدام قادمة باتجاهها فصوّبت المقبس الضوئي الذي تحمله الى مكان الصوت... وقالت بانفعال: "لقد أتيت... ماذا هناك!..."
قاطع صوتها المتقطع صوت رنين هاتفها أرادت أن تجيب الّا أن يداً سريعة أمسكت بالهاتف وأغلقته...
تأففت كريستن وقالت: "لقد أغلقت الهاتف هذه المرّة لا بدّ أنّها لن تأتي الآن!"
أطفأت أليس التلفاز وقالت: "بما أن لا سهرة اللّيلة سأذهب للنّوم تصبحون على خير"
كريستن: " في أمان الله...وأنا سأتصل بوالدتي وأعلمها أنني سأبيت هنا اللّيلة!"
أنجيلا بتثاؤب: "أنا أيضا سأنام...اذا عادت لارا أيقضوني حسنا!"
أومأت كريستن بايجاب واتجه كل منهم للنّوم...
                            ***
في الصباح الباكر استيقضت أنجيلا على صوت مناداة أليس لها: "أنجيلا هيا أفيقي !"
تكاسلت أنجيلا وقالت بتثاؤب: "ماذا هناك لم تصرخين؟"
أليس باندفاع: "لارا لم تعد للمنزل بعد!"
سمعت أنجيلا جملتها الأخيرة ونهضت بفزع: "ماااذاا!!!"
تغيّرت ملامح أليس للحزن: "نعم... كريستن تتصل من ربع ساعة ولا اجابة" 
خرجت أنجيلا مسرعة نحو قاعة الجلوس وتبعتها أليس لتجد كريستن بملامح مذعورة وهي تتصل مرّة تلوى الأخرى لكن بلا مجيب...
كان الجو مشحونا بسبب اختفاء لارا المفاجئ وتكاتلت الاتصالات ولكن بلا مجيب، وهذا ماترك الخوف يتسلل الى قلوبهن وضنوا ان مكروها ما قد اصاب صديقتهن ، فبعد الاحداث الاخيرة التي مروا بها اصبحت كل الاحتمالات مباحة...
قالت انجيلا بصوت عال نسبياً: "لن نقف مكتوفا الأيدي هذه المرة أيضا لنبلغ الشرطة بالامر"
أومأت كلٌ من لارا وكريستن دلالة على موافقتهما...
رن هاتف أنجيلا لتجده جاكلين فأجابت بسرعة:"جاكلين لارا مفقودة..."
جاكلين:"ماذا؟ منذ متى"
 تغير صوتها للبكاء وقالت باختناق:"منذ البارحة  قالت ان لديها موعد ولم تعد بعد ذلك.."

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن