الفصل الرابع عشر

5 3 0
                                    

في الصباح الباكر...
استيقظت أنجيلا على أشعة الشمس المتسللة بخفة عبر نافذتها... ابتسمت تلقائيا وهي تتثائب: "لا أعرف لماذا أحس أن اليوم هو يوم مثالي...رغم أن أحاسيسي دائما معكوسة "
اتجهت للحمام الملتصق بغرفتها، توضأت وأدت صلاتها ونزلت للأسفل فوجدت البنات متجمعات حول الطاولة الخشبية (والبنات أقصد لارا وأليس)
: "صباح النور" قالت أنجيلا وهي تتجه نحو الطاولة
قالت أليس ولارا في آن واحد: "صباح النور! "
قضمت أنجيلا بعضا من الكرواسون الساخن وقالت بتلذذ: "سلمت يديك لارا... صراحة لا أدري ماذا كُنّا سنفعل من دونك"
مدّت أليس يدها وقرصت أنجيلا فتأوهت...
:"أنا من أعددت المائدة هذا اليوم واشتريت الكرواسون لا هي"
ضحكت أنجيلا ولارا: "تطور ملحوظ أصبحتي من هواة الطبخ اذن"
ضيقت أليس عينيها بخبث وقالت: "العاقبة لك"
ارتشفت أنجيلا بعضا من الحليب وقالت: "العاقبة لكريستن فأنا أخذت نصيبي البارحة"
ثم تابعت: "أين كريستن؟"
قالت لارا وهي تحدق الى كأسها ببرود: "أردت أن أوقضها فطردتني.."
تعجبت أنجيلا وقالت: "هل فعلتن لها شيئا البارحة عندما ذهبت؟"
قالت أليس: "بالطبع لا... أضنّ أنها تشاجرت مع اليكس"
أرادت أنجيلا أن تقوم وتحضرها فأمسكت لارا برسغها: "أتركيها تهدأ وتنام لبعض الوقت... أضن أنها لم تنم البارحة"
قالت أنجيلا بقلة حيلة: "حسنا والجامعة؟"
أليس: "يوم واحد لن يؤثر... وأنا أيضا ليس لدي مزاج للذهاب اليوم...فلدي فيلم سيتم عرضه في السينيما اليوم... Jujitsu kaisen"
وضعت لارا كأسها وقالت: "أنا أيضا لدي موعد اليوم ولا أريد أي أسئلة"
رفعت أنجيلا احدى حاجبيها بتعجب: "اذن سأذهب وحدي؟"
أمسكت أليس بيدها وهي تقول: "الغي اليوم وتعالي معي الى السينيما.."
وقفت أنجيلا وقالت بتأسف: "لو لم يكن لدي بحث مهم اليوم لذهبت.. آسفة"
بعد بضع دقائق نضفوا المكان وذهبت كل منهن الى وجهتها...
كانت أنجيلا تنتظر في محطّة الباص حتّى توقّفت سيّارة جاكلين أمامها... أنزل زجاج النافذة وقال: "صباح الخير... يا صاحبة الملابس الواسعة" ثم تابع بضحك: "لو ترين كيف بدوت البارحة بملابسي..لم أرد اغضابك فقط"
نظرت له باستهتار وقالت: "و ها أنت تغضبني الآن.."
كتم ضحكته وقال: "أمزح فقط هيا اركبي.."
أشاحت بوجهها عنه: "لن أركب مع الغرباء"
رفع احدى حاجبيه بتعجب: "أنا غريب؟"
قالت وهي لاتزال تشيح بوجهها: "نعم"
قال بنفاذ صبر: "الغريب يطلب منكِ الرّكوب والاّ ستتأخرين..."
فتحت باب السيّارة بغضب وجلست في المقعد الخلفي تاركة الأمامي بجانبه شاغراً
رمقها عبر مرآة السيّارة بتعجب وقال: "ماذا يعني هذا!... هل أنا السّواق أم الحارس الشّخصي خاصتك؟"
تحدثتْ بصوت مندفع: "من الذوق أن تقوم بفتح الباب لي مثل مايفعل الرجال المحترمون... وطالما لست من هذا النوع.. لا وفوق كل هذا تتنمر على شكلي البارحة فسأجلس في المكان الذي يريحني..."
نظر لها وابتسم بتعجب ثم أمسك يدها وحملق بها... احمرّ وجهها ونزعتها بغضب: "ماذا؟"
نظر لملامحها الغاضبة قائلا: "كنت أتفقد  يدك وتأكدت من سلامتها... مثل الفل...لم سأفتح الباب لك؟"
لطمت جبهتها بهدوء وقالت: "امشي امشي لا فائدة من مناقشتك"
ضحك بخفوت وهو يقود السيّارة وقال بهمس: "عندما نتزوج سأفعل ذلك"
قالت وهي تحملق فيه عبر مرآة السيّارة: "تكلّم تكلّم بصوتٍ عالِ لاتشتمني بداخلك"
قال بصوت هادىء: "اسكتي ولا تشوشي تخيلاتي"
بعد دقائق وصلوا الى الجامعة فودّعته وتوجهت للداخل...
كانت تمشي بهدوء ووصلت الى رواق فارغ حتى سمعت وراءها صوت كان كفحيح الأفعى: "أيتها العصفورة..."
التفتت بفزع فوجدته زميلها في الدّراسة... ذلك الذي كان يتابعها بعينيه دائما...
لم ترتح لتعابير وجهه وطريقة كلامه، قررت تجاهله وأسرعت خطواتها الصغيرة، لكنّه أمسك بمرفقها بعنف حتى اصطدمت به... وقال بحدة: "الى أين أريد أن أتكلم معك لو تعلمين كم انتضرت بفرصة لوحدنا.."
دفعته بيدها وقالت بصوت مرتعد: "ايّاك أن تقترب مني بهذه الطريقة مجددا... ولا يوجد أي كلام بيننا"
أمسكها من يدها بقوة مرّة أخرى وجرّها خلفه: "لا تغترّي بنفسك كثيرا وكوني مطيعة"
صرخت بكل ما أوتي لها من قوة: "أتركني ساعدوني...!"
صفعها بقوة على وجهها حتى وقعت أرضا...
لم تعي مالذي يحدث لها حاليا.. كان صوت ضربات قلبها السريعة يكاد يخترق طبلة أذنيها...
حاولت النهوض فلم تساعدها ذراعيها فقد كانت ترتجف... وقبل أن تنهض مرة أُخرى سمعت صوت ارتطام قوي ووجدته مرميا أمامها على الأرض
: "أيّها الوغد كيف تجرؤ!"
كان صوت جاكلين... قفز قفزة واحدة باندفاع إليه و انقض عليه... ووجه لكمة قوية فتّاكة نحو وجهه...تبعها سيل متواصل من اللّكمات ومع كلّ لكمة كان يشتمه وأطلق العنان للسانه: "أيها الأحمق كيف تجرؤ وتلمسها سأقضي عليك... سأقتلك الآن دون أن يدري أي شخص عنك...سأقطع جثتك الى أشلاء وأقطعمها للكلاب الجائعة"
كانت تصرخ أنجيلا ليتوقف لكن بلا جدوى... لم يكن يرى شيئا أو يسمع...
كان جاكلين جل تركيزه على الجثة الهامدة التي تحته... قال وهو يشد الضغط على عنقه...
: "سترى الآن عقوبة من يلمس صغيرتي"
كان يتنفس بقوة وزخات العرق تجمعت في جبينه... ورأى صخرة كبيرة بجانبه وحملها بكل سهولة مصوبها على وجه الولد دون أن يدري...
نهضت أنجيلا بسرعة وخطفتها من يده حتى انزلقت على بطنها فتأوهت...
وهنا انتبه لخفة يده وكيف وقعت الصخرة...
هرول لها بخوف: "أنجيلا هل أنت بخير أجيبيني"
أجابته وهي مغمضة العين: "نعم"
التفت وراءه فوجد الولد هرول هربا وهو يتمايل بألم...
صرخ جاكلين وأراد ملاحقته: "تعال الى هناا"
أمسكت أنجيلا يده وصرخت: "توقف..! "
جلس على ركبتيه أمامها ووجدها متكومة على نفسها في خوف... ابتلع ريقه ونظم أنفاسه كي لا يخيفها أكثر...: "لاتخافي أنا معك..."
نفت رأسها بخوف وتحجّرت الدموع في عينيها وزادت تكويما على نفسها وقالت: "أريد أمّي..."
حملق بها باستغراب وخوف...إنها لم تذكر له شيئا كهذا من قبل رغم ثرثرتها التي لا تكاد تنتهي حين تبدأ...
: "عزيزتي أنا معكِ لا تخافي هيا سنعود للمنزل"
نفت برأسها كطفلة صغيرة تريد تحقيق طلباتها في الحال: "أريد أمي فقط... أكرهكم كلكم وحوش..."
أغمض عينيه بألم وكم تمنى أن يحتضنها ويخبرها أنه معها دائما ويخفف عنها...
أمسك بذراعيها وساعدها على الوقوف... وأركبها السيارة وقادها نحو المجهول...
كان فقط يمشي دون أن يدري.. فقط كان يحتاج أن يستنشق الهواء ويملىء رئتيه... فقد كان يحس أن هواء هذا المكان نفذ... التفت بجانبه ليطمئن عليها فوجدها غارقة في الأحزان ووجهها عابس...
حوّل وجهته الى البحر وقد كان قراره صائبا...
كانوا جالسين على الكراسي الخشبية ونسمات البحر الباردة تلفح وجهها... تناثرت خصيلات شعرها البندقي على وجهها فأبعدها بيده وقال: "سأشتري شيئا لنتناوله وأعود حالا حسنا؟..."
وبسرعة تغيرت ملامحها للذعر والهلع...:"لالا... لاتتركني وحدي مجددا"
وكم آلمه حالها وتمنى لو قتل ذلك الشاب الملعون من قبل...

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن