الفصل السادس والثلاثون

9 2 1
                                    

سمعن طرقا قويا على الباب باستمرار جعلهن ينهضن مرتعبات والتصقن في بعضهن البعض لقد كان صوت الطرق قوي جدا ولا يبشر بالخير...
قالت أنجيلا بصوت مرتعب :"من الذي بالخارجي يا ترى؟؟.."
تراجعت لارا خلفهن واختبات وسط احضانهن، انها المره الاولى التي تفعل شيئا كهذا... لم تتعود على الاختباء ابدا لقد كانت في السابق سندا لهن بل كانت هي من تحميهن خلفها ظهرها وتقف بشموخ واندفاع حول اي شيء للتصدي له...
أضن أن كترة الصدمات التي عاشتها كانت كفيلة لأن تحولها من شخص قوي و رزين  و صامد
لشخص مختلف تماما خائف مرتعب لا يقوى حتى على التصدي لأضعف المعارك.. فكلما كانت الصدمات عنيفة كان التغير  أكبر... هنالك مثل يقول أن الضربة التي لا تقتلك تقويك، لكنّني أعارض هذه المقولة تماما ...أنا أرى أن الضربة التي لا تقتلك تجعلك مجرد شخص سلبي محاط بالخوف و الترقب و إنتظار الخيانة من أي شخص  ستجعلك مجرد ما أن ترى بوادر المعركة تتخيل أسوأ السيناريوهات قد تحدث ... وهذا كفيل يأن يجعلك تخسر المعركة قبل بدايتها بل ستستسلم رغما عنك بارادة أفكارك السلبية التي لن تهدأ حتى تراك محطما كما خططت له...
كريستن وهي تنتقل بعيونها نحوهن:" هل نفتح الباب؟"
ردت عليها أليس بصوت هادئ :"لا أظن انها فكرة جيدة"
أومأت أنجيلا متفقة مع كلامها ثم أمسكت بهاتفها بيد مرتعدة وقامت بالاتصال بجاكلين... ثوان قليلة حتى رد عليها الطرف الآخر :"صباح الخير"
أنجيلا باندفاع :"جاكلين عليك الحضور حالا! أنت و أليكس الوضع لا يطمئن هنا"
جاكلين بقلق:" ماذا هناك لقد اقلقتني!"
أنجيلا بصوت يتخلله البكاء :"نحن نسمع صوت طرق غير عادي و قوي على الباب أخاف أن يكون ذلك السفاح"
زفر جاكلين محاولا السيطرة على أعصابه التي بدأت بالتلف :"حسنا التزمن الهدوء، اذا كانت لديكن الفرصه للنظر عبر  النافذه فألقين نظرة سريعة من هناك ، ان لم تستطعن فعودا لوسط المنزل أنا قادم حالا "
تقدمت أنجيلا بخطوات بطيئة ثم تسللت عبر النافذة الأمامية لترى الشرطة بالخارج قالت بصوت هادئ:" انها الشرطة ماذا سنفعل؟"
جاكلين:" التزمن الصمت ولا تفتحن الباب نحن قادمون" ثم تابع :"ساتصل بأي أيضا للحضور لا تقلقن أهم شيء لا تفتحن الباب، قد لا تكون الشرطة أصلا ربما فلا أحد يعلم بعوده لارا الى حد الآن!"
أومأت أنجيلا :" نحن بانتظاركم وداعا"
أغلقت الخط ليفزعن مجددا بطرقات أقوى من التي قبلها... قالت لارا بخوف:" ماذا الآن هل نفتح؟"
أنجيلا:" لا اظن أنها فكرة جيدة لننتظر جاكلين قليلا بعد"
ضلّت الفتيات يسترقن النظر عبر النافذة إلى ان لاحظن سياره مألوفة لهن تقف أمام حديقه المنزل الأمامية. انتفظت أنجيلا بفرح :"إنه جاكلين ومعه أليكس والعم ديفيد "
فرحت الفتيات وتقدمن نحو الباب لفتحه ،خرج جاكلين من السيارة مسرعا باندفاع نحو الشرطة:" هاي هاي ما الذي يحدث هنا؟"
دفعه الشرطي بهدوء :"من أنت ؟"
جاكلين بغضب متجاهلا سؤاله:" هل لديك تصريح للتفتيش أو الحضور الى هنا؟"
الشرطي:" وهل هذا وقت الأسئلة؟  هل تريد أن نقبض عليك بتهمة عرقلة عملنا؟"
سحب أليكس صديقه الى الوراء:" اهدأ جاكلين" تقدم السيد ديفيد بثقة ثم حمل بطاقة عمله و وجهها لوجهي الشرطي :" الضابط ديفد" ثم تابع بهدوء :"من انتم وما الذي تفعلونه هنا ؟"
ألقى الشرطي التحية على ديفد وقال :" لقد وصلنا بلاغا بوجود السيدة لارا هنا نحن نريد أن نتأكد من الموضوع إن كانت فعلا حية ونرافقها معنا لطرح بعض الأسئلة المهمه عليها انت تعلم"
السيد ديفيد وهو يرجع بطاقته في جيب سترته :"ومن الذي أمركم بهذا؟"
قال الشرطي بابتسام وهل هذا سؤال انه رئيس قسم الشرطة !"
ابتسم السيد ديفيد بسخرية :"هل تمزح معي!، لقد تحدثنا هذا الصباح ولم يخبرني بشيء... كما أنه لن أسمح لكم باستجواب لارا الى حين عودت ذاكرتها و صحتها العقلية والنفسية كذلك"
ثم زمجر بغضب :" تكلم الحقيقة من من أرسلك إلى هنا دون علم رئيس الشرطة حتى "
قال الشرطي بقلق:" انه المحقق توم، لكن ليس لدي اي فكرة عما يحدث بينكما فهو يقول ان القضية تتبعه"
هذا صحيح لكن ليس لديه أي سلطة على أن يرسلكم الى هنا بدون إذن رئيس قسم الشرطة ارجع الى حيث اتيت وأخبره بما اخبرتك به حسنا!"
أومأ الشرطي وألقى التحية :"أمرك أيها الضابط"
غادرت الشرطة بهدوء وانتظرهم السيد ديفد حتى ركبوا السيارة بعدها فتح الباب بهدوء ليجد كتلة متجمعة مع بعضها البعض... لقد كانت الفتيات مرتعبات لدرجة كبيرة وقد أحطن مع بعضهن البعض بخوف ..
وقعت عيون أنجيلا على جاكلين وتبادلا نظرات عميقة :"ما الذي يحدث!"
أومأ لها جاكلين بعينيه لتطمأن :"من اجل لارا، لقد علموا أنها على قيد الحياة فقط لا تخافي"
تقدمت لارا وقالت بخوف :"كيف علموا أنني عدت أصلا؟ "
قال السيد ديفد :" لا أعلم يا ابنتي اظن أنه بلاغ من شخص ما ،لكن كيف رآك لا أحد يعلم هذا حاليا "
قالت كريستن :" هل تظن انه ذلك السفاح!"
ديفد بصوت هادئ :"أظن ان علينا التحدث اليس كذلك؟"
أومأت بهدوء وبقلة حيلة :"معكم حق سأخبركم بكل شيء"
                          ***
في غابة مظلمة، يشرق ضوء الشمس الذهبي على منزل خشبي قديم ، الذي يبدو وكأنه جزء لا يتجزأ من هذا العالم الساحر. يقبع المنزل وسط أشجار البلوط الضاربة في الظلام، ويتأرجح سقفه المبني من خشب الأشجار القديمة تحت نسمات الرياح الصباحية. حديقة صغيرة تحيط بالمنزل، مليئة بالأزهار البرية والنباتات الخضراء والخضر الطازجة التي حان وقت قطفها، مما يضفي لمسة من الجمال الطبيعي على المكان.

داخل المنزل، تعبق رائحة الأخشاب العتيقة والعشب البري، ممزوجة بعبق الشموع التي تنير الزوايا الداكنة. الأثاث بسيط وتحف الفن القديمة تزين الجدران، مع بعض الكتب المبعثرة هنا وهناك بانتظام تعكس حب مالكها للمعرفة والحكمة. يبدو المنزل كملاذ هادئ ومريح لكل مهموم من ضجيج المدينة الصاخب ، يعكس شخصية ساكنه الحكيمة وعمق تفكيره في هذه الغابة المظلمة والساحرة.
في وسط ذلك المنزل كانت هنالك رجل كبير في السن يناهز السبعين من عمره يتأرجح على كرسيه الخشبي الذي لازمه في فترات عمره المختلفة...يتوسط يديه احدى  الكتب القديم الرثة ، تحمل آثار الزمن والحكايات القديمة التي ترويها. يفوح من صفحاتها رائحة الورق المتحجر والحكمة القديمة، تعكس تلك الكتب تاريخاً غنياً وخبرة عميقة، تناثرت حوله على الأرض المغطاة بالسجاد القديم تحت كرسيه الخشبي المتحرك.
ألقى نظرة على تلك الساعة القديمة التي كانت في جيب سرواله العريض وقال :"لقد تأخرت! أضن أنه يجب أن أذهب وأبحث عنها بنفسي"
                                  ***

في غرفة الاستقبال  كان الجو مشحونا بطاقة سلبيه غريبة لما ستقوله لارا... مع ذلك كانت وجوهن عكس ذلك صامتة بابتسام ليشجعونها على ما ستقوله. جلست على كنبة ذات مكان واحد ليقابلونها جميعا على في الطرف الاخر...
أخبرتهم بكل شيء بالاشياء التي التي أخبرت صديقاتها عنها هذا الصباح لقد كانت ملامحهم مذعورة وتكتسيهم الصدمه هل كل هذا حدث حقا؟؟
لم يصدق جاكلين ما سمعه عندما عرف أن السفاح هو من قام بايذائه وايذاء جدة أنجيلا وأليكس أيضا ..قام من مكانه باندفاع وبصوت مزمجر بغضب :"هل نحن ضعفاء لدرجه أننا جميعا واقفون بدون حركة أمامه!...ما الذي يحدث معي لماذا انا هكذا لماذا لا أستطيع أن انتقم لنفسي ولكم ..."
قال السيد ديفيد بصوت يتخلله الهدوء:" اهدأ هذا ليس وقت الانتقام علينا أولا أن نقوم بحمايتهن ،الآن لارا هي الهدف الاول والأقرب لهذه لهذا السفاح"
قالت لارا بصوت بهدوء وصوت بارد تاركة خلفها أثرا قاتلا جعل المتجمعين في حالة من الدهشة
:"لا تخف ليس عليكم حمايتنا بعد الآن"
تعجب الجميع لكلامها قال أليكس :"ماذا تقصدين؟"
نظرت له بعيون باردة وبابتسامه غريبة علت ثغرها :" لأتني قتلته"
ثم بدا تطلق ضحكات متعالية، كأنها تصدر من عمق الظلام الذي يكسوها تبدو وكأنها تحمل توترًا واضطرابًا داخليًا، تاركة خلفها أثرًا مخيفًا يثير الرعب والقلق في نفوس المستمعين... لكنها لم تدم طويلا لأنها تحولت الى بكاء ونواح عالي...
لقد كانت نفسيتها متعبة بشكل واضح ،كأنها تحمل عبئ هذا العالم كله على كتفيها...
وقعت أرضا تبكي بحرقة وألم لا أحد يعلم الأشياء والتفاصيل المرعبة التي عاشتها مع ذلك السفاح...
لا أحد يعلم كم قاومت حتى انتهى المطاف بها بقتله ...
أحاطها الجميع واحتضنتها أنجيلا بعمق :"لا تخافي نحن معك"
نهضوا كلهم ليجلسوا على الأرضية بجانبها ،وجوههم مليئة بالتعاطف والدعم ،مستعدين لتقديم كل الدعم لها مؤكدين انها ليست وحدها ولن تكون كذلك بعد اليوم...
قالت لارا ببكاء :" لا احد معي لأنني سأدخل السجن على أية حال هذا الاعتراف كفيل لجعل السجن بقيه حياتي "
قالت كريستن باندفاع:" لن تدخلي السجن هذا يعتبر دفاعا عن النفس اليس كذلك؟"
ثم حولت نظرها الى السيد ديفيد لتلتمس قليلا من الاطمئنان لكنه لم يبادلها بأي كلمات مطمئنه بل اكتفى بالنظر لهن بهدوء قائلا:" لا احد يعلم ما الذي سيحدث لكن كنتيجة أولية علينا الاحتفاظ  بهذا الاعتراف الخطير بيننا فقط سيموت هذا السر هنا "
نظر له الجميع له بغرابة حتى لارا فهذا الكلام يصدر من صاحب القانون ضابط الشرطة..ثم تابع "أعلم ان هذا السر ربما سيجعلني أخسر وظيفتي للأبد لكن هذا ليس مهم، الأهم هو سلامتكم جميعا"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 04 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن