الفصل الرابع والثلاثون

11 2 0
                                    

خرج جاكلين وانتظرها أمام الباب ولحقت به... تأملها للحضات وقال: "تبدين جميلة جداً!"
أشبكت أصابع يديها في بعضهما بخجل وقالت بتوتر: "ها!.. شكرا"
فتح جاكلين الباب ثم نظر لها مطولا: "أضن أن عليكِ إرتداء شيء ما فالجوُّ بارد بالخارج.." ثم تابع وهو يناظر حذاءها ذو الكعب العالي: "و إرتدي شيئا مريحا، أعرف أن الأحذية من هذه النّوعية لا تستهويك وستؤلم قدميك!"
أومأت أنجيلا ودخلت للداخل لبعض الوقت ثم عادت وهي ترتدي كنزة على كتفيها...
جاكلين: "لكنكِ لم تغيّري حذاءك"
"أنا من أخبرتها بذلك!"
خرجت كريستن وراءها ثم تابعت: "هنالك أمور لا تفهمها يا سيد جاكلين... عندما نريد الأناقة يتوجّب علينا تحمّل الألم!" ثم تابعت: "أم انّك أصبحت تشبه صديقك لا تفقهان هذه الأمور؟... "
زفر جاكلين ثم قال ببرود: "أفهم كلامكِ ياكريس لكن لا أضن ان للأصفر علاقة بالأناقة..." ثم تابع بضحك مكتوم: "يا سيّارة الأجرة"
شهقت كريستن :"ماذا؟؟...ماذا قلت للتّو!"
أمسك جاكلين يد أنجيلا وإتّجه إلى السّيارة :" لا شيء!" ثم إلتفت بابتسام :"تصبحين على خير.."
ركبا السيارة وأدار المفتاح..
كان يقود وهو يضحك بخفوت...
قالت أنجيلا وهي تراقب ضحكاته المكتومة :" ماكان عليك أن تسخر منها هكذا! ثم إن الفستان جذّاب جدا! وهو رائج هذه الفترة..."
جاكلين وهو مركّز على الطريق :"بصراحة أنا لا أفقه في هذه الأمور ولكنّه كلام أليكس.."
أنجيلا بغضب :"ذلك الغبي عندما نعود سأريه!.."
أدار جاكلين وجهه نحوها :"عفوا ماذا تُريه؟"
أنجيلا :"سأتحدث معه وأخبره..."
أوقف جاكلين سيّارته بقوّة ورمقها بنظرات ثاقبة...فزعت أنجيلا من تصرُّفه :"لماذا توقّفت!"
تجاهل جاكلين كلامها :"ستتحدّثين معه؟"
أنجيلا ببلاهة :"نعم.."
جاكلين بإنفعال :"لن تفعلي!... لا هو ولا أي رجل آخر!.."
صُدمت أنجيلا من كلامه :"جاكلين مالّذي حدث... لم تكن هكذا!"
تابع جاكلين بصوت عالٍ نسبيا :"بلى هكذا!..أنا دائما هكذا لكنّني كنت أخفي ذلك داخلي...لكن الفرق هو أنّه في السّابق لم يكن لديّ الحقّ في إخراج ما بداخلي!..نعم كنت أُحسُّ بالألم والإختناق معاً عندما تخبرينني أنّ رجلاً ما قد أُعجب بك أو تحدّث معك ...لكنّ لم يكن لديّ الخيار بيدي لهذا أُبقي كلَّ شيء داخلي!"
زفر بهدوء ثم تابع القيادة تحت صدمتها... كانت أنجيلا طول الطّريق صامتة والدُّموع متجمّعة في مقلتيها..
كسر جاكلين حاجز الصّمت وقال :"ألن تقولي شيئاً؟"
قالت بإندفاع :"بلى... لننفصل!"
ضغط جاكلين على المكابح وزاد في السُّرعة، كانت عروق جبينه بارزة وتنبض من الغضب...
أنجيلا بصوت باكي :"ألا تسمع أوقف السيّارة !"
أوقف جاكلين السيّارة ووضع ذراعيه على المقود ثم رأسه في منظر يوحي بالتَّعب...
تأملته أنجيلا للحظة ثم همّت بفتح باب السيّارة...
قال بصوت هادىء: "لا تنزلي الوضع خطير الآن..." ثم تابع:" لقد أوقفت السيّارة فقط لأنّكِ أردتِ ذلك لكن ليس لديّ أيّ فكرة للإنفصال عنك ولو أردتِ ذلك.."
                             ***
في منزل أنجيلا كان الجميع يجلس في غرفة الإستقبال في جوٍّ عائلي دافئ ... منهم من كان في حوارات سياسية عميقة بين السيّد ديفد والسيّد جيفري، ومنهم من كان يتهامسان ويضحك بين أليس و والدتها نور..
سمعوا طرقا متواصلاً على الباب فهمّت كريستن بالنّهوض لفتح الباب :" أضنّهم جاكلين وأنجيلا، لكنّهم عادوا بسرعة"
ثم فتحت الباب بدأت بالصّراخ...
إنتفض من في غرفة الضيوف وهمّوا بالرّكض نحو مصدر الصّوت ...
قال أليكس بهلع:"كريستن هل أنتِ بخير!.."
لتقع عيناه على كتلة بشرّية ساقطة أرضاً على وجهها والدّماء تغطي يديها الصّغيرتين ....
جذب أليكس كريستن إليه بخوف وعيونهم على الأرض الدّامية...
أمر ديفد من الجميع الإبتعاد ثم تقدّم من الكتلة البشرية وقلّبها على وجهها ليرى ملامحها ، لكنّه تراجع للخلف بصدمة بعد رؤية وجهها... :" يا إلهي ما هذا!!!"
دفعت كريستن أليكس الذي كان يمسك بها وإندفعت نحو الشّخص المجهول والذي لم يصبح مجهولاً الآن ...
وهي تبكي وتشهق :" لارا... لارا... أهذه أنتَ حقاً! ..."
ثم إحتضنتها وبدأت في بكاء مرير ينشقُّ الحجر لسماعه.
جثت أليس على ركبتيها  لما رأته وبدأت تحبو بإتجاههم وهي تحدق في لارا بهدوء مخيف ،فقط دموعها من كانت تتكلّم ...تنسكب بغزارة.
قال جيفري باندفاع:" ماذا تنتظرون؟.. أدخلوها بسرعة يبدو أنّ أحداً ما يلاحقها وهربت منه."
أومأ السيّد ديفد بإيجاب ثم أغلق الباب :"معك حق هيّا "
حملها أليكس للدّاخل وتبعه الجميع... حيث قامت نور بمعالجتها فهي ممرّضة...
عالجت جميع جروحها التي لم تكن عميقة وأعطتها بعض الحقن المغذية التي ستساعدها على إسترجاع عافيتها بسرعة ...
في هذه الأثناء دخل جاكلين برفقة أنجيلا وما إن دخلوا حتى قابلهم منظر الدّماء على الأرضية... هوت قلوبهم أرضا ودبّ الرّعب في أوصالهم... ركضت أنجيلا للدّاخل وتبعها جاكلين بعد إغلاقه الباب.
دخلت لغرفة الضيوف لتجدهم جميعا واقفين حول الأريكة يحدقوّن بشيء ما... قال جاكلين :"مالذي يحدث!"
إلتفت الجميع لهم و وجوههم تحمل مشاعر الدّهشة والصّدمة... ركضت أليس نحو أنجيلا إحتضنتها وقالت بصوتٍ باكي :"لارا.. إنها حية!"
بدأت ضربات قلبها تعلو و وتيرة تنفسها تزداد .. هل ما تسمعه صحيح؟...هل هذا حلم؟.
دخلت في عالم آخر وكانت تبتسم بلا شعور حتى أحست بيد جاكلين تستندها كي لا تقع ثم قال لهم :"كيف حدث هذا؟"
ديفد بصوتٍ منخفض :"لا أحد يعلم"
إقتربت أنجيلا منهم وألقت نظرة على الأريكة لتجد لارا حقاً مستلقية هناك، لكنّ ملامحها كانت مرتخية وتعبة...
ليست حادّة كما إعتادوا رؤيتها... كتمت صوت بكائها وإقتربت منها وقبّلت جبينها البارد بهدوء.
تنحنحت نور :"المعذرة ولكن علينا تركها ترتاح قليلا لستعيد عافيتها بسرعة ثم نقابلها"
ثم إبتسمت للبنات :"كما أنها لن ترحل مجددا بإذن الله هيا بنا"
إستجاب الجميع لكلامها وبدأوا بالخروج بصمت عدا كريستن التي لم تترك يد لارا منذ تمددها على الأريكة..:"أرجوكم دعوني معها"
أليكس:" كريس هذا ليس في صالحك إذا أردتِ شفاءها هيا أرجوكِ"
زفرت بقلّة حيلة ومسحت آخر دمعة عالقة في رموشها ونهضت معه...

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن