الفصل الثالث عشر

4 3 0
                                    

ابتسم ضاحكا ووضع رجلا على الأخرى وقال: "لذيذة لأنك أنتِ من أعدّها..."
وضعت الملعقة الخشبية بجانب القِدر وقالت بهدوء: "توقف عن هذا"
ضحك قائلا: "عن ماذا؟"
رمقته بنضرة مِلؤها الخجل والغضب وقالت: "عن احراجي..."
"لكنني أقول الحقيقة! " بقي ينتظر ردّة فعلها التالية... لكنها التفتت الى القدر وبدأت تخلطه بعصبية حتى وقع بعض من الصلصة على فستانها...فشهقت...
نهض جاكلين من مكانه مهرولا نحوها ضنّا منه أنها احترقت وقال وهو يتفحص يديها:" هل تأذيتِ؟"
قوّست فمها للأسفل وقالت: "فستاني لقد اتّسخ"
زفر بقلة حيلة وقال: "اهذا كل شيء؟ ضننت أنك احترقتِ"
التفتت إليه بنفاذ صبر وقالت: "ماذا سأرتدي الآن! هل ابقى متسخة هكذا الى أن أعود للمنزل!"
ابتسم جاكلين ابتسامة جانبية أبرزت غمازته المحفورة وقال: "اهذا كل شيء؟ ارتدي ملابسي وانتهينا"
ضحكت حتى أدمعت عينيها وهي تتخيل نفسها وسط ملابسه الكبيرة... ثم قالت بقلة حيلة: "حسنا ليس لدي خيار آخر"
ثم أشارت بسبابتها نحوه: "أُريدها ملابس سوداء..."
قال وهو يخرج من المطبخ: "حسنا" ثم اتجه نحو غرفته...
استغلت هذا الوقت في تحضير مائدة العشاء ريثما يحضر لها الملابس...
عاد جاكلين الى المطبخ وابتسم عندما وجد مائدة العشاء مجهزة وقال: "يبدو لذيذا... والملابس في غرفتي في الأعلى ارتديها وتعالي"
ابتسمت وهي تضع آخر اللّمسات على طاولة العشاء: "حسنا... انتظرني.."
في مكان آخر...
كانت كريستن تتحدث في الهاتف لساعات مع اليكس دون أن تنتبه للوقت...إنها منذ لحظة اعترافه لها باعجابه تعيش بسعادة و بهجة متواصلة...
حتى قال لها: "كريستن... هل لي بسؤال وعديني ألاّ تغضبي!"
ضحكت بخفوت وقالت: "تكلم لن أغضب منك"
تنفس الصعداء وقال: "ألا تضنين أن علاقتنا تتطوّر بسرعة؟"
كانت مستقلية على السرير فجلست وتربعت: "لم أفهم ماذا تقصد بالتحديد؟"
قال اليكس: "لاشيء فقط أقصد أنني أتمنى أن نكون مدركين لأين سنصل.. وماهي نهاية هذا الاعجاب"
احمرّ وجه كريستن غضبا وخجلا في آن واحد... فهي الآن تُحس أنها أذلّت نفسها وهي الطرف المتفائل والسعيد فقط في هذه العلاقة... : "حسنا...وداعا ولا تتصل بي مجددا"
تفاجأ اليكس لردة فعلها: "مهلا انتضري كريس.." ثم سمع صافرة الهاتف وهي تغلق في وجهه....
: "تبااا اللّعنة..." ورمى الهاتف بقوة ولحسن الحظِّ أنه وقع على السّرير...
عاود الاتصال بها مرّات ومرّات لكنّها لا تجيب... بل أغلقت الهاتف نهائيا...
لم تدع له الفرصة ليعبر عن ما بداخله... لقد كان خائفا من أن يخسرها أو يقل شغفها من ناحيته... كان خائفا أن تتركه مثلما فعلت حبيبته الأجنبية تلك حينما أخبرته أنها ملّت منه، فنحن نعرف جيدا ما غاية أكثرية المجتمع الغربي من الحب... فهم يستغلونه لإشباع رغباتهم لا أكثر... ولسوء الحظّ قد تغربن مجتمعنا وتأثر بهم وقلّدهم التقليد الأعمى...فأصبحنا لانستطيع التمييز بيننا وبينهم ..
زفر بضيق وتضايق بشدة لسوء ضنها به... قد  يسيء بعض الناس الظن بك... وقد يضنك آخرون أطهر من ماء الغمام... ولن ينفعك هؤلاء ولن يضرك أولئك، المهم حقيقتك وما يعلمه اللّه عنك...
                          ***
ارتدت أنجيلا الملابس وبقيت تنظر لنفسها في المرآة لدقائق: "مستحيل لن أخرج هكذا.. أبدو مثل المهرّج"
جاءها صوت جاكلين من الطابق السفلي: "أنجيلا الى متى سأنتظر.. سيبرد العشاء"
زفرت بضيق وقالت: "أنا قادمة"
لملمت شعرها للأعلى ونزلت الى المطبخ.. وعندما رآها جاكلين كتم ضحكته بصعوبة وهو يراها بملابسه هكذا...
ابتلع ريقه وقال: "عفوا أين أنجيلا؟"
رفعت حاجبيها بتعجب:"ألم تعد ترى؟ أنا أمامك"
تنحنح وهو يمثل الجدية وقال: "عفوا لكنني أرى ملابسي وحدها تتحرك" ثم بدأ بالضحك ماجعلها تستشيط غضبا...: "لن أحتمل هرائك هذا أنا ذاهبة لاعادة ملابسي"
وقف بسرعة وأجلسها على الكرسي: "لالا أنا أمزح فقط"
وهنا سمعوا صوت تحريك المفاتيح في الباب... وقفت أنجيلا لترى لكنه أوقفها بيده ونهض بدل عنها...: "لقد عدت أين أنتما"
كان هذا صوت ديفد... فدعاه جاكلين وقال: "نحن في المطبخ تعال أبي.."
دخل ديفد للمطبخ وقال: "رائحة الطعام شهية جدا... هل لي بالقليل؟"
ابتسمت أنجيلا ونهضت: "بالطبع" وضعت صحنا ثالثا وسكبت له الطعام معهم...
"بسم الله" وبدأو في تناول الطعام
لقد كانو يتناولون الطعام وعلامات الرضى على وجوههم فابتسمت أنجيلا بارتياح لأن أكلها أعجبهم...أما جاكلين فكان يتناول بِنهم ثم انتبه لنظرات والده له وقال: "ماذا هناك؟"
قال والده: "ألم تُذكّرك هذه المعكرونة بشيء؟"
ابتلع جاكلين آخر لقمة بفمه وقال: "بلى... طعام أمي... تعد المعكرونة هكذا بالضبط"
وضعت أنجيلا يديها على الطاولة وقالت بابتسام: "في الحقيقة هي من علمتني طهو المعكرونة ونسيتُها... ولكن بمجرد مابدأت بوضع المكوّنات تذكرت كل شيء..."
جاكلين وعلامات الجدّية على وجهه: "هل هذا صحيح؟"
لاحظت أنجيلا لمعة الحزن في عينيه فأومأت برأسها دون أن تتكلم... ثم استطردت وبدأت في تناول الطعام ثم قالت بعد مدة : "سأغسل الأواني ثم سأعود للمنزل،لقد تأخرت وربما البنات قلقن عليّ"
قاطعها ديفد قائلا: "لا يجوز أنت ضيفتنا اليوم..." ثم تابع بِمزاح:" دعي غسل الأطباق لجاكلين"
ضحكت وقالت: "فكرة جيّدة فقد فعلها سابقا هل تتذكر؟"
نظر إليها باستهتار ثم أشاح بوجهه عنها... فهاهي هيبته تضيع الآن أمام والده...ثم قال: "على كل حال ستأتي الخادمة غدا وتغسلهم"
ثم تابع: "هيا سأوصلكِ"
ودعت العم ديفد وخرجت معه...وبما أنهم في نفس الحيّ فلا داعي لأن يستقل سيارته واختارو السير على الأقدام...
كانوا يتمشون بجانب بعضهم وكان الحي هادىء جداً والذي زاد المنظر أكثر جمالا ضوء القمر البارز...
نظر لها جاكلين نظرة سريعة فوجد وجهها مُحمراً من برودة الجوّ فقال: "هيا اسرعي قبل أن تمرضي"
شدت على ملابسها وقالت لدي مناعة قوية لن أمر.. "ثم عطست..
ابتسم جاكلين وقال:" نعم مناعة قوّية"
ثم أمسك قميصها الطويل الذي يتدلى على يديها وبدأ بالرّكض وقال: "هل تمانعين أن نسترجع طفولتنا لبعض الوقت"
ابتسمت وهي تلهث راكضة معه: "بالطبع لا"
أكملوا طريقهم يركضون تارة ويضحكون تارة الى أن وصلوا للمنزل... ثم ودعها بعد أن تمنى لها ليلة سعيدة...

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن