الفصل الثامن عشر

7 3 0
                                    

رجل ملثم الوجه يحمل في يده برميلا ويسكبه على الأرضية...
وبمجرد أن رأى لارا وأنجيلا يحدقون به بذهول أخرج سكينا من خلف ظهره وركض باتجاههم عازما على قتلهم... صرخت أنجيلا وأمسكت بلارا كما تحدثها على الهروب،  لكن لارا دفعتها بقوّة للوراء ثم صعدت باتجاه المُلثّم ولكمته بقوة على وجهه حتى وقع أرضاً لكمة وراء الأخرى حتى امتلأ وجهه دماءا...
أراد أن يقاوم وينهض الّا أنّها سبقته وبحركة سريعة ووضعت رجلها فوق صدره وأمسكت رأسه بيدها ووضعت السكين خاصته بيدها الأُخرى: "تحرّك وسوف ترى رأسك في مكان آخر" قالت لارا بهدوء لا يتناسب مع هذه الفاجعة... ثم التفت نحو أنجيلا وقالت: "اتصلي بالشرطة حالا!"
وبيد مرتعدة اتصلت أنجيلا بالشرطة واخبرتهم بتفاصيل ملخصة ومكان الحادثة... تقدمت الدرج نحو لارا وقالت: "انهم قادمون الآن"
بعد ثوانٍ دقّ باب المنزل وركضت أنجيلا بسرعة لفتح الباب فوجدته جاكلين... ابتسم وهو يقول: "صباح الخير"
لم تتركه يكمل كلامه وأدخلته للداخل،
نظر لها جاكلين بعدم فهم: "ماذا حدث؟"
نظرت له بخوف وأشارت بيدها نحو الداخل: "هناك رجل في المنزل لقد... "
لم يدعها تكمل كلامها ودخل راكضا للداخل فوجد لارا مسيطرة على الوضع فحدق للرجل الملثم بغرابة ثم صعد الدرج ونزعه من يد لارا، وألصقه بالحائط ثم رفعه بقوة للأعلى ثم قال بغضب: "من تكون؟"
اشتم جاكلين في الرّجل رائحة غريبة ثم نظر للأرضية فوجدها مبللة بمادة غريبة وانتبه الى برميل مرميّ تحت قدميه ففهم كل شيء... وضعه جاكلين على الأرض بهدوء وقال: "تريد حرق المنزل اذن!!... هااا؟... تكلّم!!! " ثم انهال عليه بسيل من الضربات في أجزاء متفرقة من جسمه حتى صرخ الرجل الملثم : "أرجوك توقف سأخبرك بكل شيء.."
انتبهت أنجيلا لصوته وبدا مألوفا لها!!.. نزع جاكلين الغطاء من على وجهه وتفاجأ...
شهقت أنجيلا وقالت: "هذا أنت!"
قالت لارا باستغراب: "من هذا"
أجابتها أنجيلا: "انه الرّجل الذي ضايقني في الجامعة البارحة! "
احمرّت عينا جاكلين غضبا حتى برزت عروق جبهته فقد تذكر ذلك الموقف اللعين.. وكيف له أن ينسى؟... كيف ينسى ذلك الوغد الذي حاول تعنيف محبوبته أمام عينيه!...
أخذ يخنقه بقوة بدون وعي، لقد أعمت الغيرة عينيه ولم يعد واعيا بما يحدث حوله... فقط عاد لوعيه عند سماع صوتها المرتجف: "توقف ستقتله!"
حدق جاكلين بوجه الشاب وابتسم وقال: "وليكن... ليمت"
قالت لارا مقاطعته: "جاكلين توقف لنرى مالذي سيخبرنا به!" 
نظر له جاكلين بنفاذ صبر: "هيا تكلم... لماذا دخلت المنزل وماهو هدفك؟"
زفر الشاب واستنشق بعض الهواء وقال: "أنا آسف آسف على كل شيء... أعلم أنني أخطأت لكنهم هددوني بعائلتي... ان لم أفعل هذا سيقتلونهم.." ثم اغرورقت عينيه بالدموع...
نظر له جاكلين بدهشة لا تقل عن دهشة أنجيلا و لارا: "من هددك؟... تكلم؟!"
نظر له بخوف أراد التكلم لكنه تردّد، فطمأنه جاكلين: "لا تخف لن نخبر أحدا... فقط ستعرف الشرطة عندما تذهب معهم ومع ذلك سيبقى الأمر سرا عندهم أيضا"
أغمض الشاب عينيه بألم وقال: "لا أعرفه شخصيا... لكنه شخص مجهول أرسل لي رسالة وهددني بعائلتي ان لم أفعل ما يقول... والباقي تعلمونه"
التفت جاكلين ونظر نحو أنجيلا و لارا فبادلوه نفس النظرات... نظرات استنتجت من هو هذا المجهول... فهم أحق بالعلم من يكون... ذلك السفاح اللعين.... الذي لم يكتفي بزهق الأرواح فقط... بل أخد القلوب والأجساد والعقول... أخذ المحبة والطمأنينة في النفوس....
بعد لحظات قليلة سمعوا صوت سيارات الشرطة ثم طرقا قويا على الباب... ذهبت لارا وأدخلتهم وألقوا القبض عليه وهو في تلك الحالة...
وضعوا الأصفاد في يديه وجرّوه للخارج تحت أنظارهم... وعند وصوله للباب الخارجي قبل أن يخرج نظر نحو أنجيلا والدموع في عينيه وقال: "سامحيني على كلّ شيء... أنا نادم على كل شيء"
اغرورقت عيناها بالدموع وشفق قلبها على حاله وقالت بصوت أقرب للبكاء: "لقد سامحتك...سامحتك.."
"هيّا تحرك!" أمره الشرطي بالخروج وشده من كتفه فخرج مطيعا لكلامه ومبتسم الوجه ابتسامة واهنة تدل على الضعف والاستسلام... لقد تخلص من عذاب الضمير وتسامح مع نفسه... فليأت ماهو آتٍ الآن...
خرج جاكلين و أنجيلا ولارا عند الباب منتظرين ركوبه في سيارة الشرطة... فنظر نحوهم نظرة أخيرة وابتسم ثم أكمل المشي...
وكما يقال اللّحظات السعيدة مؤقتة!... دوى في المكان صوت رصاصة قويّ... اخترقت رأس ذلك الشاب فوقع أرضا بدون حراكٍ ولقي مصرعه هناك!...
دفع جاكلين أنجيلا ولارا للداخل:"لا تخرجوا مفهووم!" وأغلق الباب ثم ركض نحو الشاب الملقى أرضا فوجده غارقا في الدّماء تتوسّط جبهته رصاصة حفرت رأسه وحطّمت جمجمته حقا...انتشرت الشرطة في أنحاء المكان وحاوطته في محاولة امساك القاتل...
كانت أنجيلا تمسك رأسها غير مصدّقة ماحدث: "هل مات!!!" قالت لارا بجمود...
نظرت لها أنجيلا بعيون ملؤها الحيرة: "لا أعلم هل نخرج ونلقي نظرة؟"
وقفت لارا وقالت:"لا انتظري بعد" ثم ألقت نظرة من النافذة تتفحص المكان: "الشارع يملؤه الشرطة... لابأس اذ خرجنا"
أومأت أنجيلا بايجاب وفتحت باب المنزل وخرجت مع لارا، وفور خروجهم من باب الحديقة قابلتهم جثة الشاب مرمية على الأرض والدماء تحوم حوله...وبينما هم يشاهدون هذا المنظر المروّع للأنفس وصلت سيارة الاسعاف وغطوا الشاب برداء أبيض ثم أخذوه معهم للمشفى... جلّ ما سمعوه هو كلام الطّبيب الموجود معهم وهو يكلم الشرطي: "لقد مات..."
قال الشرطي: "حقا!... اذن يجب نقل الجثة الى المشفى لاخضاعها للشريح"
تبادلت أنجيلا ولارا النظرات والصدمة تكسو وجوههم: "لارا هل سمعتِ؟ لقد قال جثة! مات يا لارا...مات وهو يطلب مني المسماحة... مات وهو نادم...مات وهو يحمي عائلته... فليشهد اللّه أني سامحته... اللهم ارحمه يا أرحم الرّاحمين واغفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر... اللهم ارحم جدتي ووالدي وصبرني على فراق أحبّتي ولا تُرني سوءاً في أحبابي... " ثم غطّت وجهها وبكت بألم مرير...
احتظنتها لارا وبكت أيضا معها... بكت على
والديها اللّذان لم تشبع بهما وعلى أختها التي لم تعش طفولة كاملة معها وماتت هي أيضا بعد دخولها الميتم...
بعد ساعة جمعوا أغراضهن وقام جاكلين بايصالهن لمنزل لارا...
وعندما وصلوا الى المنزل تفاجأ جاكلين وأنجيلا بالمكان...: "هذا ليس منزلا بل قصرا!..."

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن