الفصل العشرون

3 2 0
                                    

كانت نبرة صوت أنجيلا توحي أنّها على وشك البكاء وظلّت مركزة بعينيها نحو أيديهما المتشابكتين بكل حبّ حسب رأيها هي...
أبعد جاكلين يديه سريعا وقال بارتباك: "الأمر ليس كما تضنين فقد خرجت لأنني...." ثم بقي صامتاً..
ابتسمت أنجيلا ابتسامة جانبية: "لا تخجل جاكلين فالحب ليس عيباً" ثمّ انتقلت بنظرها بقرف نحو يلينا التي تراقب باستمتاع وقالت: "مبارك عليكما"
يلينا باستفزاز: "شكرا عزيزتي الجميلة ربما ذات يوم أنت أيضا ستجدين من يحبك لم لا!"
نظر جاكلين نحو يلينا بغضب: "ماذا تقولين؟"
لكن أنجيلا كان أسرع من أن تكمل سماع حديثهم واتّجهت خارج الحديقة لتستقل سيارة وتعود للمنزل بأقصى وقت ممكن فكمّية الصدمات التي تلقتها هاذين اليومين كافية لادخالها باكتئاب جديد!....
نظرت نحوه يلينا بخوف فلقد كان شكله مرعبا حقاّ عيناه الخضراء المشعّة أظلمت كأنها السّواد بعينه... كيف يتحول المرء بهذه السرعة؟...وقالت باندفاع: " جاكلين أنا..أنا أحبك لن أسمح لها بأن تأخذك مني مهما كلّف الأمر"
نظر لها باحتقار ثم ذهب راكضا خلف أنجيلا... خلف تلك اليتيمة التي لم ولن تهنأ بحياة عادلة مثل البقية...
أراد اللّحاق بها لكنّها كانت أسرع وركبت في سيارة الأجرة نحو المنزل...
"تباً!..." اتجه نحو سيّارته وركب متّجها خلفها...خلف سعادته...
ضلّ يتصل بها لكن لامجيب، ممّا زاد قلبه ألما وثِقلا مع طول الطّريق...التِّلاوة المنبعثة من مذياع سيّارته هي الشيء الوحيد الذي خفف على قلبه آلام التقطّع والاحتراق...
في السيارة الأخرى كانت أنجيلا شاردة الذهن منغمسة في أفكارها، لا تعلم مالذي يحدث معها... تحس كأن جمرة حارقة تتوسط صدرها ولا تستطيع ازالتها... تحرقها بشدة وببطىء...
لم تستطع البكاء حتى...فقالت بصوت منخفض تكاد تسمعه هي: "قلبي يؤلمني...هل أحببته!حقا!... ماكان عليّ فعل هذا... كان يجب أن نبقى أصدقاء! فالحب عمره قصيرٌ جداً.. هاقد خسرتك الآن!" كانت تتحدّث وحدها ثم بدأت دموعها بالانهيار...
بعد دقائق وصلت للفيلا ودخلت بخطوات متثاقلة للحديقة نحو الباب الداخلي...أربكها صوت جاكلين العالي ورائها والتفتت: "أنجيلا انتظري ليس الأمر كما تضنين"
تفاجأت من لحاقه بها لكنها أشاحت بوجهها ثمَّ‌‌ أسرعت بالدخول للمنزل لكنّه لحقها فأمسك بذراعها وأدارها نحوه: "لنتكلّم! "
دفعته بكلتا يديها وقالت باندفاع: "لا أريد... لقد تعبت سأنام"
جاكلين: "لكننا في الصباح!"
أبعدته أنجيلا مرّة أخرى وصرخت بوجهه: "لا شأن لك!!! "
بدت ملامح التّعب تظهر على وجهها ووضعت يدها على الباب لترتكز عليه...
"هل أنتِ على مايرام؟" قال جاكلين وهو يتفحّص ملامح وجهها بقلق...
أجابته وهي مغمظة العين: "اذهب قلت لا شأن لك"
أراد أن يمسك بها لكنّها منعته مرّة أخرى فقال: "اهدئي الآن حسنا؟...وجهك شاحب يجب أن ترتاحي قليلا!"
كانت ستردّ عليه لكنّها لم تستطع الكلام وأغمي عليها ... أمسك بها بهلع وحاوط رأسها قبل أن تقع على الأرضية: "أنجيلا أرجوكِ استفيقي!!"
سيطر الذعر على ملامحه وارتبك عندما رآها هكذا بدون حراك: "أرجوكِ استفيقي!... لن أسامح نفسي على فعلتي هذه... أفيقي عزيزتي" كان يلطم وجهها بلطف حتى عقدت ملامح وجهها دلالة على أنها في وعيها،  صرخ بقوة وقال: "هل من أحد هنا"
خرجت رئيسة الخدم بسرعة وأمرت الخدم باحضار المياه...
"مالذي حدث سيّدي؟" سألته بفضول وخوف
جاكلين وهو لا يزال يمسك برأس أنجيلا: "عندما تنفعل وتغضب جدا يحدث هذا معها، أرجوك دُلّيني على غرفتها لأضعها هناك"
أومأت رئيسة الخدم بايجاب وحملها جاكلين بين ذراعيه بلطف الى غرفتها في الطابع العلوي...ووضعها بهدوء ونزع حذائها وحقيبتها الملتفة حول رقبتها ثم التفت للخادمة وقال: "شكرا سأهتم بالباقي"
أومأت رئيسة الخدم بايجاب وخرجت وأغلقت باب الغرفة... زفر جاكلين بهدوء وهو يحاول ترتيب أفكاره المشوشة، التفت نحو أنجيلا فوجدها تغط في نوم عميق فابتسم وتمنّى في نفسه أن يرزقه الله رؤيتها دائما بقربه...
أمسك بدفتر أوراق موضوع على الرّف وقطع منه ورقة وكتب فيها ملاحظة ووضعها فوق الطاّولة الصغيرة مع أغراض أنجيلا ثم نظر لها مبتسما نظرة أخيرة ثم غادر الغرفة والفيلا كلها...
في المشفى كانت لاتزال كريستن ولارا وأليس عند اليكس قبل أن تتنحنح اليس  ثم تقول: "حسنا كما يقولون زيارة المريض قصيرة، سنذهب الآن سيد اليكس ونتمنى لك الشّفاء العاجل قريبا"
أومأت لارا موافقة على كلامها: "تقوم بالسلامة في أمان الله" ثم غمزت لكريستن لكي تقوم أيضا لكنّ اليكس أمسك بيدها...
ابتسم اليكس وقال: "أشكركم على الزيارة يا فتيات لكن أتمنى أن لا تمانعوا لبقاء كريستن معي لبعض الوقت؟"
ابتسمت كريستن وضلت صامتة، نظرت لها لارا بنصف عين وقالت مخاطبة أليس: "أنظري جيدا كيف تدّعي الخجل الآن"
ضيقت أليس عينيها وقالت: "نعم أنا أرى... وأنظري للسيد اليكس كيف أصبح محترما جداً ويستأذننا لبقاء حبيبته معه"
ضحكت لارا وقالت: "اااه مالذي فعله الحب بكم... ستمر الشهور وتكتشفون حقيقة بعضكم وهنالك امّا أن تقرّروا المتابعة رغم المصاعب أو الانفصال"
انفجر اليكس ضحكا وقال: "لا تخافي فالطيور على أشكالها تقع ستتقبلني كما أنا وأنا كذلك"
قالت كريستن  بغضب: "أهذه مجاملة أم انتقاد؟"
اليكس وهو يحدق بعينيها بهيام: "حقيقة يا عزيزتي"
صرخت لارا بنفاذ صبر: "اااه أنا أختنق المشاهد الرومانسية تخنقني"
ضحكت أليس ثم دفعتها خارجا....
ضل اليكس يحدق بكريستن وقال: "وأخيرة لوحدنا"
تنحنحت بخجل وقالت في محاولة لتغيير الموضوع: "هاا اذن هل لوالدك علم بما حدث؟"
زفر اليكس: "نعم بالطبع فالبارحة ضلّ معي اللّيل بأكمله حسب كلام جاكلين لكنني لم أره فقط سمعت صوته عندما كنت نائما..."
ثم تابع بجدية: "بعد هذه الحادثة أعدت ترتيب حساباتي وفور أن أراه سأطلب منه أن يسامحني على تقصيري... فمنذ زواجه وراء والدتي أصبحت لا أطيق حتى النظر اليه، وعودتي الى هنا كان الحاحا من والدتي فقط...فحتى بعد تركه لها لاتزال تذكره بالخير أمامي وتمجده وأنه أفضل أب وهذا ماجعلني لا أطيقه..."
أحسّت كريستن بنبرة الحزن في صوته فقالت: "لديّ فكرة تجعلك تتصالح مع والدك"
فرح لاهتمامها بمشاكله وقال بنبرة مرح تخلصه من الموقف المحزن: "ماهي؟"

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن