الفصل الواحد والعشرون

3 2 0
                                    

استيقضت أنجيلا بعد ساعات من النوم وهي تحس بالتعب نظرت للساعة الخشبية المعلقة على الحائط للتفاجأ بأنها في المساء
: "اوه انها الرابعة! هل نمت كلّ هذا الوقت!"
فركت رأسها وهي تتثائب تحاول تذكر سبب نومها ويا ليتها لم تتذكّر... فأول ماتذكرته تشابك أيادي الحبيبين أمام أعينها وكيف وصلت للمنزل بدون وعين وكيف أغمي عليها...: "اذن ذلك الوغد من حملني الى هنا، لن تنطلي عليّ ألعاب البطولة خاصته!" 
ثم نهضت بغضب وحملت هاتفها لتنتبه الى ورقة موضوعة على الطاولة الجانبية للسرير بعناية عليها ملاحظة صغيرة... احتارت لوهلة ثم فتحتها لتقرأ مابداخلها: "أنجيلا ليس الأمر كما تضنين حقاً... تعالي للعنوان المدرج بالأسفل وستفهمين كل شيء... جاكلين"
عقدت حاجبيها بغضب وكمّشت الورقة بيدها ثم رمتها في السلّة وخرجت من الفيلا متجهة نحو الحديقة... تريد أن ترتاح أن تنظّم أفكارها أن تخرج من المتاهة التي هي بها الآن...
كانت تستنشق عبير الزهور المنبعث من كل مكان...تداعب نسمات الهواء شعرها البني الحريري الذي ينحاز بخفة نحو وجهها الناعم ويدغدعه... ابتسمت حتى ظهرت أسنانها بل ضحكت ورفعت يديها  لنسمات للهواء سامحة لها بالتغلغل بأعماقها لعلّها تحمل في ثناياها هموم قلبها وحزنها... لكنّه ثقيل على أن تحمله نسمات الهواء...
أنزلت يديها بهدوء والتفتت نحو باب الفيلا المفتوح... قررت الدخول وأول ما قامت به عند صعودها للغرفة أخرجت الورقة المكمّشة من السلة وجعلت تقرأها وتقرأ معها العنوان بابتسامة جانبية...لقد نما في قلبها ذرّات من الأمل، وأنها قد أخطأت في حقه وظلمته..!
وبما أنّها شخصية مزاجية فجأة كست ملامحها القلق وقالت: "كفاكِ دفاعا عنه هو يحبها وهي كذلك ولا شأن لي بهما.. لكنني سأذهب لأسمع مايقوله من أكاذيب وأضع حدا لصداقتنا... "
ارتدت أنجيلا ملابسها المكوّنة من فستان أزرق بلون سماء اللّيل يصل لتحت ركبتها مع 
جاكيت دجينز قصيرة تصل لخصرها بأكمام طويلة وارتدت معها جزمة بيضاء أنيقة تتناسب مع فستانها الأزرق...كم كانت جميلة وأنيقة!...
التفت حول نفسها بدلال ثم أطلقت العنان لشعرها بالانسياب على كتفيها بخفّة، أخرجت ماكياجها ووضعت القليل من أحمر الشفاه ومشطت رموشها بعناية ما أبرز لون عينيها البندقيتين... ابتسمت وقبلت نفسها في المرآة ثم حملت حقيبتها القماشية وضعت داخلها هاتفها وماتحتاجه ثم خرجت الى وجهتها... نحو معرفة الحقائق...
كانت تمشي وقلبها يدق بسرعة،  لقد أقنعت نفسها أنها آخر مقابلة معه... مع صديق طفولتها وحياتها... لاتدري هل تستطيع تحمل البقاء بدونه لكنها تعلم أنها ستحاول وتعصي قلبها مهما كلّف الأمر...
عند خروجها من الفيلّا وجدت أليس ولارا متجهين نحو الداخل... قالت لارا وهي تتفحصها: "اوهوو الى أين تتجه ملكة الجمال هذه!"
بدأت أليس بالتصفيق والتصفير: "ماهذا يا فتاة هل تريدين سرقة قلب أحدهم؟"
ضحكت أنجيلا: "لديّ موعد سرّي عند عودتي سأوافيكم بالتفاصيل..." ثم تابعت بتساؤل: "بالمناسبة أين كريستن هل أتيتِ بدونها؟" قالت أنجيلا موجّهة سؤالها لأليس...
أليس ببرود: "لقد استبدلتني بحبيب القلب اليكس هي معه بالمشفى الآن...
أنجيلا:" اها حسنا... على كل حال وداعا أراكم لاحقا"
ودعوها ثم غادرت مسرعة...
لارا: "لنرى مالذي سيخرج من تحت هذه الأسرار"
أليس بضحك: "أضنها قصة حب جديدة وخجلت أن تخبرنا"
في مكان آخر... وبالضبط في مكان التقاء الصّديقين الحبيبين... كان جاكلين ينظر للساعة باستمرار بتوتر واضح،  يطقطق أصابعه من حين لآخر وهو ينظر للطريق ومن ثم الى ساعته الفضّية...
قال باقتضاب: "ماذا بي؟ لم كلّ هذا التّوتر وكأنها المرّة الأولى التي التقي بها!هيا اهدأ..!"
بدأ يستنشق الهواء بقوّة يريد ملىء رئتيه قدر المستطاع... ثم زفر لوقت طويل حتى أحس بالتعب...
وبينما هو هكذا... رفع رأسه ليجدها أمامه تنظر اليه بغرابة من باب نافذة السيارة ففزع: "على الأقل القي التحية... لقد أفزعتني"
ركبت السيارة وأغلقت الباب بقوّة ثم قالت بغضب: "هنالك من يلقي عليك التّحية وأفضل منّي أيضا لا شأن لك بتحياتي أنا"
رفع جاكلين حاجبه بتساؤل: "لم أفهم؟"
لم تزدها كلماته الا غضبا فقالت بوجه محمر: "بل تفهم كل شيء، هل أبدو لك حمقاء لدرجة أن تنطلي علي أفعالك الغبية والحقيرة هذه!!"
صرخ بوجهها بغضب: "أنجيلا الزمي حدودك! "
حملقت به باندهاش ثم بدأت بالبكاء: "منذ متى تصرخ بوجهي يا جاكلين!"
نظر جاكلين نحوها بذهول ثم تدارك خطأه عند صراخه عليها وكم لعن نفسه ألف مرّة عندما رأى دموعها تنهمر على خديها المحمرّين..فقال بصوت مبحوح بالكاد أخرجه: "أنجيلا توقفي أرجوك أنا آسف حسنا!"
قالت بصوت باكي: "هيا أخبرني! هل هناك المزيد لتجرحني به؟ لتفعله الآن ولنفترق بأمان أرجوك"
وجهت أسهم الأسئلة اللّاذعة نحوه باندفاع فكان قلبه ينزف دما لكلامها وبكائها...
اقترب منها ثم تدارك نفسه ورجع للخلف... كان يريد مسح دموعها المنهمرة لكنّه لم يرد لمسها فأخرج منديلا وقرّبه من وجهها قائلا...
: "هيا امسحي دموعك هنالك ما أريد أخباركِ به"
أمسكت من يده المنديل ومسحت دموعها ثم قالت: "هيا قل لقد أوشك الظلام لأعود للمنزل"
تنفس بهدوء وضبط نفسه ثم قال: "أوّلا سأسألكِ سؤالا ثم سأخبركِ بكل ماعندي"
أومأت بايجاب لموافقتها على كلامه..
فقال بهدوء: "حسنا... لماذا أبديتِ ردة فعل كهذه عندما رأيتني أجلس بجانبها ونتشابك الأيادي... أقصد لماذا غضبتِ؟"
قالت بغضب: "وأنت لماذا ركضت نحوي لتفسر لي ماحدث..لماذا ردّة الفعل تلك؟لماذا توتّرت!... "
حملق بها ببرود: "بما أنكِ ترُدِّين السّؤال بالسؤال فسأدخل بالموضوع دون مقدمات"
وعند سماعها وفّرت جميع حواسها لسماعه بل تريد أن تدخل برأسه لتعرف اجابات لجميع تساؤلاتها....
ابتسم نحوها وقال: "أوّلا خرجت من المشفى غاضبا نحو الحديقة... بعدها جاءت ووجدتني جالسا في المقعد غاضبا فجلست معي لتواسيني لكن بعدها وبدون مقدّمات أمسكت بيدي ثم تفوّهت بذلك الكلام الغبي...لم أتوقع أن تصارحني هكذا صدّقيني وما رأيته وفهمته خاطئ تماما"
ظلّت تحدّق به لبرهة وهي تحاول أن تعي ماقاله لكن جانبا ما بقلبها كان فرحا...
لكنها استطردت وسألته باندفاع: "ولماذا كنت غاضبا؟ هل لبقائك معي بالمشفى؟"
حرّك رأسه ثم زفر بقلّة حيلة: "أنجيلا توقفي أرجوك لماذا أصبحتِ عدوانية هكذا!"
وضعت يدها على فمها ممازحة وقالت: "لقد صمتت هيا أكمل"
ضحك لتصرفها الطّفولي وأجابها: "كنت غاضبا لأنني..."
أنجيلا بنفاذ صبر: "هيّا أكمل لأنّك!.."
قال باندفاع: "لأنّني غرت حسنا! غرت وغضبت من مجاملة اليكس لك وأنت تبتسمين"
لم تتوقّع أنجيلا اجابته وأحسّت أن الحرارة تخرج من وجهها واحمرّت من الخجل ثم قالت....

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن