الفصل السادس عشر

7 3 0
                                    

بعد سويعات اصطفّت سيّارات الشُّرطة بشكل متسلسل أمام منزل اليكس وكان والد جاكلين معهم بالدّاخل للتحقيق مجددا  في هذا الأمر المريب... اتخذوا الاجراءات اللّازمة وقاموا بجمع عيّنات من الدماء المتناثرة في كل مكان كدليل، لم يخبروا والد اليكس بعد خوفا عليه فهو مريض بالقلب...وأي صدمة قد تؤدي به الى الهلاك... ينتظرون ماذا سيخرج من هذا الأمر... ربما تكون هذه الدّماء لحيوان أو أي شيء غير اليكس!....
لم يسمحوا لهم بالدّخول لوجود آثار جريمة في المنزل وكم زاد هذا حال كريستن سوءاً...وعادوا أدراجهم للمنزل ولا يسعهم الآن الاّ الدُّعاء له بأن يكون بخير...
قامت الشرطة باستجوابهن لمرة أخرى ثم أطلقوا حال سبيلهن وطلبوا منهن العودة للمنزل...
كان جاكلين مع الشرطة في منزل اليكس مصدوما ممّا رآه، ولم يستطع أن يفكر الا بأن شيئا ما قد حدث لصديقه حتماً...
ربّت والده على كتفه بحنو وقال: "تفائل خيرا... لم نكتشف بعد لمن تعود آثار الدّماء هذه... ربما ليست له! "
أغمض جاكلين عينيه بألم وقال: "هذا منزله يا أبي ليس لديه حتى حيوان أليف أو أي كائن غيره في هذا المنزل!" ثم انفعل كأنما تذكر شيئا وقال بشيء من اللّوم: "لو كان بيت والده آمنا لما حدث هذا أساسا...فأبوه يعلم أن جيدا أن ابنه هجر ذلك المنزل منذ انفصاله عن والدته...وبدل أن يحتويه ذهب وتزوج ثانية..." 
نظر ديفد بابنه بغضب: "انتبه لما تقوله ولا تدع غضبك يسيطر على كلامك هل هذا وقت اللّوم والهراء الآن! "
زفر جاكلين بغضب والتزم الصّمت...
                           ***
  مرّت الساعات ولم يظهر أي خبر عن اليكس ممّا زاد الجوّ تشاحنا وتوترا...
كانت أنجيلا والفتيات جالسين في غرفة الاستقبال منهمكين في التفكير... لا يسعهن الا الانتظار وما أصعب الانتظار وما أقساه!...
كانت كريستن تقضم أضافرها بتوتر وتحرك رجليها بعصبية...تحاوطها الأفكار السلبية من شتى الاتجاهات وليس لها الّا أن ترضخ لها... اقتربت أليس منها واحتضنتها بعمق وجعلت تربت على ظهرها لتهدأ: "اهدئي سيكون كلّ شيء على ما يرام لاذنب لكِ بأي شيء ممّا يحدث الآن تذكري جيدا... "
وكأنّما أليس داست على وترها الحسّاس... فالشعور بالذنب يقتلها...لسبب ما تلوم نفسها على أنها السبب بما حدث له...فانفجرت بالبكاء وقالت بين شهقاتها: "أنا السّبب أنا المسؤولة عن هذا...انه ذلك السّفاح أعلم... يؤذي كل مانحب ليقتلنا ببطىء...رأيتم ماذا حدث لجاكلين... مع كل هذا لم أهتم وواعدت اليكس... ليتني أحببته من بعيد..ليتنا بقينا أصدقاء من الأساس فالحب لعنة!... "
بكت في حضن أليس لفترة ثم شردت بين أفكارها مرّة أخرى...
ابتسمت أنجيلا محاولة تلطيف الأجواء وقالت: "كريستن عزيزتي اذهبي الآن توضأي وصلي ركعتين وادعي أن يحميه الله ويكون بخير هذا هو الصّواب صدقيني كفاكِ بكاءا الآن..."
اومأت كريستن واغمضت عينيها بايجاب فسقطت آخر دمعتين متحجرتين بعينيها...
واتجهت نحو الحمّام لتتوضأ...
أمسكت أنجيلا الهاتف محاولة الاتصال بجاكلين لربما هناك أخبار جديدة ولسوء الحظّ وجدته مغلقا: "اللّعنة! هاتفه مغلق..لم قد يغلقه في وقت عصيب كهذا؟.... "
وهنا دب صوت صراخ قوي في أنحاء المنزل... لقد كان صوت كريستن...
صرخت لارا بهلع: "كريستن!... "
نظروا تجاه باب الغرفة ثم اتجهوا راكضين نحو الحمّام...لم تحملهم أجسامهم حتى الركض..
وجدوها شاحبة اللّون كأنها شبح، وقد كانت عيناها معلّقتان على شيء واحد... صنبور المياه...
حوّلوا نظرهم الى ما تحدق به فوجدوا منظراً تشمئز منه القلوب وتهتز له الأوصال...
كان صنبور المياه يخرج دما... مياه مختلطة بالدّماء في منظر مهوّل...
كانت تنسكب بهدوء في حوض الحمام...
لم يفهموا لم بستوعبوا حتى... وأنّ للعين أن تصدق ماترى وأنّ للعقل أن يفهم ماذا جرى؟!
في هذه اللحظة رنّت أربع هواتف في وقت واحد فاكتملت الفاجعة...وفهمت اللعبة...وهاهي رسالة اخرى تحمل في طياتها تهديدا جديدا...
"ما أجمل أن تمنح من تكره شعور الفقد...ابحثوا جيدا فربما اليكس معكم الآن!... الوقت ينفذ تيك تاك تيك تاك.."
القت لارا الهاتف والتفتت نحوهم بسرعة: "هل فهمتم شيئا!!"
فوجدتهم بوجوه مصفرة من الخوف ابتعلت كريستن ريقها وقالت بتردد: "اليكس حيّ اليس كذلك؟"
أما أنجيلا فبقيت مبهمة... لقد مرّ شريط ذكريات وفاة جدتها الآن...لقد أصبح هذا المكان بمثابة منزل أشباح حقا!!.. كلّ المجازر والجرائم قد حدثت به...لحد الآن هذه الضحية الثانية التي تقام هنا... وهل هي الأخيرة؟!
صحيح أن الألم في الحياة أمر لا مفر منه، ولكن المعاناة ليست كذلك!!... ليست كذلك!!.
قطع شرودها صوت اليس باكية تقول: "ماذا سنفعل ماهذه الدماء... قلبي سيقف من الخوف..هل سنموت نحن أيضا! "
استجمعت لارا نفسها وقالت بهدوء: "هذا يعني شيئا واحداً...احتمال واحد لا غيره اليكس حيّ وهو في المنزل بتفسير ماقاله في الرسالة"
صرخت كريستن بانفعال وقالت: "لكن أين هو!!"
وكأن شخصا ما ضرب أنجيلا على رأسها واستفاقت من تفكيرها: "الخزان...كيف لم نفهم!!"
نظروا لها بعدم فهم ثم أكملت: "خزّان المياه!! اليكس داخل خزان المياه... ربما هو مصاب وهذه الدّماء تعود له!!! "
وبعد أن فهموا اللّغز انطلقوا مهرولين نحو خزان المياه الموجود خلف المنزل...
صعدت لارا في سُلّم الخزّان وفتحته بصعوبة... كان الجميع محملقين بأعلى السُّلم منتظرين ما سيحصل معهم... ولكم أن تتخيلوا ماذا وجدت....
هل كان تحليل أنجيلا للغز صحيحا!!! هل هي دماء اليكس حقا!!، ربما يكون شخصا آخر تماما تناسينا عنه!!! من يدري؟!
وما أصعب المفاجآت القاسية...ماأصعب أن تواجه مالا تريد..وماأصعب أن ترى ما يقتلك في الثانية ألف مرة....
هل مازال أمامهم الكثير من أيام التعب!!أين خط النهاية...

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن