بسم الله يلا نبدا:
في إحدى الساحات الشاسعة للغابة الُمظلمة وأمام صخرة كبيرة، كانت تنتصب هناك قالت ت" اج " وهي تصالب يديها وتحادث حفيدها:
سوف تستطيع فعلها بالتأكيد!!
ولكن ليست هناك فتحة في تلك الصخرة لكي أستطيع العبور من خلالها للجهة الأخرى!!
أنت لست في حاجة لوجود فتحة لكي تستطيع العبور.
ولكن كيف؟!
افعل كما أخبرتك وكفاك تذمرًا.
هذا ما دار بينهما وهي تحاول تعليمه استخدام مهارة العبور " النفاد من خلال الأجسام الصلبة "....
غير أنه لم يكن واثقًا من قدرته على استخدام تلك المهارة ورغم ذلك إلا أنه سوف ينفذ ما هو مطلوب منه....
تراجع عشر خطوات إلى الوراء ثم راح يركض باتجاه الصخرة بكل سرعته وبدل العبور من خلالها للجهة الأخرى، اصطدم بها ووقع أرضًا....
تسبب ذلك الاصطدام بفتح جرح عميق في منتصف جبينه تسرب من خلاله الدم إلى عينيه وأنفه التفت نحوها وقال بشيء من العتاب:
ألم أقل لك بأنني لن أستطيع؟!
ركض " إكليل " نحوه ليطمئن عليه وما أن شاهد الجرح حتى صاح بصوته الناعم....
قال الطفل ليطمئنه:
لا تقلق، أنا بخير.
سدت " تاج " بيدها فتحة الجرح ومسحت بيدها الأخرى آثار الدم من على وجهه، نظرت إلى عينيه البُندقيتي اللون بصرامة كما لو أنها بنظرتها تلك كانت تعاتبه على اصطدامه بالصخرة....
سألت:
من أنت؟!
الطفل.
أجاب ببراءة.
لم أقصد اسمك أقصد من تكون!!
رغم بساطة السؤال إلا أنه لم يعرف بماذا يجيب....
قالت " تاج ":
إذا كنت فعلًا تريد النجاح في تحقيق أهدافك يجب عليك أولًا أن تعرف نفسك جيدًا....
لهذا دعني أسألك مرة أخرى، من أنت؟!
فكر قليلًا وعندما فشل في التوصل لإجابة قال:
لا أعرف.
آآ....
قالت تاج ببطء وهي تشير بيدها نحو نفسها:
برآ كآداا برآ.
ثم أعادتها مرة أخرى حتى تعلمه طريقة نطقها:
" آآبرآ.... كآداا برآ، وتعني أنا الذي يصنع ما يقول. "
حرك رأسه دليلًا على الفهم والطاعة.
والآن أخبرني من أنت؟!
أعادت " تاج " سؤالها عليه.
آ....
قال وهو يشير بيده نحو نفسه مقلدًا:
برآ كآ داا برآ....
هل تستطيع اختراق تلك الصخرة؟!
سألت.
نعم، أستطيع.
أجاب بثقة.
إذًا....
صاحت وهي تصفعه على مؤخرته:
اذهب واصنع ما تقول!
متناسيًا الألم الحارق والذي يسببه له الجرح المفتوح في جبينه، تراجع عدة خطوات إلى الخلف ثم وقبل أن ينطلق لتحقيق هدفه وقف " إكليل " أمامه فاردًا جناحيه راسمًا بهما علامة ،قف كما لو أنه يريد منع سيده من أذية نفسه:
إن كنت تؤمن بي فابتعد!
صاح عليه.
رغم عدم ثقة " إكليل " التامة به إلا أنه اخفض جناحيه وابتعد عن الطريق....
نظر نحو الصخرة الكبيرة بإصرار وقبل أن يركض باتجاهها قالت له " تاج ":
تنفس عبر فتحتي أنفك اشعر بالهواء وهو يغذي داخلك وعندما تشعر بأنك مستعد انطلق!!
تراجع خطوات إضافية للخلف أغمض عينيه أخذ نفسًا عميقًا عبر فتحتي أنفه وأحس بالأكسجين وهو يجري عبر قصبته الهوائية مستقرًّا في رئتيه مغذيًا بعد ذلك كل خلايا جسده....
وعندما شعر بأنه مستعد فتح عينيه وقد اصطبغت عينه اليسرى باللون الأحمر القاتم، ثم سمح لقدميه بأن تدفعانه نحو الصخرة....
أما " إكليل " فإنه أشاح بنظره نحو الجهة الأخرى، إنه لا يرغب في أن يكون شاهدًا على تحطم رأس سيده، بينما حبست " تاج " أنفاسها وهي تراقب انطلاقة حفيدها نحو الصخرة، فرغم ثقتها به وتحفيزها المتواصل له، إلا أنها لم تكن متيقنة تمامًا من أنه سوف يكون قادرًا على استخدام مهارة " العبور " خاصته بهذه السرعة!!
وعندما جاءت اللحظة التي كان من المفترض أن يصطدم بها في الصخرة ويسقط أرضًا كما حدث معه في المرة الماضية، استطاع أن يخترقها ويعبر من خلالها للجهة الأخرى...
عاد " إكليل " لينظر باتجاه الصخرة حتى يرى ما الذي حدث ولكن عندما لم يجد له أثرًا أطلق صوتاً ناعمًا يحمل نبرة استفهامية، كأنه يسألها عن المكان الذي ذهب إليه سيده....
فتحت " تاج " فمها لتخبره بالجواب ولكنها قبل أن تتكلم صاح الطفل بكل صوته وهو يكمل طريقه ركضًا بين الأشجار العالية المتشابكة للغابة الُمظلمة:
" آآبرآ كآ دآآبرآ، أنا الذي يصنع ما يقول!! "
الحمد الله كده خلصنا.
أنت تقرأ
أبَابيل
Romance" الجنية " جومانا " التي تزوجت بالإنسي " بحر " رغمًا عن أنف عشيرتها من الجن، مندفعةً بعاطفة الحُب مغيبةً العقل.... " ------------------ رواية " أبَابيل " الجزء الاول. ...