١١. إيلير

34 5 50
                                    







-ابنك حي يرزق-

قاد سيارته دون أن يملك أدنى فكرة عن طريقه. لا يدري إلى أين هو ذاهب ولا يدري إن كان ذاك الطبيب صادقا بما قال.

لكنه تشبث بالأمل الصغير بأنه لا يكذب.

-لقد جئتك بعد أن تيقنت مما رأيت، الفتى حي ويعيش في غابة بيتسفورد على أطراف الطريق المؤدي للعاصمة-

قال الرجل كل شيء.
أدلى بما يملك بوصف دقيق لا يكاد يكون كذبا.

هو لا يريد منه أن يكون كذبا.

لذا دعى باستماتة أن لا يكون، دعى بدموعه أن لا يكون قد استغله بدوره بعد أن رماه الكون.

-بعد اللوحة التي تحمل إعلانا عن إنشاء ميناء كينيدي..-

بحثت عيناه عن اللوحة حتى رآها في نطاق بصره.

-ستجد جزءا من السور مكسور. كما لو أنه قد كُسر عمدا-

فتباطأت تحركات سيارته بعد أن تخطى اللوحة، وركز بعينيه بحثا عن مراده حتى ناله. الرجل محق.

هناك جزء مكسور..

لذا أوقف سيارته هنا تماما وتنفس بعمق أثناء ميله على المقعد المجاور ليرى شيئا مما قد يكون خلف هذه الجذوع السميكة للأشجار.

لكنه لا يبصر سوى العتمة.
الشمس على مشارف الغروب وهو لا يدري ماذا ينتظره بين هذه الاشجار. لكنه لن يعود دون لوهان.

لذا فتح الدرج الأمامي للمقعد المجاور وسحب مسدسه ليتأكد من كونه ملقن، تبع ذلك بأن التقط مصباحا تأكد من كونه يعمل. وسحب المفاتيح من سيارته ليغادرها وكله عزم بأنه لن يرجع وحده.

حفيف الأوراق، صدى تهشمها الضعيف تحت حذاءه الباهظ وصوت أنفاسه المهتزة التي زلزلت صدره أثناء ترقبه للمحيط بأعين مرتاعة منهكة تداخلوا ليشكلوا سيمفونية قلق مرهبة.

مصباح صغير تموضع بكفه الأيسر يضيء لأجله الطريقة الذي بدأ الضي ينسحب منه شيئا فشيئا ليزامن بذلك تلاشى الشمس في الأفق.

لأول مرة كان الصمت صاخبا، كان نبضه صاخبا. كانت روحه تستغيث وعيناه تبحثان بتوق.

صوت بوم صدح يرجف أوصاله بهذه العتمة وزامن ذلك صوت حفيف صاخب للأوراق دفعه للمشي بسرعة أكبر على الطريق الموصوف.

-لن يكون الطريق ممهدا، لكنه سيكون الأكثر تمهيدا في محيطك-

الطريق الوحيد الذي كان يحمل عددا أقل من الأوراق الجافة. الطريق الذي رغم اندماجه بالمحيط بدا ممهدا. رغم عسره كان..

فلهث بعناء حين أدرك أنه لربما أضاع السبيل، توقف للحظة ودار بالمصباح ليحدق بالأرجاء، بالمحيط، يبحث عن أي أثر.. أي صوت..

𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن