𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرى

٢٧. تأثير الفراشة

"إيلير.."

نودي الاسم وأجيب النداء بغمضة عين، أجيب ببسمة من المعني وهمسة خافتة توضح إنصاته التام للناطق.

"أجل؟"

كان سيهون يشد على كأس النبيذ بكف ساخن محموم، عيناه تحدقان عبر النافذة بالظلمة التي تلحف البيت من كل صوب والجذوع السميكة التي تتشكل بهيئة آدمية ترجف كيانه.

كابوس فيندربيلت لن يموت.. مادام حيا.

"أتعرف ما يعنيه تأثير الفراشة؟"

مال رأسه المعني بحيرة، زم شفتيه مفكرا بالسؤال لوهلة قبل أن يجيب سيهون الذي لازم التحديق بكل الأطياف والظلال التي أخذت تتشكل حول البيت.. كل تلك الأعين التي تترقبه في قلب العتمة.

"لا أعرف.. ماذا يعني ذلك؟"

سأله بفضول وتقدم خطوة ناحية الصوت، خطوة واحدة ابتسم أثناءها كطريقة لإبداء مدى اهتمامه بأيا كان ما قد يعنيه ذلك.

مادام سيهون ينوي الحديث بشأنه فهو مهم..

فارتشف سيهون من كأسه، ابتلع السائل اللاذع وشعر به يسلخ أمعاءه ويعري صلبه النجس وحقيقته الخائنة.

لم يستغرق ذلك الوقت ليفكر..
لأنه كان يملك الإجابة قبل التفكير بالسؤال.

"هذا ما يحدث عندما تؤدي الأخطاء الصغيرة لبلاء لا يزول إلا بزوالها.."

بهتت تقاسيم الأصغر بارتباك.
النبرة التي صاحبت هذه الكلمات كانت مفاجئة وجديدة.

نبرة هو يسمعها لأول مرة وعاجز كل العجز عن تحديد الشعور الذي يصاحبها.

لكنه تعرف على الشعور المقلق الذي غمر صدره، ذاك الشعور الذي دفعه لتراجع الخطوة التي تقدمها.

ماذا عنى سيهون بذلك؟

"أي خطأ ولو كان طفيفا.. قد يؤدي لخسارة عدد مهول من الحيوات.. قد يؤدي لخسائر طائلة عزيزي إيلير.."

لزم المعني الصمت.
ترك سيهون يرتشف المزيد من نبيذه ويرخي كفه على الإطار البارد للنافذة مترقبا..

يقتنص اللحظة التي يقتل بها الأسباب..

وفي تلك اللحظة التقط إيلير مسماه، واستساغ عقله اختلاف الشعور الذي يصاحبه هذه المرة.

في العادة ينطق سيهون اسمه بنبرة أشد رفقا ورقة. بنيرة حانية ناعمة.

واحدة لا تخدش أسماعه حتى.

لكن الآن..
كان اسمه يصحبه بغض وكره قاتلين.

مزيج مربك من المشاعر السيئة التي دفعت سؤالا واحدا ضائعا لمغادرة ثغره.

سؤال هو لا يدري حقا لمَ لم يطرحه مسبقا..

"سيهون.. مـ..ماذا يعني إيلير؟"