النوافذ موصدة، الأضواء مطفأة ونسمات الهواء ترج في هيكل القصر الخالي لتزيد من ذعر مالكه ذعرا.
قلبه لم ينبسط منذ أن انقبض بتلك الليلة.
عقله يغرق بين أكوام الزجاجات الخاوية ويتخبط متمايلا بين قطرات النبيذ والكؤوس المترامية.دخان السجائر متكدس في محيطه يزيده ضيقا على ضيقه ويعمي عينيه المنهكتان المحمرتان عن أي طريقة.. أي واحدة فقط يجد بها طريقا لابنه.
فرمش يعفي عينيه من حرارة الدخان ولم يحاول النوم جذبه إليه. لم يحاول إغراقه في ثناياه ليغوص بواقع لا يفقد به لوهان.
فرفع كفه الذي كان يرتخي على سطح مكتبه المكتظ بالنفايات والأوراق وأعقاب السجائر المنطفئة ليرخي السيجارة بين شفتيه وبذبول يسحب نفسا عميقا منها علها تفنيه بطريقة ما.
المال لم يحميه.
المال لم يبقيه.
لم يكن المال حلا هذه المرة.لقد نشر الإعلانات في الصحف والمجلات، على شاشات العرض الموجودة بكل الطرق وفي محطات الإذاعة كلها. عرض مبلغا سخيا من المال.
زاده مليونا حين لم ينل إجابة.
زاده مليونا أخرى وتوافدت الشهادات الكاذبة تطمع بالمال.بحث ونشر الباحثين في كل مكان.
سخر الشرطة ورجال الأمن والمخابرات ليجدوا أثرا واحدا. واحدا فقط يقوده إليه.ولم يجدوا أي أثر.
اختفى لوهان كأنه لم يكن.
تلاشى كالعدم.خمسة أشهر.. خمسة أشهر بلياليها دونه في الأرجاء.
دون صوته الذي يهدئ من قلقه ويخرس كل الأصوات المتضاربة بعقله.
خمسة أشهر خوا بها القصر من كل ساكنيه.
جميعهم عدا خادمة واحدة أصرت على البقاء، رفضت المغادرة وتركه بهذا الحال يتخبط دون معين.بقيت دون أن تطالب بأجر بقائها وحاولت أن ترعاه حتى يجد ضالته.
فصدح الطرق يشتت عيناه المحدقتان بالصورة التي تجمعه بصغيره، وأسدل جفنيه يرد بصوت ذابل مبحوح داع بأن لا تنصت الطارقة لرده أبدا.
"ادخلي"
ففتحت الباب وأطلت برأسها لتنظر إلى حاله. إلى رأسه الثقيل المرتخي على المكتب بين أكوام الأوراق والجرائد التي تحمل صور ابنه.
شدت على الطعام الذي تحمل بين يديها وتنهدت بخفة أثناء مضيها نحوه بحذر في المساحات الصغيرة الفارغة كي لا تتعثر بشيء.
"سيدي.. عليك أن تأكل شيئا"
همست بخفوت وموضعت ما تحمل على طاولة القهوة الصغيرة قبل أن تنظر إلى قمة رأسه المنهك وتبدأ بحمل الأوراق لتضعها في كومة واحدة علها تظهر معالم المكان.
أنت تقرأ
𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرى
Fanfiction"أنت تحتاج المال وأنا أحتاجك لتحمي ابني، هذا متبادل سيهون" "كل ما أطلبه منك أن تكون صديقا للوهان"