٣١. جناحين

19 4 22
                                    










أغلق لوهان الخط وقلبه يعتصر نفسه بمرارة، بكى للحظات في بقعته بعيدا عن عيني سيهون واستدرك نفسه ووضعه حين أخذت الظلمة تخيم على المحيط وبلغه صوت سيهون مناديا بسأله إن كان يشعر بالبرد.

لقد كان..
كان قلبه يرتجف بردا.

وكانت يدي سيهون أشد دفئا وحنانا من حاضره وماضيه.

سيهون الذي كان يستحق كل المواساة واساه وضمه ما إن دخلا للبيت. سيهون الذي كان بحاجة للعناية اعتنى به تلك الليلة وأخذه بين ذراعيه معانقا وهو يسأله إن كان يتقلب كثيرا في نومه أيضا.

سيهون الذي كسره الجميع..
ربت على قلبه ونثر القبلات على وجهه ويديه.

وقرر هو حينها منح سيهون الهدية الأفضل..
قرر منحه المستقبل الذي رسمه والده.

قرر محو الماضي الذي نسيه كأنه لم يكن لأنه لن يكون مجددا.

جعل الصدمة التي سلبته عقله طريقا يبلغ به مراده وينال به الحياة التي حاول ديميان صنعها لأجله.

جعل لوهان الألم منبعا خالصا للسعادة.
جعل اليأس منفذا للأمل وأخذ يرسم له الحياة بكل ما ملك من وعي وحب.

سيهون يستحق الأفضل لكنه نال الأسوأ دوما، يستحق الحب لكنه نال الوحدة والضياع ويستحق العناية لكنه نال التعب.

هو لا يمانع العيش معه والبدء من جديد.
لا يمانع التعايش مع عقلية الثمان أعوام لأنه لم يرد سواها على أي حال.

ماذا كان ذنب سيهون لينخرط في كل هذه الفوضى؟ ماذا كان ذنبه ليلطخ كفيه بالدماء؟

كل خطئه أنه حاول تعويض ما مضى، أنه حاول التشبث بعائلته حتى النهاية..
تشبث برفات والديه وبما ظن أنه يملك من قلب أخته.

تشبث بما بقي من أثر عائلته، بجوليا التي نالت الحب والحياة التي تبتغي من كريستوفر وقررت حينها أنها لم تعتد تريد الانتقام.

قررت بأن ألم سيهون لا يعنيها، أن ضياعه لا يهمها وأنها لا تريد أن تكون جزءا من انتقامه الذي كانت سببا بارزا بحدوثه.

بالطبع.. لقد عاشت بشكل جيد وظل سيهون يعاني، سترى أن تصرفه خاطئ وأنه يبالغ بلا شك.

وفوق كل ذلك.. هو بقي متشبثا به.

كلما ساءت الأمور كان سيهون يعود ليبحث عنه، كان يجد طريقة ليبقى بها حوله ويبقى بأقرب قرب ممكن منه.

كأنه عاجز كل العجز عن المضي بعيدا أو العيش في واقع هو ليس جزءا منه.

عاد سيهون مدركا للفخ الذي نصبه والده، لابد أنه عرف ذلك ووضع احتمالا بأنه قد يمسك به إن ذهب..

لكنه تشبث بالأمل الصغير.. بالاحتمال الضئيل بأن يراه أولا ويطمئن عليه.

ألا يستحق شيئا مما أعطى؟
ألا يستحق شيئا من الحب والعناية اللذان أغدقه بهما؟

𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن