٢٤. مات شنقا

21 2 30
                                    














تاه كريس بين المقاطع والأشرطة.
تخبط بين الدقائق التي عانى بها لوهان وحده، شهد كل شيء. رأى كل شيء.

لأول مرة هو أيقن أنه ليس أهلا لحماية ابنه أو رعايته. لأول مرة هو يعترف حقا أن سيهون اعتنى به بشكل أفضل.

سيهون هو من مسح على آثار الكدمات المرزقة على جسد لوهان، هو من ربت على قلبه وهو من هدد الطبيب ووبخه بكل مرة يغادر بها المكان.

أما عنه..
فكان ينتظر بالسيارة انتهاء الأمر.

كان يريد من ابنه أن يعود لنفسه السابقة دون أن يحاول حتى احتواء نفسه الحالية.

التهبت عيناه من فرط دموعه، من كثرة بكائه وحسرته ومرارته البالغة على ما يبصر، يداه لا تستطيعان إمساك الشريط التالي وأنفاسه كلها تتخبط في صدره فلا تغادره ولا تزوره إن حدث وغادرته.

منهك لهذا الحد.
ضائع لهذا الحد.

ونادم أشد الندم.

ألقى الحارس نظرة عليه من النافذة الصغيرة في الباب، أشفق على حاله وتساءل حقا إلى أي مدى كان ما أبصر بشعا ليبكي بهذه الحرقة.

فمسح دموعه بكم معطفه، استنشق وقاوم تورم عينيه لينظر إلى ما جرى في غيابه.

تغاضى عن الطعنات الموجعة بقلبه وقرر الاستمرار ليملك كل الأدلة اللازمة ضد كل العاملين هنا.

شد على هاتفه المستقر بالكف الحر باستعداد ليلتقط مقطعا لأي مشهد آخر يوضح إيذاءهم للوهان. وراح الكف الآخر يلتقط الشريط الأخير بعمى.

وهنا تماما انكسر كل ما كان قائما فيه.
هذا المقطع هو ما أسقط الهاتف من يده وأسقط قلبه من موضعه.

شكل لوهان وهو يتلقى الضربات والركلات بكامل قوتها كان موجعا. توسله ومناجاته لسيهون كان مؤلما.

وهو يتساءل حقا إلى أي مدى كان على لوهان أن يتألم بعد هذه القسوة.

لكم يوم هو عجز عن النوم؟
كم مرة عجز عن البكاء خوفا؟
كم مرة انتظر قدومه ليشكو وقوبل بغيابه عوضا عن ذلك؟

كم مرة كان على صغيره أن يعاني وحيدا؟

-أريد أن أموت سيهون-

قالها لسيهون أولا.
شكى له استسلامه وإنهاكه لأنه الوحيد الذي سيتفهمه، الوحيد الذي سيجد الحلول والوحيد الذي سيعرف الأسباب دون الحاجة لسماعها منه.

لأنه كان الوحيد الذي يعانقه ويهون من قسوة الألم عليه.

-هل تُركت مجددا؟ هل استغنى أبي عن وجودي؟-
"أنا لم أفعل..! لم أفعل صغيري أنا أقسم"

رد كريس على صوته الذابل الخافت بحسرة متوسلا.
راح كفه يلمس الشاشة عله بطريقة ما يلمس ابنه ويربت على قلبه المكسور.

𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن