١٥. لأراك

27 3 45
                                    












لم يعد لوهان للبيت منذ خمس ليال.
هاتفه مغلق وكل الطرق إليه ممهدة لكنه يخشى الذهاب.

يخشى أن يقربه فيدرك أنه فقده جسدا وروحا الآن.
يخشى أن يوقن أن سيهون قد استحوذ على كل ما يملك وسلبه الحياة والأمان.

هو يخشى أن سيهون قد عاد.

قلبه المحموم فكر لألف مرة بقتله مرة أخرى، خطط بكل مرة لجريمة كاملة. قتل سيهون برأسه بعد تلك المرة ألفا تالية.. ولم يجرؤ على فعل شيء من ذلك حقا.

هو فقط تخيل. أشبع قلبه الباكي بتخيلات مؤذية سيقتله لوهان إن علم بشأنها حتما.

سيتعايش مع ذلك.
سيتعايش مع كره ابنه لكنه لن يعيش دونه أبدا.

-هو يرفض ترك جانبه سيدي-

رد الطبيب السؤال بأسف، ومضى دهر من الصمت والحسرة بين جملته هذه وتلك التي تلتها.

-لقد رفض ذلك قطعيا. هو قربه منذ أن أمسك بيده-
-أمسك سيهون بيده؟!-

تساءل كريس متفاجئا وشدت قبضته على الهاتف فنال همهمة مؤكدة وإجابة مفصلة لما حدث تزامن انقباض قلبه وتخبط أنفاسه في الحيز الضيق لصدره.

-قيل لي أنه جاء لزيارته ليلة الأمس، وشعر به يشد على يده في المقابل. نسبة وعيه تتزايد، وهو يستجيب للأوامر بالفعل لكنه لم يستفق تماما بعد-

عاد سيهون.

عاد ليأخذ ما ترك.

عاد ليستعيد لوهان.. لا بل إيلير.

عاد يأخذ إيلير منه.

مشى كريس في الرواق بأرجل متخبطة وقلب متهتك مرعوب. دموعه تلهب جفنيه ووجنتيه بسخونتها وروحه تتقد على اتقادها فيما عيناه باستماتة تبحثان عن رقم الباب للمنشود.

لا يمكن له أن يعود، لا يمكنه السماح له بذلك.

عليه أن ينهي الأمر قبل أن يبدأ من جديد.
عليه أن يحمي لوهان قبل أن يخسره من جديد.

فأمسك بالمقبض وأداره بقوة يفتح الباب ليواجه مشهد سيهون الغارق في سريره ولوهان بثيابه الرسمية الذي يجاوره بهدوء ويمسح على جلده بمنشفة صغيرة رطبة.

لم يلتفت ابنه له، لم يعره أي ذرة من اهتمامه وترك تزعزع أنفاسه وتهدجها يملأ الأركان.

"لوهان.."

ناداه ولم يدري كيف يفترض به أن يبدأ الحديث معه، كيف يفترض به أن يعيده دون أن يجرحه أو ينجرح هو بنفسه.

"لمَ أتيت؟"

سأله لوهان بنبرة رتيبة أزعجت حواسه، ذات النبرة المزعجة التي يتحدث بها سيهون دوما. ففرق بين شفتيه.

نظر إلى ابنه ثم إلى سيهون قبل أن يتمالك مزيج مشاعره ويبتسم ابتسامة صفراء متعبة.
واحدة أخفى خلفها مزيج المشاعر والأحاسيس المدمية التي تراوده.

𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن