٢٦. مغيب

25 2 14
                                    














اقتنع كريستوفر بأن ابنه لن يعود.

استسلم للأمر وعايشه باستسلام دون الجدال ومحاولة استرجاع كيانه مجددا.

لقد رأى الخيبة في عينيه ألم مرة، رآها في دموعه وفي ارتعاش شفتيه وتهدج أنفاسه.

عرف أن أمره قد انتهى وأن لوهان قد مات وأيا كان هذا الشخص هنا فهو ليس ابنه.

لكنه أبقاه.

وما إن صرح بكرهه.. هو فقد الأمل بنفسه.

ما إن نطقها بصريح العبارة..

-أنا أكرهك..-

هو فقد الأمل بحياته برمتها.

لذا جلس على الأريكة في غرفة المعيشة الرئيسية مترقبا الساعة وعقاربها التي تتباطأ عمدا على مرأى عينيه.

كأس نبيذ يرتخي في كفه دون أن يرتشف منه شيئا وكفه الآخر يتدلى بين ساقيه ممسكا بمسدسه.

ارتدى أخف الثياب التي يملك كي لا تثقله فوق ثقله وتوشح بشرشف حريري قانٍ دعى أن لا يلحظ عليه لوهان آثار دمه.

تنفس بعمق والساعة تشير للثانية عشر الا خمس.

ثقل جفنيه بفتور وقرر أخيرا رفع الكأس لثغره ليرتشف منه رشفة صغيرة لسعت دواخله الجريحة كلها.

لقد حاول..

كررها ليطمئن نفسه.
كي لا يفكر بحال لوهان حين يرحل عنه ويتركه يعايش الحياة التي يريد مع الشخص الذي يريد في هذا البيت.

لقد كتب الوصية نهار اليوم وأرسلها لمحاميه موصٍ بحصة من أمواله لسيهون كتعويض واعتذار لما فعل.

حتى تبلغ الثانية عشر..

إن لم يظهر سيهون حتى ذلك الحين فسيعتبر أنه فشل بهذا أيضا وأنه لن يعود إلا ليرى جثمانه.

لذا عد الثواني..

عدها وعد كل نبضة صاحبتها.
عد الأنفاس، كل الثرايا والمزهريات، كل الآنيات والتحف..

وبحث بين كل ذلك عن الأسباب ليبقى.

لكنه لم يجد أي سبب.
على الأرجح الحب المزعوم للوهان هو آخر الأسباب..

فعاد بعينيه الذابلتين إلى الساعة، ورأى العقرب معلق في الثواني الأخيرة بينه وبين الثانية عشر.

وما إن توازت العقارب ودق منتصف الليل صدح صوت عيار ناري أرجف كيانه وشتت عينيه عن الساعة إلى المحيط الخاوي الذي لازال يتردد به صداه.

انقبض قلبه لوهلة، لم يرمش ولربما نسي التنفس لوهلة قبل أن يفلت الكأس ليتهشم أرضا وينتفض راكضا إلى حجرة لوهان.

تزامن وقع خطاه مع تراكضات الحرس إلى الجناح ذاته يسبق الكل إلى باب حجرة ابنه الموصدة.

𝚄𝙽𝚂𝙴𝙴𝙽 || لا يُــرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن