البداية

146K 1.9K 410
                                    

عاصمة المملكة
- الرياض -
قبل ١٦ سنة

لحظات العُمر العتيق متقلبة المزاج مرة ترفعك لسابع سماء ومرة تخسف فيك الارض وتهدّ حيلك ..
بيت سالم آل زين
ابتسمت زهراء باتساع تمشط شعر ثُريا الطويل وتردف بين ضحكاتها : غني ابوك جاء خليه يسمعك
ابتسمت ثُريا بطفولتها تغني بصوتها الرهيب مُنذ طفولتها وحبها لام كلثوم بسبب ابوها تغني بطفولة وطلاقة لا تُصدق في طفلة : واثق الخطوة يمشـي ملكـاً ظالم الحسن شهي الكبريـاء عبق السحر كأنفاس الربـى ساهم الطرف كأحلام المساء ..
ضحك سالم يشيلها ويدور : تغنين الأطلال ! هذي الاغنية تأخذ من العُمر وانا ابوك
ابتسم يلتفت على باسل بيده كتاب يقرأ : المثقف باله بعيد عنا
ابتسم باسل يناظر له : الكتاب يحمس والله
ابتسم سالم يشوف زهراء تجهز الاكل ورفع نظره على رنين جواله القديم وتقدم يقرأ الاسم ويرد يسمع كلامه وبدأت ملامحه تتغير ويعقد حجاجه ويركز نظراته على مكان واحد بصدمه لين نطق : لا تظن بدخل الجحيم وحدي والله لاسحبكم كلكم معي واحد واحد !
قفل منه يرفع يدينه لشعره يشده بجنون وعدم إستيعاب ورفع جواله يتصل وردد : شكله خاننا ابدأ بالخطة ولا تتصل علي ابدًا آمن اهلي ونتفاهم وان صابني شيء مايحتاج اوصيك عليهم ..
كل هذا تحت نظرات بنته و مسامعها قفل وركض ينادي : زهراء بسرعه اجمعي الاغراض المهمه طالعين
التفتت له زهراء بفزع : وين طالعين!
شافته يعبث ويسحب اوراق ومستندات وصكوك ماتدري ايش هي : بسرعه قلت مافي وقت
ركضت تاخذ اغراض اولادها وقف باسل بفزع يحضن ثُريا اللي نطقت : بابا وين رايحين !
ابتسم سالم يبان في ملامحه الخوف ونزل لمستواها يحضن وجهها بكفوفه : ودك نلعب ونروح الملاهي؟
ضحكت ببهجة وسرور تهز رأسها بفرح تصرخ : اي
ابتسم يرفع يدها لاذنها : اذا سمعتي صوت غطي اذنك وغني اتفقنا؟
هزت رأسها مبتسمه وقف يبعثر شعر باسل : انتبه على اختك
واخذهم يركب السيارة وحرك بسرعة جنونية مُخيفة ولا احد فاهم منه اي شيء ، بلع ريقه يسمع صوت سيارات الشرطة بالخلف ، التفتت ثُريا بفزع لهم وسحبها باسل لحضنه وتخبت بخوف حتى بدأت سيارات الشرطة تختفي من خلفهم وناظر سالم للمرآيا براحة وابتسم يكلم ثُريا : لعيون الثُريا نوديها احلى ملاهي
ابتسمت ثُريا بمرح تضحك ، الضحكة الاخيرة والنظرة الاخيرة لابوها المبتسم الهارب من المجهول ولامها بخوف في عيونها ويدين باسل تحضنها تحميها
قبل ماينتشر صوت الاصطدام القوي والسيارة اللي تقدمت تصطدمهم بقوة تُسبب انقلاب سيارتهم مرتين وانتشار الصوت القوي والدخان والنار ودم باسل المرمي عليها وهي باسفله تأن بالم في ظُلمة الليل وطريق السفر المتجهين فيه فتحت عيونها بتألم تسمع صوت الخطوات بالمكان والشخص المجهول ماشافت الا ثوبه الابيض بعد فتحه الباب من جهة ابوها ورغم اعتقادها انه المُنقذ الا ان شكله المريب يخفي ملامحه بسواد في سواد ، رفعت رأسها تناظر له تبي تتكلم تطلب النجدة ، الا انها لمحت بين انامله شيء ما ميزته لكنه كان ابرة غرزها في شريان سالم وبث سُمها بداخله واغمضت عيونها لحظة ما شافته يتلفت نحوهم يتآكد محد شافه او محد حي ، واقفل الباب تسمع ركض خطواته هارب من المكان ..!
رمشت بعدم إستيعاب وإدراك ثقل لسانها عن الصراخ وارتعشت اطرافها تستشعر الدم ينزف عليها من باسل !
انتشر صوت سيارات الشرطة مع هروبه ورجفت تبكي من غير صوت وخوف يسكنها ، تقدموا العساكر مع سيارة الإسعاف يسحبون ابوها وامها وباسل لتكون هي الاخيرة بإصابات بسيطة ..
جلست في الارض تناظر لسيارتهم وشريط ام كلثوم المرمي بعد تلوثه بالدم والعسكر والضجيج واجساد اهلها المرمية على سُرر الإسعاف ومحاولة الإنعاش الغير لازمه بسبب الموت المُحتم ، تحركت سيارة الإسعاف ووقفت تنظر لفستانها والدم فيه وشعرها المبعثر والصدمه في عيونها وركضت بمنتصف الشارع ، تركض خلف سيارة الإسعاف كطفل ظن انها سيارة صاحب الأسكريم ، ركضت تصرخ بين العساكر حولها جبال رمليه بسبب انهم في طريق سفر مهجور وركض خلفها رجل في السلك العسكري يسحبها لحضنه ويجلس على ركبته: هدّي يبه هدّي بخير بإذن الله بخير
صرخت في حضنه تتشبث فيه تردد : بابا .. ماما .. باسل !
شدّ عليها بحضنه نظراتها على بدلته العسكرية مصدر الآمان الوحيد في دُنيا الخوف وخارّت قواها تسقط مغشي عليها بمنتصف الشارع في حضن رجل غريب بعمر ابوها بين ضجيج العساكر والقطاع وظُلمة الليل الموحشة الأبدية ، شالها بين يدينه ووقف يمشي بهدوء بوسط المجزره تحت نظرات العسكر له ومشى لسيارته يركبها يناظر للبنت بعمر بنته تعيش شيء فوق طاقتها واستحمالها ..!

« ما عاشرت شمس ولا خاوت نجوم »حيث تعيش القصص. اكتشف الآن