١٤

52.4K 1.2K 169
                                    

قصر السفير

كان بغرفته مهموم وضايقه فيه الوسيعه ولا لاقي درب يضمه ويسكن فيه ، اغمض عيونه من دخول امه تستشعره برودة الغرفه وظلمتها وتنهدت تخفض التكيف توقفت تناظر لعقاب واقف عند الباب وهمست : بيموت من حزنه
هز رأسه : يموت من حزنه ولا يموت من غباءه
مجيدة : ليه ما حنّ قلبك لاولادك يوم انه حنّ لبناتك؟
عقاب : بناتي سندوني يفتخرون فيني وشرفوني بدراستهم اولادي عبء احمله على اكتافي
هزت رأسها : بتحمله مع دمهم
رفع نظره لسرياتي جت وبيدها ثياب جهاد النظيفه وناظرت لها مجيدة بكره وارتبكت سرياتي : ماما احط ملابس هنا؟
قاطعتها بغضب : تخسين ماني امك
التفت لسرياتي بهدوء : ناديها مجيدة ماهي زايده عنك
ناظرت له مجيدة بصدمه ومشى تاركهم وابتسمت سرياتي تناظر لها ولحقته ، جلست على الكنبه المنفرده تبكي بحرقه وكل هذا يسمعه جهاد بقهر ويسمع صوت بكاءها ، طلعت وفتح عيونه يناظر لسقف بقهر وغبنه قام يمسح وجهه ويبدل واخذ مفتاح سيارته وركب يرفع جواله يتصل على ثُريا قسّوا على بعض ويعرف مالهم الا بعض ولا ردت ، اسرع بتفكير وهموم تتعبه وترهقه وتهد حيله من المخفي بظلمة الطريق باله بعيد ولا رجع لواقعه الا من النور القوي الذي اخترق ابصاره واغمض عيونه بعجز بتحكم بدركسون وصدم بسيارة امامه بقوة انقلبت سيارته وعادت وتهشم زجاجه وتكسرت ابوابه وطاح مغشي عليه ينزف الدم منه من كل حدب وصوب وعلى طرف الكرسي جواله الذي بدأ بارسال اشعارات بسبب خاصية " الطوارئ " اللي كان مفعلها بجواله ..!

بيت مُهاب

صحت ماتشوفه حولها وتنهدت تقوم تغتسل وتصلي ولبست وعدلت شكلها تلتفت لجوالها تاخده ولا انتبهت لانه صامت ، دخلت الرسائل النصيه وفزت من رساله تحذير لحادث وارسال موقع ولا فهمت شي بس شافت رقم جهاد وبردت اطرافها وارتعش صدرها تتنفس بعمق وقفت تركض تطلع من الغرفه تنزل الدرجة تنادي : مُهاب! مُهاب!
فز يلتفت خلفه بعد جلوسه في الكنبه بصالة لابس بدلته ناوي يطلع بعد مايخلص شاهيه يشوفها تركض بخوف نحوه : على هونك ..!
اقتربت تناوله الجوال ترتعش بخوف باين في عيونها وشحوب وجهها : وش يعني؟
ناظر لرسالة ورمش بصدمه يهمس : صار له حادث!
اجحظت عيونها برعب ماتستوعب تسمعه يكمل بعجله : البسي عبايتك والحقيني
اخذ جواله معه يرسل الموقع له ولشدّاد يطلب منه يروح والتفت يشوفها تركب ترتجف بخوف وعدم استحماليه لفقدان شخص اخر ابدًا بعد ماخسرت كل اهلها وارتجفت برعب : عصبت عليه انا عصبت عليه!
حرك بسرعه يردف : ماصار له شيء بإذن الله اهديّ
بكت برعب ماتستحمل يتكرر الزمن فيها تهز رأسها برفض: لو صار فيه شيء ما اسامح نفسي ما اسامح
التفت لجواله يتصل شدّاد اللي كان قريب من موقع الحادث ورد بعجلة : بشر !
شدّاد وأنظاره لسيارة اللي كانت بحاله يرثى لها : والله حادث شنيع والعياذ بالله يحاولون يطلعونه قالوا حي
هز رأسه مُهاب : المهم انه حي والحديد يتعوض
اخذت نفس تناظر له : وش يقول!
التفت لها وللخوف بعيونها ودموعها المتجمعه توه يلاحظ كثر ايش تحبه وتعزه وتغليه وعلاقتهم جدًا اخوية : يقول حي ثُريا حي ..
عضت على شفايفها ووقف بالموقع بعد دقايق نزلت وارتعشت اطرافها تشوف سيارة الإسعاف والشرطة والازعاج والصوت وعلى مسافه بعيده عنها سيارة جهاد بحالة يرثى لها بمنتصف الشارع يحاولون يطلعونه وارتجفت يدينها وشحب وجهها تتنفس بضيق تتراكم الذكريات عليها تتذكر لحظات كثيرة في وقت واحد ابتسامة باسل وضحك ابوها وتصفيق امها وكيف انقلب الحال لأنين باسل وصراخ ابوها وسقوط امها ، لشريط ام كلثوم الملوث بدم ،
لخطوات الرجل المجهول وتسميمه لابوها ، لصوت سيارات الشرطة والاسعاف ، لسعود وحضنه لها بمنتصف الشارع ، انقطع نفسها تشوفهم يطلعون جهاد من سيارته لنقالة وفزت تركض بمنتصف الشارع من مكانها له والتفت مُهاب بصدمه لها وركض خلفها يشوفها تتمسك بنقالة تبكي تشوف جهاد مغطى بدم تردد ببكاء : جهاد ! جهاد تكفى مابقى لي احد تكفى لا تروح ، لا تخليني ، لا تروح تكفى
حاوطها بيد وحده يمنعها تمسك النقالة لاجل يآخذونه لسيارة وبكت بشدة اول مرة يشهد انهيارها هذا بكت برعب تسمع صراخ وضحكات اهلها وصوت اخوها مختلط بصوت جهاد وامها وابوها تراكمت الذكريات عليها وهي تمشي تبتعد عنه بمنتصف الشارع واقف يشوف تأرجحها يدري انها بتفقد قواها الان ومشى خطوتين بعجلة يتمسك فيها وارتخى جسدها مع ارتخاه يسمح لها بسقوط في احضانه ونزل معها محاوط اكتافها وخصرها يشوفها مابين صحوة و وعي من همسها لاسم "باسل" ثم " جهاد " وماكان منه الا القول بهمس لها: اهدّي يا ابوي اهدّي بخير بإذن الله بخير ..!
نطق اسم " ابوي " لها ، اسم ما قاله من ١٧ سنه وطلع من ثغره من غير شعور باللحظة هذي ناظرت له النظرة الاخيرة ماشافت فيها مُهاب وحده ، شافت سعود !
واغمضت عيونها مغمي عليها واخذها بين يدينه يرفعها ، يشيلها لصدرها بمنتصف الشارع المظلم يمشي ببدلته العسكريه بين احضانه يتكرر المشهد للمرة الثانيه بعد ١٧ سنة وامام انظار شدّاد اللي ابتسم بصدمه من تكرار المشهد بنفس اللحظة مع نفس البنت بحضن الاب ثم بحضن الولد ، بحضن الفريق الاول ثم بحضن النقيب ..!
كان مشهد شاعري امام شدّاد اللي همس يردد بصوت خافت اول ما خطر بباله "يا شايل الظبي بين إيديه
يستاهل الظبي من شاله بالهون، بالهون يا مغليه
بالهون، بالهون يا مغليه معطيك ظبي الفلا حاله "
ركبها السيارة يسمع أنينها وركب يناظر لها ولوجهها امامه حرك يتبع سيارة الاسعاف حتى وصل المستشفى ودخلوا جهاد غرفه العمليات بصوره عاجله ، وناظر لها بسيارة رفع يدينه يزيح خصله تمردت في جبينها وربت على خدها بالهون : ثُريا .. ثُريا
اخذ الماء يبلل كفه الاسمر ثم نديّ خدها وفزت باستيعاب وصداع تمسك رأسها ماتدري وش صار معها وخارت قواها نطقت بتذكر بعد ثواني : جهاد!
ناظر لها بهدوء : دخلوه العمليات
اخذت العلبه من يدينه تشرب ونزلت بسرعه وعجله تتجاهل الندأ وتبعها بتعب يشوفها تركض بعد ماسألت عن مكانه ركضت لجهة غرفة العمليات تشوفه عقاب واصل مع مجيدة اللي تبكي وراشد واقف وسجى وبعدها ندى ماوصلت ، ركضت لعقاب بغضب تناظر سكونه وصرخت في وجهه : اقسم بالله لو يطلع لك يد بحادثه والله العظيم لاذبحك هالمره بيديني والله لاخنقك
تقدم لها عقاب يشد من حجاجه : اقتل ولدي!
ضحكت بجنون تناظر له : صعبت عليك ذي ؟ قتلت ماجد و اخوك جت على ذا
عقاب : ابلعي لسانك لا ارجعك مكان ماجيتي!
التفت لصوت القادم بنبرة حادة : وين ترجعها !
ناظرت لمُهاب ورجعت التفتت لعقاب اللي اكمل : شهار لان هذا مكانها مجنونه طول عمرها مجنونه
رفعت يدينها تضربه كف بقوة اجحظت اعينهم وصرخوا بصدمه ونطقت بغضب : خاف يا عقاب من الجنون خاف
ورفع عقاب يدينه وصدّها مُهاب بقبضة كفه يشد عليه بحدة : ماقلت لك حلالي ما تمسّه !
رفع يدينه مُهاب الثانيه يسحبها ورى ظهره يحميها تلقى ظهر بعرضه و وسعه تتخبى فيه يشوف راشد تقدم بغضب : ابعد يدك عن ابوي
ناظر عقاب لثُريا تناظر له بتحدي : والله لتندم على وقوفك معها !
قاطعه مُهاب : مابه ندم لمن اختار الثُريا ..
ابتسم عقاب يتقدم له لاذنه تحديدًا همس : دريت ان القماش مثقوب ولا بعدك غشيم ؟
رمش يستوعب ثقل الكلام اللي قاله اجحظت عيون مُهاب بشده تبرز عروق جبينه ونحره من غضبه انه طعن بشرفها واتهمها باقبح الالفاظ يناظر له بصدمه وانقض عليه مثل اسد لقى بين يدينه فريسته حاوط بكفوفه عنقه يخنقه بعد ماضرب ظهره بالجدار بقوة وسقطت عصاه وصرخت ثُريا بصدمه تشوفه يخنقه وينطق بغضب : اصحّك تمس شرفي وعرضي اصحّك تقرب صوب حلالي فاهم والله اكفر فيك والله!
كل محاولات راشد باتت بالفشل وصراخ مجيدة وسجى ولا وقفه شيء الا صوت شدّاد اللي انقبض قلبه يحس ان في شيء بيصير لاجل ذا لحقهم ولا يعبر عن صدمته يشوف مُهاب يفقد سيطرته اللي تحكم فيها ١٧ سنة ويخنق عقاب بكفوفه ونطق بصراخ : مُهاب !
تقدم يسحبه بصدمه وابتعد مُهاب باحمرار عيونه وبروز عروقه يناظر له يسقط يسعل بصدمه محمر الوجه مفقود النفس واقفه ثُريا يدها بفمها تناظر لمُهاب تارة بين يدين شدّاد وتارة لعمها في الارض قدام المسعفين والتفت مُهاب لها ومشى يمسك كتفها بقوة يجرها معه بغضب طالع من المستشفى وصرخت تحاول تتحرر من قبضته بعجز : فكنيّ يالله اتركني!
صرخ بوجهها بعصبية يحاول يتمالك أعصابه : اعقلي لا اهد الدنيا عليكم!
سحبها معه لسيارة دفعته وقت ارخى قبضته وصرخت : ليه تجرنّي معك كذا لييه ماطلع واترك جهاد ما اخليه
التفت لشدّاد خلفه بغضب : ١٧ سنة اركد نيرانك واهديك وكلمه وحده من عقاب تهبل فيك كذا ! وش قال لاجل تثور!
التفت لثُريا يتذكر كلامه اللي مايدري صدق او كذب وهل تفسير خوفها يؤكد كلام عقاب !
اغمض عيونه يسمع شدّاد : قلت لك الزواجه ذي ماوراها الا الهبّال
ضحكت ثُريا تمشي نحوه ؛ انت يا الشايب اخر واحد يتكلم كل شيء صار بسبب سكوتك
تقدم شدّاد نحوها بغضب : اللي قدامك ربيته بيديني ما يغضبه كايد وبسببك ماصار يوزن افعاله !
ضحكت بسخرية : الله والتربية جايب لنا جبل قاسي ويقول ربيته ليتك صرت له اب زين على الاقل

« ما عاشرت شمس ولا خاوت نجوم »حيث تعيش القصص. اكتشف الآن