الفصل الخامس والعشرون

65 1 0
                                    

(25)
نبضات

على الرغم من أن الموت هو الحقيقة المطلقة في هذه الحياة وهو مصير كل حي ؛ إلا أن شعور الفقد أشد ما قد يمر على بشر.. وانتظار حدوثه أشد وأمر إذ يتكسر فؤادك ويتهشم في الثوان لعشرات الشظايا ويعود من جديد من ثم يعيد الكرة.. وما أشد وطأة من رؤية عزيز عليك معلق بين أحبال الموت والحياة ؛ وأنت ما عليك سوى الانتظار والانتظار ، القلب يرفض بجزع بينما العقل يرسم خيالات للصورة الاكثر ألمًا .
خمس ساعات كاملة والقلوب تلهج وتبتهل بالدعاء .. على بعد خطوات في ركن قصي  تكمن  "أم" لرجلين طريحا الفراش في هذه اللحظه ، أمام ناظريها تقدم الأكبر ليمنح جزءاً من جسده .. حتى يعود لها بالأصغر ، مطمئناً إياها كعادته .. لكنه وأسفاه لم يفلح هذه المرة ، فالعقل والقلب توحدا سوياً على سؤال واحد ولا مهرب منه ..ماذا إن فقدت الإثنين معا !؟ ماذا إن ذهبوا سوياً تاركين إياها خلفهم لتتذوق مرارة وحنظل الأيام دونهم ..وعلى مقعد مجاور للأم المكلومة كان الأب ليس أفضل حالاً ومن مثل الجراح الأشهر أكثر علماً بما يمر به فلذات أكباده  في تلك اللحظات الحرجة خلف ذاك الباب الموصد أمامه ، اليوم قد انقلبت الأدوار وجلسة الانتظار هي حق مشروع تلك المرة.. ساعة تلو الأخرى مات فيها القلب وعاد الفمرة، بينما العم بالقرب منهم يدعم ويؤازر وهو في الأساس يماثلهم الحال ، ثلاثتهم كانوا أبناء له ؛ تذوق الأبوة على أيديهم وهو لم يتزوج بعد..وعلى بعد خطوات أخرى أمام حجرة العمليات تحديدا كانت تقف فتاتان ، الأولى زوجة.. غابت عنها الحياة وباتت جسداً بلا روح ؛ بقلب جوفه الألم لكنه متشبث ببقايا أمل ما زالت تنغز ثناياه.. تجاورها أخت الشقيقين بعيون مترجية وقلب شطر لنصفين لكل شقيق نصف يلهج بإسمه ..وعلى جدار قريب كان يرتكز صديق ورفيق طفولة.. يطالع الجموع أمامه بعيون فارغة ، على مرار سنوات كانوا له نعم العائلة لم يفتقد دفئاً ولا أُنساً في حضرتهم ، عوضاه عن أخيه ؛ وحيده الغائب دائما وأبدا.. أجمل أيام العمر كانت معهم وبهم ؛ لكم ضحك من أعماق قلبه بصحبتهم ؛ ليت بوسعه شئ حتى يعود لهم بضحكاتهم ويبدل دموعهم وآهات آلمهم التي توجعه في صميم نابضه ، كم مرة تمنى بداخله أن يكون هو طريح الفراش بدلاً عنهم.. ربما لن يفتقده الكثير ولن يتألم لأجله كل هؤلاء ، لكن صاحبة العيون الزرقاء كانت صاحبة السطوة على تمنيه فكان يرد داخله صدى تلون بنبرتها .
" ومن لي غيرك حتى تغادرني !"
ولم يكن يعلم أنها تراقب شروده الضائع.. ملامحه القاتمة بألم من جلستها المبتعدة عنهم قليلا ، ثلاثة أيام بلياليها تواسي هذه وتشد بمؤازرة على كتف أخرى ، تدعم بكلمات قليلة هي نفسها لا تصدقها ، فمع رؤية ذاك الكم الهائل من الألم المصاحب بخوف وهلع من فراق ، رغماً عنها استوطنها ذلك الألم وهي تتابعه بعينيها من البعيد ويهيئ لها أنها هي في موضع الزوجة المكلومة التي تواسيها طيلة الوقت ..والآن منذ خمس ساعات وهي تستمع لكلماتهم المتوسلة بترجٍ ؛ الممزوجة بشهقات ونحيب لم يتوقف للحظة.. وكم كانت فقيرة حظ حيث صورتها خيلت لها فارغة لا أماً ولا أختاً تتتقاسم معها أوجاعها ، عادت إليه ببصرها ؛ تقر لحالها أنه هو عالمها بل كونها أجمع.. ليس لديها سواه ، تخاف عليه وتهلع لمجرد ذكر الفقد والفراق.. ولم تشعر بنشجيها الخافت الذي تحول لنحيب يعلو رويداً رويداً من حولها.. لم تعد تتحمل.. هي أضعف بكثير من تحمل لحظات كتلك.. أخرجها من بؤرة تخيلاتها المقيتة والبغيضة للغاية كفان قويان يتملكان من كتفيها في هزات متتالية علها تصحو وتفيق ، رفعت رأسها وجدته يجاورها في جلستها ؛ ينظر لها في قلق بعد ما تحول نحيبها لشهقات عالية مسموعة ، تهدل كتفيها من جديد وتحولت شهقاتها لهزات واهنة تملكت من سائر جسدها فبعثت بأوصالها رعشة انتقلت له بدوره ؛ بينما رأسها يتحرك يميناً ويساراً بوهن ؛ ترفض تلك الصورة اللعينة التي تحتل خيالها ..وهو كان يعلم أنها لن تتحمل  ذلك طويلا وها هي أمام عينيه فقدت سيطرتها على حالها بعد ما استنزفت آخر ذرات الصبر والتحمل.. وتحت مرائ من أعين الجميع لم يجد غير صدره.. يضمها بين ضلوعه ، يمتص خوفها.. يطرد خيالاتها ؛ ويخبرها أنه هنا .
*  *  *  *
مضى إسبوعان...
إسبوعان طويلان بمرهم وعلقمهم ، الأخ الأكبر من أراد التضحية والمنح بطيب خاطر يرقد على فراش المرض لمضاعفات شديدة تبعت العملية الجراحية فتمكنت من جسده قوي البنيان فنالت منه.. وبعد إسبوع كامل من المعاناه بدأ في إستعادة جزءٍ من صحته ، وما زال على وضعه فوق الفراش بأمر من الطبيب المعالج ..
بينما الآخر الأضعف بنيانا والأشد ألماً لم يعد بعد.. حتى بعد ما نجح الأمر وتقبل جسده الكلية الممنوحة وأصبحت تعمل بكفاءة جيدة.. لكن ليتها كانت تلك فقط المعضلة ، أربع طعنات بجسده خلف وراءهم عدة أضرار أخرى غير الكلية ..والمحصلة ؛  لم يغادر حجرة الرعاية الفائقة ، باقٍ على سكونه ؛كأن روحه استهوت ذلك الهدوء المخيف.. سكنت فيه وتأبى العودة لذاك الصخب من جديد ، نحل جسده أكثر واستطالت شعيرات ذقنه لدرجة لم تصلها من قبل ، من يراه يظن أن عمرة قد زاد أضاعفاً مضاعفة .. وعلى المقعد المجاور له كانت هي جليسته بعد وصلة ترجٍ أقرب لتوسلٍ لطبيبه حتى يسمح لها بدقائق قليلة فقط ؛ تتأمل وتستجدي أن تفلح .. ونالت ما أرادت ، بكفيها تعانق كفه البارد المستريح بجانبه بعد ما لثمته مرة وإثنين وعند الثالثة صحبتها الدمعة ؛سالت فوق كفه وانتهت فوق الفراش كأنما لم تولد.. رفعت رأسها تشبع عينيها من بين ملامحه فيقابلها شحوب يشبه الموتى وسواد يحيط بعينيه ، فترنو منه أكثر ، وتخرج همستها بصعوبة بعد صمت ساعات لا تحصى فالحديث في أيامها تلك يعد رفاهية محرمة:
-كل حاجة وحشة من غيرك..ما فيش حاجة ليها طعم ولا لون ..
صمتت ثوان اقتربت فيها أكثر.. تشتمه فيخيل لها رائحته التي تشتاقها فتحبسها بين رئتيها وتعود تهمس من جديد بتهدج وحنين:
-عينيك وحشتني ..صوتك واحشني ..كلك وحشتني
واللعنة عليه صامت لا يسمعها ولا يرى حالتها التي يرثى لها فأصبحت بدورها تماثله في جسدها النحيل وسواد عينيها المخيف.. وهذه المرة لن تهتف بتهدج وضعف بل هي غاضبة .. ساخطة منه وفيه .. وهتافها متزامن مع أصابعها التي يزيد ضغطها فوق كفه :
-كفاية يا باسل ..أنا قلبي وجعني حرام عليك
وكانت تنوي زعيقاً او صراخاً إن إستدعى الأمر ، لكن دمعة يتيمة هطلت من بين جفنيه المنطبقين على بعضهما ، أخرستها وربما أنعشت وأحيت أملاً لن يتوارى أبداً ، فانتفضت من جلستها ستخبر طبيبه .. نعم ربما بعدها سيخبرها أنه عاد من عالم التيه واللاوعي وسيفترق جفناه .. ولم تنتظر طبيبه حين أطلت إحدى ملائكة الرحمة المسؤلة عن رعايته ومتابعته.. فأسرعت تهتف بها بتلعثم ولهاث:
-وانا بكلمه نزلت دمعة من عينيه..أنا شوفتها.. فين الدكتور ؟ بسرعة أرجوك
والجواب بارد ..هادئ ..لا يمت الرحمة بصلة:
-عادي يا مدام ..دي لا إراديا
وتعود ترغي وتزبد بقسوة:
-ويلا الدكتور قال خمس دقايق بس وانت قربتي على العشرة أهوه
ولن تتوسل ولا تترجى بعد ما تحطم أملها وتناثر لشظايا في ثوان ، فقط تعود لموضعها السابق؛ خلف الزجاج من جديد وعن نبضاتها فهي تخبره سراً أن حسابه أصبح ثقيلاً ، عسيراً للغاية.. وكلما زاد الغياب كلما سيزيد العقاب .
*  *  *  *  *
نهارها اليوم مختلف.. فبعد ما داعبها ضوء الشمس الذهبية ، قررت ونفذت على الفور ، رحلة نهارية بصحبة الصغيرة "تاليا"حتى تتمتع بضوء الشمس بينما هي تشتم بعض الهواء فكل شئ بات يخنق بالآونة الأخيرة ، بداية من تدهور علاقتها مع زوجها فقد أصبح لا يتواجد بالمنزل سوى محض صدف وإن وجد يختلق مشكلاً من لا شئ فينهر ويزعق ويترك البيت غاضباً ..إلى زوج خالتها التي لا تصدق إلى الآن تلك القصة التي تخصه وتتداولها الألسن أينما اجتمعت بأحدهم ، خالتها؛ لمار ؛ حتى لارا الصغيرة جميعهم بوضع لا يحسدون عليه ومعهم كل الحق ، كم تشفق عليهم من تلك الحالة المريعة التي يتعايشون بها هذه الأيام ..ألقت بنظرها على الصغيرة داخل عربتها ، فتبسمت لها وهي تتلاعب بكفيها الصغيرين المتشابكان ، أخرجت بعدها كتابها الأثير من حقيبتها اليدوية وأخذت تقرأ فيه بضعة سطور ..وقبل الغروب بقليل تحركت عائدة بعد ما انتهوا من نزهتهم الخاصة .
ولجت لمنزلها تدفع بالعربة برفق أوقفتها أمام المطبخ وأخذت تخلع عنها وشاح رأسها في حركة خاطفة .. فالصغيرة جائعة ..استغرقت بضع دقائق قليلة ؛ تعد لها حليبها المساعد ؛ بينما تداعبها من البعيد لعلها تهدئ من بكائها وتذمرةا..وحين إنتهت جذبتها لأحضانها برفق وأخذت تدس بفمها رأس الزجاجة المطاطي فألتهمته الصغيره بنهم ..وبعد حين تركتها برفق داخل فراشها بعد ما راحت في سباتها ..انتوت بعدها على حمام دافئ يعيد لها نشاطها المفقود.. قطعه رنين متتابع على جرس الباب ..بالتأكيد لن تكون جارتها الحبيبه فبعد آومرة الفذة أصبحت فرص اللقاء مصادفة فقط واكتفت بدورها بالمهاتفات من وقت لآخر ؛ وقبل أن تغرق في تفكيرها أكثر كانت قد فتحت الباب بالفعل .. قابلها وجهه أنثوي تلطخ بألوان مبهرجه لا تناسب أي أنثى على الإطلاق مع خصال صبغت مسبقا بجميع الألوان ربما ، ببنطال ذي خامة جلدية لامعة يلتصق بساقيها بإغراء رخيص بينما يعلوه كنزة رقيقة إن صح بالفعل وصفها بكنزة فهي دون أكمام وبالكاد تصل للخصر..وحمدا لله يوجد وشاح تستر به الكتفين وبروز نهديها الفاضح ... تلوك بين شدقيها علكة بطريقه تثير الإشمئزاز وتطالعها من أعلى لأسفل متخصرة بتفحص مبالغ فيه..وكانت روان بالمثل تطالعها بغرابة وتعجب قطعه هتاف المرأه النزق:
-إنتِ بقى روان؟
وهزت رأس تزامن جوابها:
-أيوه..حضرتك مين ؟
تقدمت المرأة للداخل بخطوات متلكئة ؛ واثقة.. وقبل أن تجتازها ضربت بأناملها على كتفها تقطع عنها تحديقها.. هاتفه ببساطه:
-ضرتك يا عينيا !
*  *  *  *  *
على مدار الأسبوعين الماضيين لم يكف عقله عن العمل رغم جسده العليل ، فقد ظن أن حالة اخيه ستتحسن بدرجة كبيرة ما إن يتقبل جسده الكلى ، بالفعل تحسن قليلا لكن ليس كما طمح.. النتيجه لم تكن كما ظن وتمنى ، ما زال غائباً عن الوعي وذلك لا يبشر بالخير أبدا ..وهو مقيد فوق فراش لعين بأمر طبيب صارم لا يقبل النقاش وحين خالفه بالأمس وغادره ظنا منه أنه على ما يرام وأن الطبيب يبالغ في العناية حتى يرضي صديقه الجراح ،  دارت به الأرض وكاد أن يسقط أرضاً لولا دعم بدر ومراد له..
جسده اكتنفه الوهن والمرض وعقله أرهقه التفكير ؛ بينما قلبه على الرغم ممَّا حدث وما يحدث مازال يذكرها.. ينهره ويكرهه ولا جدوى ، اطمأنت على وضعه بعد الجراحة كما أخبره رفيقه وبعدها غادرت بلا عودة .. مازال يتذكر حديثه مع الضابط منذ أيام ؛ فذاك المدعو أبيها هو واعوانه ، كل ماعاناه شقيقه ومازال يعانيه من تحت رؤوسهم ؛ أيديهم الملوثه كادت تسقط بأخيه وتتركه صريع أعمالهم الشنيعة .
وبعد كل ذلك مازال القلب الملعون يهفو لعبق الشيكولا ولتلك العيون الهاربة ؛ يهفو لها ولدمعاتها التي تهطل ما إن يجتمع بها وكأنها تنتظره هو فقط لتبدأ في التخاذل .. يعاتبه بوهن ..ما ذنبها ؟ لا تحملها ذنبا لا يد لها فيه ..هي بحاجه لك.. مساندتك ؛ ستقوى بك لا تتخلى عنها ..ويعود العقل يسب ويلعن من جديد ويسأله كيف ؟! هل هان عليك دم أخيك المهدور ؟ هل كل آلمه تلك لا شئ لك ..ألا تستحي ! بعد كل ما حدث لا زلت تنبض لأجلها؟!
تغضنت ملامحه بضيق ، لو فقط يتوقف عقله عن التفكير لربما أرتاح قليلا.. وبالفعل توقف للحظات مع الاقتحام المفاجئ من قبل "ساندي" التي انتشلته من بؤرة أفكاره المظلمة ، يراها أمامه تلهث وتتنفس بصعوبه وعلى الرغم من ذلك لا تقوى على حبس كلماتها ، فصرخت وتلونت نبرتها الباكية بضحكات :
-فاق ....باسل فاق يا إسلام .
وكأن لهاثها إنتقل إليه فعاد برأسه للوراء يتنفس بأريحية أكثر بينما ثغره بعد طول أيام أخيراً افترق متبسماً .. متمتما بخفوت:
-الحمد لله
*  *  *  *  *
بعد ساعات..
اطمأن الطبيب لحالته واستقرارها من ثم قام بنقله من حجرة العناية لأخرى عادية ، وعلى الرغم من تشديده على عدم إجهاده وتركه لينال الراحة إلا أن الجميع إلتف حوله غير آبهين لحديث الطبيب ..ارتاح أبيه ومراد فوق صوفا قريبه بعد ما نالوا نصيبهم منه تاركين إياه بين يدي والدته تقبل رأسه تارة وتعود تقبل كتفه أخرى ثم تحتضن وجهه بين كفيها تتأمله وتعود تقبله من جديد.. وهو يتبسم لها من رقدته بوهن ويربت على كفها مطمئنا إياها ، بينما ساندي بالقرب منه تتمتم وتثرثر بكلمات تخص حالتهم أثناء غيابه .. بينما عينيه تدوران في محجرهم يبحثان عنها ، يحاول النهوض بجسده قليلا فلا يقوى وتئن آلامه فيعود لموضعه مستسلماً .. ولم يخفَ عن توأمته ذلك فابتعدت قليلاً بجسدها حتى يتمكن من رؤيتها دون بذل أي جهد ..
وكانت هناك.. ترتكز فوق إطار الباب المعدني بجذعها ورأسها كأن التعب قد أضناها ، تتسابق دمعاتها في الهطول فتمحيها سريعا بأصابعها بينما ثغرها ينفرج ببسمات صامته وهي تتابع تبسمه الواهن وعينيه العائده للحياة ..وحين ثبت بصره عليها بادلته بسمته المتعبة بأخرى دامعة رفع لها كفه قليلاً يدعوها إليه .. ومع تقدم خطواتها كان الجميع يغادر الغرفة تاركين إياهم بمفردهم ..تقلصت الخطوات وأصبحت على مقربة منه وهو مازال على وضعه ينظر لها ولا يحيد عنها بعينيه ، وشريط الساحل كله يعصف بذاكرته ..لاحظت ملامحه القاتمة فجأة ، جلست على المقعد المجاور واقتربت بجسدها حتى باتت ملاصقه لفراشه ، الكلمات تحتبس في حلقها كأنها تعجز عن الحديث ، فاقتربت من كفه تلثم باطنه ، تعانقه عبراتها قبل ثغرها ، فرفع وجهها بأنامله حتى تعود له بقمريه الذابلين يمحي سيلهما المالح بإبهامه ، فيرتفع كفها الحر تحيط به وجهه ، وتكتفي بتأمل ملامحه وعينيها تعانق عيناه ..دفع برأسها نحوه حتى جاورت رأسه وحينها التقت الجفون وأخذ يستمع كلاهما لأنفاس نصفه الآخر.. تخبرها ضمته كم يشتاقها وتخبره عبراتها الدافئة المنتهية فوق عنقه أن الكون أجمع لا يساوي ذرة من  دونه ..وهمسته الخفيضة خرجت قبل أن يغرق في عالم التيه من جديد:
-ما تعيطيش ..
وغاب بعدها في سبات طويل بفعل عقاقير وبفعل آلامه التي لم تلتئم كليا بعد..وحين عاد من جديد كان يظنها مازالت تجاوره لكن أدرك خطأه حين وقع بصره على أخيه الذي كان يحتل جلستها ؛ راقباً بعضهما في صمت لثوان معدودة ..حاول بعدها الاعتدال والنهوض قليلا فاستقام الآخر على الفور من جلسته يدعمه بوضع وسادة خلف ظهره .. كان باسل يتابع حركته الحذرة أثناء قيامه وعينيه تحط فوق جانبه تلقائياً ، فقد علم منذ إفاقته أن لولا الله ثم أخيه ما كان ليعود للحياة من جديد ، منحه جزءاً منه دون أن يفكر في الأمر لثانيتين ، غير آبهٍ لما قد يعود عليه جراء ذلك ، وأنه قد يعاني طويلاً .
-مرتاح كده ؟
كان يسأله وهو مشرف عليه بجسده ، محني الرأس .. هز رأسه في صمت فتبسم له بدوره واقترب يجاوره في جلسته ، فوق فراشه تلك المرة ..فغمغم باسل بإقتضاب وهو يطالعه :
-حاسس بإيه بعد العملية ؟
حافظ على بسمته الهادئة وهو يربت فوق ساقه الممددة ، مخبراً إياه:
-ما تقلقش أنا تمام ..المهم إنت تبقى كويس.
تمكن بعد كلماته من رؤية عيني أخيه المنذرة بعبرات يجاهد بالقوة حتى يمنعها  ، ولو كان الوضع مختلفاً لربما كان وبخه وعنفه لمجرد ظهورها..لكن الآن وبعد ما التمعت مقلتي العسل خاصته بإنذارات مشابهه ، اقترب أكثر وقام بضمه لصدره عنوة.. يربت فوق ظهره بحنو كأنما يعطيه الإذن الآن بفك قيدها..والآخر لم ينتظر بل تشبث في ظهره بقوته الواهنة..فقد كان بحاجته حتى يشعر أن تلك الدوامة التى كان يدور بها وطحنته بما يكفي قد انتهت ..انتهت بعدما كاد أن يفقد روحه وافقد أخيه جزءا من جسده ..
الآن فقط.. يمكنه التنفيس عن كل ما كان يحبسه طيلة الوقت خلف قضبان ضحكاته المعتاده
الآن فقط.. اهتز جسده وبكى
*  *  *  *  *
بعد أيام ..
يقف خلف النافذة الزجاجية الكبيرة يكتنفه الحنق والغضب ، صراعات ودوامات تموج داخله ؛ قلبه وعقله لا يتفقان ؛ والسطوة للعقل تلك المرة ؛ فعاد يزعق من جديد:
-كان لازم تتكلم يا باسل.. خوفك كان هيضيعك
عاد باسل برأسه للوراء ينظر لأخيه الغاضب منذ فترة ؛ أو لدقة منذ أن غادر ذاك الضابط الذي أتى مستجوبا إياه بخصوص حادثته ..حتى الآن لم يتمكن من تصديق أن ذاك الذي اتخذه صديقاً يوماً ما "أحمد" هو نفسه الذي حاول قتله والنيل منه ؛ ماذا فعل له وبما أذاه من الأساس حتى يحمل له بداخله كل تلك الضغينه والكراهية؛ لقد اتخذه رفيقاً وصديقاً ؛ جمعت بينهم مهنة ؛ ترابطت وزادت مع الأيام ؛ كيف أمكنه ان يكون تابعاً لهؤلاء الشياطين ! بل يقدم على ما فعل حتى ينال رضاهم ، وحسرتاه على زمان باتت فيه الصداقات ما هي إلا جسور للعبور فوق أرواح البشر..
وما إن غادر الرجل واسترسل معه في الحديث ؛ عن تفاصيل ما حدث معه بالضبط ، بل زاد الوضع سوءً حين وصل استرساله  "لمار" ..
أخبره ببساطة أنها كانت إحدى مخطاطاتهم القذرة وبالطبع لم يكن غيره أكثر كفاءة ليقوم بتلك المهمة الوضيعة ؛ لم يكن يعلم أسباباً حينها غير أن أباها أخطأ ولزم له عقاب قاسٍ ، ولم يكن ليجدوا من هو أفضل من إبنته لتدفع عن أخطاء أبيها ؛ وما طلب منه تعدى مرحلة القسوة بالكثير ؛ وهو لم يكن ليرفض فقد كان آنذاك كالمغيب لا يميز الخطأ من الصواب؛ وكانت المقايضة تلك المرة تخص أخته ؛ إما يتقدم أو تهلك ..واللقاء كان مرتباً منذ أول مرة ؛ حين أنقذها من بين براثن الامواج ؛ كان يراقب ويتنظر الوقت المناسب فقط ؛ لم تكن هذه محض صدف ولا ما تبعها من لقاءات  ؛ كل شئ كان مرسوماً من قبل .. وقبل النهاية عجز عن مواصلة ذلك الدور الخسيس ، لم يكن يوما نذلا ولا وضيعاً إذ يفقد فتاة بريئة شرفها وكرامتها؛ ليرحل بعدها تاركاً إياها تنثر الرفات على روحها المنتهكة ؛ وهو بالفعل انتهك مشاعرها النقية حين رسم لها دروبا شيدت بالأحلام الكاذبة ؛ لكن حين رأى وجه جميلته فيها وروحها النقية ابتعد ؛ واغتنم كل سانحة حتى يبعدها بدورها فالقرب منه كان يعني الهلاك المحتوم..ولم يدرك وقتها ؛ فقد ظن نفسه حامٍ وهو في الأساس كان يطعن أخيه في نابضه..أخيه الذي يكاد ان يجن منذ أن علم ويهتف فيه مستنكرا ويسأل كيف أمكنه ذلك !
تركه ينفث عن غضبه وهمس بعد حين  :
-اللي زي دول مابيرحموش ؛وانا كنت تحت ضغط كبير ؛ وفي الوقت ده فكرت في اللي يهموني وبس .
صمت دون أن ينظر له ؛فلو أخبره أحدهم من قبل عن كل ما يمر به الآن لكان نعته بالخبال ؛ والآن ماذا ! الوضع أشبه بلسخرية ؛ المفترض أن يمنح أخاه الأعذار أم يثور لأجلها ؟!
وعاد باسل من جديد متابعاً:
-انا مش هنكر حاجه أنا عملتها ، أناغلطت في حقها وأذيتها، هي مالهاش ذنب، بس ماكنش قدامي خيار..
قطع حديثه بغته ؛ مقطباً جبينه في ألم فهرول له الآخر سريعاً هاتفا بقلق :
- حاسس بايه ؟!
كان يسعل بقوة حد اهتزاز جسده بينما كفه ارتفع يدعم به جانبه المتألم ؛ ساعده أخوه في ارتشاف الماء برويه حتى عادت له أنفاسه المتحشرجه واللاهثة ثم عاد به للخلف قليلا حتى يريح جسده ببطء ، يطالع وجهه الشاحب فتمتد يده تمسح عنه عرق جبينه ؛ لاحظ سكون أنفاسه وعودة لونه الطبيعي ؛ فهمس بحذر مازحا عله يتحدث فيطمئن لوضعه أكثر:
-إيه ياعم فوق كده وصحصح إنت عاوز فرحة تقتلني ولا إيه ؟! دي سيباك في إيدي أمانه
ضحك باسل بخفوت وهو يفتح عينيه ببطء هاتفاً بمشاكسة :
-خاف على نفسك بقى .
ثم طاف على ملامحه سريعا بعد ما اكتنفهما الصمت لبرهة ؛ فتغضن وجهه مردفاً بهمس:
-لدرجة دي بتحبها!
هتف الآخر بنبرة جامدة منهيا الحديث:
-خلاص يا باسل مابقاش ينفع.. الحكاية أكبر من مشاعر مسيرها تموت مع الزمن
طالعه بأسف وأكتفى بالنظرات الصامتة لا يدري بما يتحدث ، فأخوه صادق.. ذاك الرجل وإبنته لا نفع منهم ، وكلما ابتعد عنهما أكثر كلما كان أفضل له وللجميع ، وهو يعلم حد اليقين أن شقيقه طوى تلك الصفحه لأجل خاطره ؛ إشتراه هو والثمن قلبه.
وبعد حين حضرت "فرحة" فودعهم إسلام مغادراً..تقدمت إليه ببسمة هادئة ؛انفرج ثغره على أثرها ، جاورته على الفراش حتى واجهته في جلسته ؛فبادر هو بالحديث:
-ماما وبابا فين؟
حركت كتفيها بعفوية مجيبة ببساطة:
-روحوا البيت ومعاهم خالو مراد وساندي ..طنط شاهي ماكنتش عاوزه تمشي وتسيبك بس خالو عزيز أقنعها ، هي ياحرام تعبانة ومحتاجة ترتاح فعلاً.
زمجر بضيق وسخط:
-وأنا مش هروح بقى؟ اتخنقت من المستشفى؛ والرقدة دي بكرهها..مش عارف الدكتور الغبي ده كتب لإسلام على خروج وأنا لا ليه.
منذ أن غادر إسلام  فراش المشفى منذ يومين وهو بعدد الساعة يسخط ويغضب مطالباً الطبيب بالمثل مدعيا بإتباع الأوامر اللازمه في المنزل ، والطبيب يرفض دون نقاش فهو محاط بعناية خاصه تحت وصاية أطباء العائلة جميعا..وهي بدورها تدلل ؛ تصبر وتتحمل:
-إسلام خرج علشان إلتزم بالعلاج ..إعمل زيه إنت وقريب بإذن الله هتخرج
والغضب تلك المرة بجدية لا تحمل عبث :
-وبعدين بقى ..قولت لك بلاش طريقة الأطفال دي ..بتعصبني يا فرحة !
رفعت كفها مغلقة فمها بسحاب معلنة الصمت بثغر باسم جراء عصبيته وحاجبيه المعقودين بحنق لا يناسبه ..تأفف بضيق ..الجميع يعامله كطفل صغير لا يكفون عن إطعامه هذا وذاك ، طيلة الوقت دلال واهتمام مبالغ فيه ..اللعنة لم يعتدْ على كل تلك الأمور وبالفعل يشعر باختناق إثر تلك المبالغه ..إرتاح بجسده أكثر ؛شارداً نحو النافذة بصمت ؛ قطعته هي بهمس خفيض:
-آسفه
دون ان يلتفت غمغم :
-خلاص ماحصلش حاجه .
سرعان ما عادت تهمس بعد ما تملكت من أنامله :
-آسفه علشان ماحستش بيك ولا بكل اللي كنت عايش فيه.. كنت أنانية وبفكر في نفسي وراحتي ومش واخدة بالي من كل ده .
وبنبرة نادمة بصدق همست :
-آسفه لأني قصرت في حبك
تنهد بقوة وجذبها له حتى توسطت صدره منهياً حديثها:
-هشششش.. خلاص إنسي كل اللي فات.. إنسي علشان انا كمان أنسى
إستكانت بوداعة بين ضلوعه تستمع لخفقاته المتتالية وما هي ثوان حتى ابتعدت عنه تتسائل بتردد:
-قلبك مادقش لها ولا مرة ؟
تتحمل وتكتم كل ما يموج داخلها لأجل خاطرة.. لكن اللعنة كيف لها أن تتحمل وتصمت بعد كل ما علمت وسمعت به.. طالعها بصمت لدقائق ، عاد بعدها يلقي ببصره نحو النافذة هاتفا بجديه :
-لو كان خالي احتمال كان دق ..لكن حبك زي العازل مانع غيرك يدخل ومحرم على نفسه يخرج
على الرغم من أن كلماته خرجت من بين شفتيه باقتضاب وخشونة إلا أنها كانت كافية حتى تتبسم برضا.. فهي ببساطة تصدقة .
*  *   *   *  *
في خضم الرياح العاتية تنبت بذور العشق فتبدو كالمتكأ ترتاح فيه الروح وترتع ؛ فتهدأ وتستكين ، وهي دق العشق أبواب قلبها ونوافذه دون سابق دعوة فسقطت صريعة لهواه ..
بخطوات هادئة غادرت مبني الإذاعة وهو يجاورها في سيرها :
-ماينفعش يا مهيب تيجي دلوقتي.. كمان يومين كده يكون باسل خرج من المستشفى
"مهيب السباعي " ارتبكت نبضاتها لذاك الرجل منذ أول يوم عمل له معها في المحطة نفسها، لم تعي آنذاك ما أصابها .. لكن مع مرور الوقت أصبحت تسلم الرايات وترفعها وحين صرح هو بإعجاب متبادل ولفظ عشق إخترق حجرات فؤادها وسكنها فوقعت صريعه لة في التو واللحظة ..وأصبح هو الآن لا يطيق صبراً حتى يدخل البيت من بابه ليتمم نصفه الآخر..
-هستنى وأمري لله بس انا بدأت أفقد صبري خدي بالك بقى
تبسمت بخجل فهو لا يدري كم تتمنى هي قربه واكثر منه ربما .. تابع هو أثناء فتح باب سيارتها  :
-رايحة المستشفى؟
إلتفتت له قبل ان تلج لداخلها متبسمة:
-اممم هعدي أطمن على باسل وبعدين أروح
-تمام .. خلي بالك من الطريق وانتي سايقة ، بلاش جنان وكلميني بعد ما توصلي على طول
وقبل أن تجيب قطعها نبرة اقتربت منهم دون سابق دعوة:
-آنسه ساندي .. الورد ده حد سابه لحضرتك
تناولت الباقة البيضاء بكف متردد وملامح حائرة.. رباه ؛ هل عاد ذاك المجهول من جديد ! بين نفسها تخشى أن تكون قد كسرت قلباً دون قصد ؛ وربما هي فعلت وانتهى ،  تلاقت نظراتها مع "مهيب" بقلق ؛ فهي أخبرته عن قصة ذاك المرسل صاحب الباقات المجهول ، واكتفى هو ببسمة مطمئنة فلا داعي لذلك القلق ربما الأمر كله مجرد صديق للبرنامج ويمزح بسماجة.. لكن فضولها لم يروَ بعد وربما لن يحدث ابداً :
-ميرسي يا فتحي.. بس ماعرفتش من مين  ؟
-لا
أجابها الشاب باختصار وابتعد بخطوات ركيكه ، يدعم ساقه المصابه بالأخرى والعرج بين لا فرار.. القلب جريح ينعى عشقاً وراه بالثرى في لحظته ، ربما الجسد عليل وربما الزمن لم يتبسم له بعد ، لكن القلب يعشق ؛ يشتاق ويتلهف للقاء مقل أو حديث عابر في يومه ، واليوم قدم آخر باقاته.. بيضاء صافية تشبه ضحكتها .. روحها .. وثوب زفافها القريب ، اليوم أغلق دفتر الحكاية قبل أن تبدأ ، فليس كل الحكايا كتب لها أن تسطر وتروى وليس لكل عاشق نصيب من عشقه ، ولا يملك الآن سوى أن يمني نفسه بنسيان يملكه الغد.. اختفى وتركها خلفه تضع باقتها جوارها مغادرة المكان تصحبها نظرات مهيب الصامته ، فقد اختارات أن تحفظها تلك المرة لأجل شعور أخبرها أن تلك هي الأخيرة.
*   *   *    *   *
لا تنتظري بزوغ القمر لتشكي له الآلآم لأنه حتما سيغيب ويعود لنا قمر جديد ..ولا حتى تقفي أمام البحر لتهيج أمواجه وتزيدي على مائه من دموعك لأنه سيرمي بهمك في قاع ليس له قرار ويعود بحراً هادئاً من جديد..
نصائح تعاد وتكرر على مسامعها.. كفى لا تقفي مكانك وتنوحي فوق الأطلال .. ما كان لن يعود ..وآخرون شامتون لا يكفون عن الهمزات واللمزات ..وهي ماذا عنها ؟ لقد كان فارسها الأول ، معلمها الأول ؛ قدوتها ! كانت فخورة به ، ترفع رأسها عالياً ما إن يذكر إسمه ..والآن ماذا ؛ هل أصبح مجرد كان ؟! نعم هو كذلك .. ذلك إقرار يستحقه بعد تلك الزيارة داخل جدران السجن والتي لم يعدْ لها منها سوى صفعات الخذلان رسمتها الحقيقة كاملة من بين شفتيه .. اللعنة! لم فعل ذلك؟ لم مزق صورته بعينيها شر تمزيق فباتت بالية لا نفع منها ولا ضرار ..لم ترك نسائه الثلاث وحدهن يواجهن قسوة حياة حكمت عليهن وأخذتهم بذنب لا يد لهن فيه..لمَ منزلها الهادئ يتحول لآخر خراب لا تعلم إن يصح إطلاق عليه منزل بعد الآن..فرب الأسرة خلف القضبان يحاكم ، والأم تخلص حالها بقضية طلاق تمت من أول جلسه ..وماذا عنها وعن شقيقتها الصغرى ؟ تقفان ضمن صفوف المتفرجين أم تبكيان على الأطلال كما تفعل هي كل يوم ..
ولم تكن تعلم أنه يراقب جلستها اليوميه من بعيد.. منذ إسبوع مضى ، تحديداً منذ أن غادر المشفى ، فهو على علم من الأساس بتفاصيل يومها من قبل حتى..انتقلت للعيش بحي شعبي حيث منزل جدتها لأمها-رحمها الله- بعد ما تم الحجز على جميع ممتلكاتهم ، ومنزلهم كان أول تلك الأشياء ..تقضي نهارها هنا فوق رمال شاطئ نائٍ عن الجميع ؛ تصحبها الوحدة والعبرات التي لا تنضب وبعدها تتلبسها حالة من السكون ..وهو يراقب شرودها أمام صفحات المياة وروحها التي تغلغلها الخواء فباتت هشه تتمايل مع النسائم القوية فتكاد تنكسر في كل مرة ..
بينما العقل يأمر:
" ابتعد .. لا شأن لك هنا "
والقلب يذوي:
" ما بالك.. تحرك يا رجل "
والقلب يخرس في كل مرة حين يمسك العقل زمام الأمور فيولي ظهره وتتحرك قدماه معلناً بهما رحيلاً بغير عودة.

دوامة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن