الخاتمة

112 1 0
                                    


الخاتمة

بين أروقة العشق.. هناك حيث حجرات القلب وثنايا الروح تسكن الخلايا ذبذبات عشق تتأرجح بين طيات الغرام.. وهناك في ركن قصي تركن الأحلام الممنوعة.. لكن مع الغد ربما تصبح أمنيات مرحبا بها وتنجب لقاء حتى وإن كان المخاض عسير..
واللقاء هنا مختلف.. حتمًا مختلف
حديقة غناء تكسو أرضها عشبية رطبة محببة للعين وملمس الجسد.. تفترشها ثلاث أبسطة يبعد كلا عن الآخر قرابة المتر ونصف المتر.. جليساتها ثلاث نساء بثلاث بطون منتفخه بأحجام متفاوتة..
أولى.. بثوب أحمر باهت، يضيق عند الصدر وينزل بإتساع يريح ذات الخمس أشهر في حملها.. خصلاتها الحالكة تتهدل من عقالها بتمرد فوق جبهتها و صفحة وجهها، صانعة لصاحبتها لوحة مبعثرة بتمرد محبب.. بينما أصابعها تتشاغل بتنميق طبق من ورق العنب المحشي بأصابع خبيرة..
وثانية.. ذات الثوب الفيروزي الهادئ وحتما يناسب بطنها المنتفخ ذا السبع أشهر.. تتململ في ضيق وخصلاتها الشقراء تتمايل في تموجات جذابة بإغواء، تعدل بدورها أصابع الكفتة ذات رائحة الشواء الفواحه وتعيد تفكيرها للمرة العاشرة فربما قد تناست شيئا ما أثناء الإعداد..
وعن الثالثة.. زين قدها بلون البنفسج المبهج، تميل للوراء قليلا مرتكزه بكفيها على الأرض الرطبه، موفره أكبر قدر ممكن من المساحة لبطنها ذات التسع أشهر.. تتبسم لتلك النسائم التي تلفحها برقه تشبهها وتزيح خصلاتها المنسابه حول وجهها بنعومة تشبه الشيكولا المذابه.. بينما على بعد سنتيمترات قليلة منها تفوح رائحة الشطائر الشهية ذات الأطعمة المختلفه..
تنحنحت الأولى تنبأ عن إنتهائها فتنبهت الثانية والثالثة.. ونظرة تحدي برقت في عيني ثلاثتهم لتستل كلن منهن جهازها اللوحي وتبعث برسالة خاصة كن قد إتفقن على فحواها المتشابه من قبل..
" حبيبي مستنياك في(......) ماتتاخرش عليا محتاجه لك "
وأغلقن الهواتف عقب التأكد من تمام الوصول والعاقبة في الإنتظار..
أو في ربح إحداهن بوصول زوجها أولًا.
................
تقدم في المساحات الخضراء الشاسعة بترقب يتابع بعينيه ويقلق بقلبه؛ عقب ما إستلم تلك الرسالة العجيبه.. أيعقل أنها تلد هنا!
وسرعان ما إرتفع حاجبيه في ذهول وهو يرى ثلاثتهم تحتل كلن منهن مجلسها.. إقترب بخطواته أكثر مع ذهول يزداد من أفكارهن الجامحه كل حين وآخر.. دنا من زوجته يطالعها بعلو ويهتف بتهكم:
-يعني أنا اتخض الخضه دي كلها وفي الآخر حضرتك بتضحكي!
نعم تضحك وربما سترقص ظفرًا بعد قليل، فهي الرابحة بلا منازع.. جذبت كفه برفق حتى جالسها فداعبت وجنته بسعادة بالغة كأنها تلاعب صغيرها وهي تردد بلا توقف من بين ضحكاتها:
-بحبك.. بحبك.. بحبك.
ضحك في مرح وهو يجذبها لصدره حتى صارت تتكأ عليه بظهرها.. يتناول شطائره بنهم ويطعمها بيديه.. ويهمس بين القضمة والأخرى بكلمات وحدها من تسمعها، تلتمع فيها مقلتيه لثوان ويصمت لأخرى قبل أن يضمها عنوه بين ذراعيه..
فذلك هو حين يعشق.

بينما هاتان الجالستان يراقبان بحنق وتمتمة شفاه ساخطة قطعها زوبعة وصول زوج الثانية وهو يزعق فيها:
- بذمتك مش مكسوفه!
وصمتت برأس منكس تبعها زفره قوية خرجت منه عقب ما جاورها بعد ما شاهد صديقه هائما في ملكوته..
"مسكين إسلام بعده في عامه الأول!"
قالها بدر لنفسه ساخطا قبل أن يسحب حافظة الطعام من جانبها مغمغما ببعض من الخشونه:
-هنا في أكل؟
رفعت رأسها من فورها تطالعه وقد لمحت طيف إبتسامة إنبثق من بين شفتيه، وذلك يعني أن مزاجه لم يصل لدرجة التعكر وهذا جيد.. جيد جدا في الحقيقة.. وسرعان ما إفترق ثغرها ببسمة ساحرة وهي تهز رأسها بإيجاب قابله بغمزة ماكرة تعرف مقصدها جيدا..  فلم يكن هناك داعي لكل ما تكبدت له من عناء فغلالة شفافه كانت ستفي بالغرض..  تنهدت في إستسلام وقلة حيلة وهي تراقبه ..
فذلك هو حين يحب.

والأخيرة أوشكت أن تتعفن في جلستها أو تموت قهرا وكمدا من برودة أعصابه.. فحضرته قادما يتبختر بعد مضي ساعة كاملة من قدوم الأخرآن..
يقترب بملامح هادئة لا تشيء بشئ.. ثم ألقى بجسده على مقربة منها في وضع شبه مستلقي، بعد ما رمى بصره لبرهه على أخيه وإبن زهران ذو الملامح المتغضنة..
عاد لها برأسه.. يرمقها بتمهل صاحب كفه المرفوعه لفمه يكبح عنه تثائبه مغمغمًا:
- في إيه؟ جرالكم إيه..  إتجننتوا خلاص!
زفرت منه وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه.. فقترب بغته يتوسط وركيها برأسه، مغمضا عينيه في سكينة، ولم تملك سوى أن تصيبه بقبضة مكوره بحنق فوق كتفه.. قطعها بقبلة قوية داخل باطنه جعلتها تزفر تلك المرة وهي تمسد ذقنه الناميه قليلا بآناملها.. فتبسم.. وتبسمت، وحين شاكس بسفور عنفته بعينيها منبه إياه بموقعهما.. فتعلو ضحكاته بصخب وتتغضن عيناه من كلا الجانبين فتشاركه ضحكاته بعد ما تنتهي من مراقبة ذلك في كل مرة..
فذلك هو حين يأسر القلوب.

ولأنَّ خارطةَ العشقِ مزيجٌ مِنْ إنخفاضاتٍ وإرتفاعاتٍ..
هي مَن يُغرِقُنَا فِي دواماتِهِ..
يَجعلنا جزءًا لا يَتجزأ مِن مُكوناتِ أشجانِهِ..
نَشعرُ بالعشقِ
فيأخُذُنَا إلى أرضٍ خصبةٍ مِن الإحساسِ..
وهو العشقُ مجنونٌ.. ساحرٌ.. يخطفُ الأبصارَ..
في صراعِ القلوبِ عنيدٌ
بدايتُه نظرةٌ تُذيبُ العبراتَ
تبعثُ للحلمِ بعطرٍ فريدٍ
ليس للحبِ بدايةٌ.. وليس له نهايةٌ
وقد غَرِقنا في دوامةِ العشقِ
وانتهتْ الحكاية.

تمت بحمد الله
30/8/2016

دوامة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن