الثـالث عشـر.

6.4K 183 206
                                    


---

امتلأت الغرفة بسحب الخوف، بينما كان هيبر يحاول أن يتنفس بصعوبة. لم يكن بإمكانه التمييز بين نبضات قلبه السريعة وبين الهمسات المظلمة التي تدور في رأسه. كل ما كان يشعر به هو العجوز الذي يضغط عليه بقسوة لا ترحم.

جسده كان مكبلًا، وقلبه أثقل من الجبال، كل محاولة منه لتحريك نفسه كانت تقابل بخيبة أمل. أحس بيد العجوز وهي تلامس جسده بطريقة مهينة، وكأنها تنتزع روحه من جسده. أغمض هيبر عينيه، لكن حتى ظلام جفونه لم يكن كافيًا للهروب من الواقع المؤلم الذي يواجهه. 

لكن فجأة، اختل ميزان الصوت من حوله. تردد صدى غامض في أذنيه كأنما انفتحت أبواب جهنم، كان صوت الرصاص، قويًا ومروعًا، يصدح في أرجاء المكان.
فتح عينيه بصدمة، ليجد العجوز قد توقفت حركته. شعر بوزنه الثقيل يزداد، وفمه الذي كان يلهث من شهوة خبيثة، بات الآن ممتلئًا بالدماء. كانت عيناه مفتوحتين على مصراعيهما، ولكنهما خاليتان من الحياة. ارتخت أطرافه الميتة فوق هيبر، بعد أن اصبح جسدًا بلا روح.

ببطء مروع، تدفق الدم من فم العجوز وسال على وجه هيبر
كان الدم دافئًا ولزجًا، يتسلل إلى جلده وكأنه لعنة.
حاول هيبر الصراخ، لكن صرخاته ضاعت في مزيج من الذعر والذهول. لم يستطع التفكير، لم يستطع حتى استيعاب ما يحدث. كان عالقًا تحت جثة الرجل، وقلبه يرفرف بعنف في صدره كعصفور مذعور.
صوت دقات قلب هيبر الخافقة بسرعة في صدره و ضجيج الصراخ بالخارج يزيدان إحساسه بالعجز. ارتعش، ويده مقيدة بالأصفاد، لا يستطيع الحركة ولا الهرب من الجحيم الذي حل به.
لوهلة، شعر وكأن العالم يذوب من حوله، وكل ما كان قادرًا على إدراكه هو العجوز الذي كان يحتضر فوقه، وثقل الحياة التي انزلقت بعيدًا من بين يديه

تفاجئ هيبر عندما شعر بثقل جسد العجوز يدفع بعيدًا عنه. رفع عينيه ببطء ليقابل وجه زاك، الذي كان يبتسم ابتسامة غير متوقعة في تلك اللحظة المروعة. كانت تلك الابتسامة تجمع بين الحنان والوحشية في آن واحد، كما لو كان زاك يحاول أن يطمئن هيبر بينما يتلذذ بإثارة الفوضى حوله.

زاك، بهدوء واثق، بدأ بفتح الأصفاد التي كانت تقيد معصم هيبر. تحرك ببطء مقصود، يستمتع بإزالة كل قيد وضع على محبوبه. شعور الحرية البطيئة بدأ يتسلل إلى هيبر، لكنه كان لا يزال أسير الرعب الذي عصف بكيانه و عالمه يتقلب أمام عينيه،.

أخذ زاك سترته الجلدية السوداء، ولفها حول هيبر برفق وكأنه يحميه من العالم القاسي الذي كان يلتف حولهما. كانت عينا هيبر ما زالتا واسعتين من الصدمة، وصوته لم يكن أكثر من همسات متقطعة.

بدأ صوت الرصاص يعم المكان كأنه عاصفة لا تعرف الرحمة. تحركت الغرفة و بدأت ترتجف تحت وطأة الدمار القادم. رجال زاك كانوا في كل مكان، يتنقلون بسرعة بين الزوايا، يفحصون الأثاث، عن أي شيء مهم. الضوضاء كانت ترتفع شيئًا فشيئًا، تعلو مع كل طلقة وكل صرخة تنطلق في الهواء.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن