الرابع و الثلاثـون. ( 🔞 )

5.6K 135 62
                                    

---

عندما وصل زاك إلى الغرفة، وقف للحظة خلف الباب المغلق، متجمدا. صرخات ليلي الحادة كانت تمزق الهواء من حوله، تخترق جدران عقله كإبر مسمومة تزيد من ثقله وتوتره. كان كل شيء في داخله يتمزق بين الرفض والضيق، كأن جسده بأكمله يعترض على هذا الواقع الذي لم يكن مستعدًا له. إحساس بارد، أقرب إلى الاشمئزاز تملكه عند تذكره أن هذا الطفل الذي سيولد، ليس من هيبر؛ ليس من الرجل الوحيد الذي يستطيع احتمال وجوده في حياته.

اندفع زاك إلى الداخل ودفع الباب بعنف، محدثًا ارتطاما حادًا بالجدار. اجتاحت أنفه رائحة القبو الرطبة والممزوجة برائحة العرق والمخاض، رائحة ثقيلة كأنها سجن لا مهرب منه. تجاهل كل شيء من حوله؛ لم تعنه حالة ليلي المتألمة أو الارضية القذرة التي كانت تلد عليها، بل لم يتكبد عناء حتى نقلها لغرفة احتراماً لحالتها، أو لإنجابها لطفله. هي لم تكن سوى وسيلة، أداة مؤقتة في طريقه والاهتمام بها كان أشبه بإضاعة وقت لا قيمة له.

تعلقت عيناه للحظة بجسد ليلي المرتعش، وكيف كانت تقاتل وحدها لإخراج الطفل من بين أضلاع الألم.
السوائل التي خرجت منها والتشنجات العنيفة التي تهز جسدها كانت بالنسبة له مشهدًا مقززا. أزاح وجهه سريعًا، لا يريد حتى التفكير في تفاصيل ما يحدث أمامه، كل ما يريده هو إنهاء هذا الكابوس الذي اقتحم يومه، وكأن مقاطعة لحظات السكينة التي قضاها مع هيبر لا تغتفر.

فجأة، شق بكاء حاد الهواء كالسهم، ليقطع الصمت المشوب بالضيق في عقله. استدار زاك بحدة نحو مصدر الصوت، وكانت الخادمة قد التقطت الطفل الصغير بين يديها المرتجفتين. كان الجسد الهش الذي بالكاد يحتمل الإمساك به مغطى بطبقة من الدماء اللزجة، وصراخه الحاد كان أشبه بجرس إنذار يعلن بداية مسؤولية جديدة، مسؤولية لم يكن مستعدا لها.

ثبت زاك مكانه، عيناه تحدقان في الطفل كأنهما تحاولان استيعاب هذا الواقع الجديد. لكن كل ما شعر به كان صدمة عارمة و ثقلا يضغط على صدره، كأنه غرق بطيء في بحر من المشاعر المتناقضة. لم يكن هناك شيء سوى شعور غامر بالخسارة و تذكيراً بفشله للسيطرة على حياته.

أخذ زاك نفسًا عميقًا، لكنه شعر ان الهواء أصبح سما يملأ رئتيه. ثم، دون أن ينبس بكلمة، مد يديه إلى الخادمة، عيناه مليئتان بنظرة باردة، نظرة تحمل في طياتها نفورًا من الطفل ومن كل ما سيأتي معه.

ناولته الخادمة الطفل فوراً، فتلقفه بيديه الخشنتين والباردتين كأنما يمسك بشيء غريب وغير مرغوب فيه. كان جسد الطفل الرضيع يرتعش وصرخاته تمزق الصمت. لكن زاك لم يرف له جفن، لم يتحرك فيه شيء يشبه الأبوة أو الحنان. قبض على الطفل بعنف غير مقصود، ويداه القاسيتان ضيقتا على جسده الهش حتى بدا وكأنه قطعة من ورق قد تنهار بين أصابعه في أي لحظة. للحظة قصيرة، نسي زاك أن ما يحمله بين يديه هو كائن حي، كائن ولد للتو، ببراءة لا تستحق هذا المصير القاسي.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن