الرابـع و العِشـرون.

3.5K 166 79
                                    


🔞

---

كان هيبر يسير في تلك الغرفة المظلمة والباردة، الأرضية الخشنة تحت قدميه تذكره بالواقع القاسي الذي يجد نفسه فيه. كل خطوة يأخذها تصدر صوتًا خافتًا، يكسره الصمت المخيف الذي يحيط به. أفكاره كانت تصطدم ببعضها في ذهنه، تجعله يتوقف للحظة ليلتقط أنفاسه الثقيلة. كيف وصل إلى هذا الحال؟ كيف استطاع أن يفعل ذلك؟

شعر بالبرد يتسرب إلى عظامه، ليس فقط من الجو، بل من داخله، من ندوب نفسه التي لم تلتئم بعد. كل ذكرى تمر أمامه تجعله يشعر وكأن قلبه يتمزق من جديد. مشهد ليلي وهي تبتسم تلك الابتسامة الباردة الخالية من الرحمة لم يفارقه. كان يشعر بيدها الباردة وهي تلامس وجهه، وكلماتها اللاذعة تخترقه بعمق. أراد صرخة، لكنه بقي صامتًا. ندمه كان ثقيلًا، يأكل في قلبه مثل وحش جائع لا يشبع.

وقف في وسط الغرفة، ناظرًا إلى الباب الحديدي الذي أغلق عليه. "هل سيأتي زاك؟" تساءل بصوت خافت، ويداه ترتجفان. الفكرة بأن زاك قد لا يثق به مجددًا كانت كالجحيم بالنسبة له. "ماذا لو تركني هنا للأبد؟" تلك الفكرة كانت تطارد عقله، تعذبه. شعر وكأن الجدران تقترب منه، تحاصره في زاوية بلا مخرج.

يسمع أنفاسه المتسارعة في تلك الغرفة الصامتة. الجثث كانت ماثلة في الظلام، لا يراها ولكنه يشعر بوجودها. كانت تذكره بأن الموت هنا قريب، بأن الفشل هنا ليس فقط نهاية الحلم، بل نهاية الحياة.

جلس هيبر على الأرضية الباردة، واضعًا رأسه بين يديه، دموعه تتجمع في عينيه. لكنه مسحها بعنف، وكأنه يريد أن يطرد الضعف من داخله. "لا مزيد من الضعف"، همس لنفسه، "لن أكون أحمقًا مجددًا."

صوت الباب الحديدي وهو يفتح كان كصفعة أعادت هيبر إلى الواقع، انتفض قلبه داخل صدره، وهرع بسرعة نحو الباب، عيناه مليئتان بالترقب واللهفة. كانت اللحظة وكأنها بثت فيه حياة جديدة، وكأن كل شيء قد يتغير الآن. عندما رأى زاك واقفًا هناك، بجسده الطويل القوي، شعر هيبر بأنه على قيد الحياة اليوم، ربما لأول مرة منذ فترة.

زاك، بطوله المهيب وعيونه الزمردية العميقة، كان يشع بالقوة والثقة، تلك الثقة التي جعلت هيبر دائمًا يشعر بالأمان، وشعور خفي بأنه مرغوب فيه. لم ينكر هيبر أنه ندم بشدة على ما فعله، ندم أشعره بالثقل في قلبه، لكنه أراد الآن فرصة جديدة، بداية جديدة ليُثبت لزاك أنه تغير حقًا، أن هذه المرة ليست مثل كل المرات السابقة.

ولكن، عندما همّ هيبر بالاقتراب من زاك، توقف فجأة. كان زاك يحمل بيده سلسلة، وسرعان ما رأى هيبر ما كانت تلك السلسلة متصلة به، كلبه الشرس، الذي كان ينظر إليه بنظرات مليئة بالكراهية. كانت ذكرياته مع هذا الكلب غير جيدة على الإطلاق. في كل مرة كان هيبر يقلم حشائش الحديقة، كان الكلب هناك، يراقبه ويزمجر نحوه، كأنه يتربص بأي فرصة للانقضاض عليه.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن