الثلاثـون.

3.4K 130 46
                                    

اسفة على التأخير، بسبب الدراسة و ضيق الوقت

---

دخل زاك شركته بخطوات واثقة وثابتة، بينما كانت أصوات المحادثات تتلاشى عند اقترابه، عاد كل واحد منهم لعمله. لكن نظرات خوف الموظفون تحولت لنظرات فضولية، حينما ادركو أن اليوم ليس كغيره، لم يكن زاك في مزاج لإهانة أحد أو تفريغ غضبه. بدا كأنه يحمل في قلبه شيئًا أكبر من مشاعره المعتادة.

دخل مكتبه وأغلق الباب خلفه برفق غير معتاد، جلس بهدوء على كرسيه، وبدأ ينظر من خلال الجدار الزجاجي. كانت الأشعة الصباحية تتسلل بهدوء، لكن عقله لم يكن حاضرًا في هذا الجو الساكن. أمسك الهاتف بيده، صوت أنفاسه بالكاد يسمع حينما أمر السكرتيرة بصوت ثابت: "دعيها تدخل."

الهواء في الغرفة أصبح أكثر كثافة حينما دخلت ام هيبر. كان الجو مشحونًا بطبقة من التوتر، تختلط بين الحذر والغموض. كانت ترتدي قناعًا دقيقًا من الحزن المصطنع، و زاك لم يكن ساذجًا ليفوته ذلك. وقف ببطء، ابتسامة مجاملة تشكلت على شفتيه، تلك الابتسامة التي يعرف تمامًا كيف يُظهرها دون أن يُفصح عن أفكاره الحقيقية. مد يده لمصافحتها، يراقب كل حركة وكل تعبير على وجهها.

"مرحبًا بكِ في شركتي." نبرة صوته كانت سلسة، ولكنها تحمل بداخلها شيء من الحذر.

ام هيبر بدت مترددة للحظة، ثم بادلت الابتسامة، ابتسامة خالية من الروح. عيناها لم تعكسا أي نوع من الألم الحقيقي، فقط محاولة يائسة لتبدو وكأنها تحترق من الداخل. أشار لها زاك للجلوس، وهو يدرس حركاتها بصمت. كل شيء في تلك اللحظة بدا وكأنه لعبة يتقنها كلاهما.

جلست ببطء، تنهدت قبل أن تسأله: "كيف حالك؟" كانت كلمتها مختلطة بين الفضول المصطنع وبين محاولة لخلق جسر من التعاطف. وكأنها نسيت، ولو للحظة، السبب الذي جاء بها إلى هنا.

زاك رفع حاجبيه برفق، ابتسامة ساحرة امتدت على شفتيه، لكنه داخليًا كان يقرأ كل إشارة وكل لحظة تردد. "أنا بخير، ماذا عنكِ؟ وكيف حال هيبر؟" نبرة صوته كانت مرنة، لكن كل كلمة اختيرت بعناية، كل تفاعل كان يخفي خلفه استراتيجية محسوبة.

تلك الكلمات كانت المفتاح الذي كسر قناع أم هيبر، أو على الأقل، هكذا تظاهرت. وجهها الشاحب تجمد للحظة، قبل أن تغطيه بيديها فجأة. بدأت دموع مزيفة تنساب على خديها، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة لتبدأ عرضها المسرحي.

زاك جلس بظهره مستقيمًا، عيناه ضيقتان وهو يراقب تلك المسرحية الهزلية التي كانت تقدمها أمامه. حاول أن يظهر قلقًا، أن يتظاهر بأنه تأثر بمشهدها. "ما بكِ سيدتي؟" صوته الآن حمل مزيجًا من الفضول المصطنع والتوتر الملموس.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن