الواحد و الثلاثـون.

3K 140 40
                                    

---

زاك دخل المنزل بخطوات عنيفة، وكأن الغضب المتقد في داخله كان يدفعه إلى الأمام. كانت أنفاسه ثقيلة، وجهه محمر من الغضب، وعضلاته مشدودة كوتر على وشك الانقطاع. مرّ بيوم طويل من الأحداث المزعجة التي تراكمت على صدره، وهو لا يحتمل المزيد. لم يكن في مزاج لتحمل أي تأخير أو تبرير.

صرخ بصوت عالٍ تجاه الخادمة التي تقفرت من الخوف أمامه، بينما عيناه تبحثان عن هيبر. "أين هو هيبر؟" سأل بغضب شديد، وكان صوته يشبه زئير وحش جريح.

الخادمة، المرتبكة والمرتجفة، أشارت بخوف إلى الحديقة وهي تحاول أن تشرح، "إنه في الحد...". لكن زاك لم ينتظر منها أن تكمل الجملة، قاطعها بالصراخ مرة أخرى، 'اذهبي وأخبريه أن يأتي حالًا!"

في الحديقة، جلس هيبر بمحاولة يائسة للظهور بمظهر طبيعي أمام روني والشاب الغامض. رغم ذلك، كان يشعر بأن كل كلمة يتفوه بها تزيد من توتره الداخلي. عيناه تراقبان كل حركة من روني، الذي كان يتحدث بانبهار واضح مع الشاب، وبدا وكأنهما يغوصان في حوار عميق لا يحتاجان فيه إلى وجود هيبر. الشاب، بلباقته الظاهرة، لم يرحم هيبر من الأسئلة المتعلقة بزاك، وكأنه يريد استكشاف كل جانب في علاقتهما.

كل سؤال كان يزيد نار الغيرة التي تحترق في داخل هيبر. تلك الغيرة التي لم يستطع السيطرة عليها. كان يريد بشدة أن يقول كفى، ألا يعطي أي معلومة أخرى عن حبيبه زاك. زاك هو ملكه وحده، ولا يريد أن يشاركه أي شخص آخر. لكن في كل مرة، يجد نفسه يجيب رغماً عنه، وكأن الخجل يمنعه من المواجهة الصريحة.

بينما كان هيبر غارقًا في أفكاره، جاءت الخادمة بسرعة نحوه، وجهها ما زال يعكس أثر غضب زاك الذي شهده منذ لحظات. "السيد زاك يريدك... يبدو غاضبًا." همست بصوت هادئ، ولكن مضمون كلماتها كان كافيًا لإشعال مخاوف هيبر.

وقف هيبر بسرعة، ولكن خوفه ازداد، ما الذي قد فعله ليغضب زاك هكذا؟ هل ارتكب خطأً ما؟ أم أن هناك شيئًا آخر لا يعرفه؟ كل هذه الأفكار كانت تتسابق في ذهنه وهو يمشي بخطوات قلقة نحو الداخل، يشعر وكأن شيئًا فظيعًا على وشك الحدوث.

بمجرد أن دخل هيبر إلى المنزل، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا للبحث عن زاك. عيونه سرعان ما التقطت تلك الهيئة الطويلة والعضلات التي تتحرك بسرعة باتجاهه. كان زاك يقترب كفهدٍ جائع على وشك الانقضاض على فريسته.

تراجع هيبر خطوة للخلف، ثم أخرى، لكنه لم يستطع الإفلات من ذلك الغضب العارم الذي كان يغلي في وجه زاك. وجه زاك المحمر، وعروق جبينه المنتفخة، كانت كلها إشارات واضحة على أن البركان الذي بداخله على وشك الانفجار. عيونه الحادة لا تغفل عن هيبر، وكأنها تحاول التغلغل في أعماق عقله، بحثًا عن أي دليل على خيانة أو خديعة.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن