الثـالث و العِشـرون.

3.7K 184 77
                                    


---

بدأت أشعة الشمس تخترق زجاج النافذة ببطء، تلامس وجه زاك بعناية، كأنها تهمس له للاستيقاظ. استجاب جسده لها ببطء، وتحت تأثير نعاسه العميق، شعر بجسد ناعم يحتضنه. في تلك اللحظة القصيرة بين النوم واليقظة، حيث تكون الحقيقة مشوشة بالأحلام، اعتقد زاك أن هيبر هو من يعانقه. لم يتردد للحظة، بل سحب الجسد إليه أكثر، باحثًا عن دفء يشعره بالأمان والحنين الذي اشتاق إليه.

لكن، شيئًا ما كان غريبًا. لمساته لم تتطابق مع الجسد الذي عرفه من قبل. أدرك زاك أن ما كان يتوقعه لم يكن حقيقة، فتح عينيه فجأة، مشدودًا كوتر سهم متوتر. كانت ليلي بجانبه، جسدها مغطى بالكاد بالغطاء، وعيناها مغلقتان، غارقة في نوم عميق.

الغضب، شعور لا يمكن السيطرة عليه، اجتاحه كالعاصفة. كيف سمح لنفسه أن يصل إلى هذه النقطة؟ كيف خان مشاعره تجاه هيبر بهذا الشكل؟ كان جسده يرتجف وهو يدفع ليلي بعنف بعيدًا عنه، لدرجة أنها كادت تسقط عن السرير. نظرت إليه بذهول، عيناها مليئتان بالحيرة. كانت للتو تستيقظ، وملامحها لم تستوعب بعد ما يحدث.

"اخرجي!" صرخ زاك بصوت عميق ومكبوح بالغضب، نبرة صوته كانت مشبعة بالاشمئزاز. "عاهرة!" ألقى ملابسها عليها بوحشية، وكأنها مجرد شيء يجب أن يغادر الغرفة. ليلي، التي كانت لا تزال تحاول فهم ما يحدث، تراجعت، أيديها المرتعشة تجمع ملابسها بينما تهرب من الغرفة، غير قادرة على نطق كلمة.

عندما أغلقت الباب خلفها، بقى زاك واقفاً وحده في الغرفة. كل شيء حوله كان ساكنًا، لكنه في داخله كان يتصارع مع مزيج من المشاعر التي كادت تبتلعه. نظر إلى السرير، ثم إلى جسده العاري، كرهه تسلل إلى أعماقه. لم يكن يشعر بالراحة مع نفسه، جسده لم يعد ملكه بعد الليلة الماضية.

تذكر كل لحظة، كل حركة، كل لمسة منها. مشاهد الليلة الماضية تلاحقه، لكنه لم يشعر بأي شيء حقيقي. كل شيء بدا باهتًا وفارغًا. كان يقارن، دون وعي، بين ما حدث وما شعر به مع هيبر. كل لحظة مع هيبر كانت مليئة بالمعنى، بالألم، بالحب

توجه بخطوات ثقيلة نحو الحمام، يجر جسده المرهق كأنما يسعى للتخلص من كل ما يشعر به. فتح صنبور المياه ببطء، وتركها تتدفق بينما كان يحدق في المرآة. وجهه لم يعد يعبر عن شيء سوى الفراغ.
---

مشت ليلي في الرواق بخطوات ثقيلة، تحمل ملابسها بإحكام كأنها تحاول حماية نفسها من مشاعرها قبل عري جسدها. كانت أفكارها تتلاطم داخل عقلها مثل أمواج هائجة، تحاول استيعاب ما حدث للتو. فجأة، شعرت بيدين قويتين تمسك معصميها بقوة، رفعت نظرها لتلتقي بعيني روني الغاضبتين. كانت نظراته تحمل الكثير من الحقد والغضب المكبوت.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن