الثـاني و العِشـرون.

3.8K 154 126
                                    

---

بينما السم ينساب ببطء إلى معدة هيبر، كان يحترق كالنار في حلقه، مما يجعله يشعر بألم لا يوصف. كانت الدموع تتساقط من عينيه، تتدفق بغزارة على خديه المتورمين، ووجنتيه الحمراوين، وكأن الألم قد استقر في أعماقه. و الطعم المرّ للقارورة ملأ فمه.

زاك، الذي بقي صامتًا وهادئًا، كان يشاهد هيبر وهو يتلوى في عذابه. عينيه الثاقبتان لم تفارق هيبر، وكان يبدو أنه يستمتع بمشهد معاناته. زاك جلس على ركبتيه أمام هيبر، ووجهه يعبر عن قسوة لا تتغير، بينما هيبر كان يطلب الرحمة بعينيه، يتوسل إلى زاك أن يخفف عنه أو حتى يعيده إلى الحياة، مستعدًا لقبول أي عقوبة أخرى.

أمسك زاك برأس هيبر، وغرس أنامله في شعره الرطب من العرق والدموع، نظرت عيناه الثاقبتان إلى عيني هيبر الزرقاوين، اللتين امتلأتا بالدموع . ثم قال زاك بصوت هادئ،  محملاً بالتهديد

"هل تعتقد أنك ستموت من دون دفع ثمن أفعالك؟" كانت كلماته كالسياط، تعبر عن قسوته ورغبته في الانتقام.

امسك زاك بيد هيبر بقوة منتزعاً الخاتم من يده بعنف، وكأنه كان ينتزع أي ذكرى جميلة أو أمل في مستقبل أفضل. وضع زاك الخاتم في جيبه، ثم أمسك هيبر من قميصه بقوة، رافعاً إياه ليرى عذابه بشكل أقرب. هيبر، الذي لم يكن يستطيع حتى رفع رأسه، كان يتوسل، يعبر عن استعداده لقبول أي شيء مقابل فرصة للعيش.

بدأ زاك يجر هيبر وراءه من قميصه، وقدما هيبر كانا يُجران بصعوبة، يتعثران في كل خطوة. زاك لم يتوقف، بل استمر في جر هيبر عبر الدرج الطويل. كان هيبر يسقط ويقوم مرة تلو الأخرى، يجره زاك بعنف و بسرعة.

كلما نزلا أكثر، أصبح الجو أكثر قتامة، وأصبح الظلام يحل تدريجياً. الإضاءة الخافتة التي كانت في الأعلى بدأت تتلاشى، الهواء كان باردًا، والأصوات كانت تتلاشى ورائهما.

الطابق السفلي كان مظلمًا تمامًا، وكلما نزلوا أكثر، كان السواد يزداد كثافة، وكأنهم يغوصون في حفرة من العدم. خطوات زاك كانت تتردد في السكون الثقيل، وهيبر كان يحاول رؤية أي شيء في هذا الظلام، أو يرتكز على قدميه، لكن كل ما كان يمكنه رؤيته هو الظلال المتراقصة على الجدران، وهو يشعر بخوف يتصاعد مع كل خطوة.

و اخيرا وصلوا إلى الطابق السفلي، كان الظلام دامسًا، مع هواء بارد يحاوطهم. هيبر في حالة من الرعب الشديد، لا يعلم أين هو أو ما الذي سيحدث له بعد ذلك. كل ما كان يعرفه هو أن النهاية أصبحت أقرب، وأن الظلام يلتف حوله كعذابه الملموس، يجعله يشعر وكأنه محاصر في كابوس لا ينتهي.

توقف زاك أمام باب حديدي ضخم. كان الباب قديمًا، تتدلى منه اصوات مزعجة عند كل محاولة لفتحه، وكأنه يعترض على ما سيحدث. كان هيبر يقف خلف زاك، جسده يرتجف من الخوف، وعقله يغلي بالأسئلة حول مصيره المجهول.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن