الفصل الثالث والثلاثون

3.8K 350 39
                                    

"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "

حين يغيب صوتك، يصمت العالم من حولي، وتصبح اللحظات باهتة بلا لون، بلا طعم، بلا حياة. أشتاق إليك بكل ما فيّ، أشتاق لدفء حديثك، لنبرة صوتك التي تروي عطشي للحب، لنظراتك التي كانت تغمرني بالأمان.
#ميرال_السيوفي

العشق ليس مجرد شعور، بل هو نداء القلب حين يفتقد نبضه الآخر، هو لهفة العين لرؤية من تحب، هو ذلك الحنين الذي يسكن الروح ويجعل من الأيام دونك مجرد عبور بلا معنى. فكل لحظة تمر دونك، يزداد شوقي، ويتعاظم حنيني، وكأن المسافة بيننا تزيد من احتراقي وتوقي إليك.

يا من ملكت قلبي، أحتاجك كما تحتاج الأرض للمطر، وكما تحتاج الوردة للندى، فعد سريعًا، قبل أن يأخذني الاشتياق إلى عالم لا أجد فيه سوى ظلك وهمسك في أحلامي.
#إلياس_السيوفي

بعد دفعه لإسلام، اتجه إلى سيارته وظلَّ يدور في شوارعِ القاهرة كالتائهِ في غياهبِ الجبِّ، توقَّف أمام النيل يحدِّقُ في مياههِ الصامتةِ التي تعكسُ هدوءًا لا يملكه؛ تراجع بجسدهِ متردِّدًا وهو يستعرضُ شريطَ حياتهِ منذ أن كان طفلًا وحتى هذا اليوم..مرَّت الذكريات أمام عينيه بسرعةٍ مربكة، يحاولُ أن يحافظ على توازنهِ الداخلي كي لا يُظهرَ صراعهِ الخفي..مع من انهزم القلبَ أمامها..

توقَّفَ عند ذكرى مع متيِّمةِ قلبه، تلك الذكرى التي لم يجنِ منها سوى ألمٍ متراكم، كالنَّارِ التي تأبى أن تخمد..فمنذ أن دقَّ قلبه، وعشقهِ مليئًا بالألم، عشقًا يشبهُ الغرقَ في بحرٍ بلا شاطئ.

رنَّ هاتفه، نظر إلى شاشته فرأى اسمَ صديقهِ شريف، رفع الهاتفَ مجيبًا:
إلياس، كتب كتابي بكرة بعد صلاة التراويح متنساش، وياريت تيجي ومعاك أستاذة ميرال.
آسف يا شريف نسيت، رمضان وأوَّل يوم، دماغي مفصولة.
ولا يهمَّك يا حبيبي، المهم متنساش.
"حاضر..."
أغلقَ الهاتف، وعيناه لا تزال معلَّقةً على مياهِ النيلِ التي تعكسُ سكونًا غريبًا، يناقضُ العاصفة داخله..بقي لدقائق صامتًا، إلى أن رفع هاتفه مجدَّدًا واتَّصل.

بفيلا السيوفي، كانت ميرال تجثو بجانب إسلام، الذي كان يحتضنُ ذراعه بألمٍ ظاهر..رفع عينيهِ إليها وهدرَ غاضبًا:
-عايزة إيه أكتر من كده؟! الحمدُلله إنُّه مخرجشِ سلاحه وضربني.
ربتت ميرال على كتفهِ بحنان، محاولةً تهدئتهِ وساعدتهُ على النهوض:
أنا معرفش بتتكلِّم عن إيه..اتفاجأت زيك..طالعها بنظراتٍ مبهمةٍ ثمَّ أردف بخفوت:
-عملت كدا قولت يمكن لمَّا يغير ياخدك في حضنه، أخدني أنا في حضنه بس حضنِ المخبرين، أنا كان مالي إن شاءالله تولعو..
ضيَّقت عينيها بجهلِ كلماته، وتساءلت:
-إنتَ سخن؟..أنا مش فاهمة حاجة..
رمقها ساخرًا ليقول:
-أومال كنت بهمس لك على غادة ليه، علشان تضحكي وهوَّ يضايق لمَّا يشوفك في حضني.
-حضنك!!..حضن إيه يا مجنون؟!. 
تراجع بعيدًا يطالعها متهكِّمًا..
دقائق ووصلَ مصطفى على صوتِ صراخِ إسلام:
-إيه اللي حصل؟!
تحرَّك إسلام متجاهلًا مصطفى، ينادي على غادة بصوتٍ مختنق:
تعالي سوقي العربية، شكل إيدي اتكسرت بجد.
أوقفه مصطفى متسائلًا بقلق:
- مش سامعني؟ إيه اللي حصل؟
ردَّ إسلام بتوتر وهو يحاولُ التظاهرَ بالهدوء:
- مفيش يا بابا، حادثة بسيطة... وقعت على الأرض.
في تلك اللحظة، وصلت فريدة تنظرُ مندهشةً بين ميرال وغادة، وسألت بحدَّة:
- إيه اللي حصل؟
لم تجب ميرال، بل حملت طفلها من المربيةِ بعد أن ارتفعَ صوتهِ بالبكاء. قالت بهدوءٍ وهي تحاول تهدئةَ الصغير:
- سيبيه، أنا هسكِّته.
أما غادة، فقالت بصوتٍ خافت:
معرفش، إلياس اتخانق معاه، بس ليه؟ اللهُ أعلم..
توسَّعت عينا فريدة بدهشة، تنظرُ إلى غادة غير مصدِّقة:
إلياس؟ اتخانق مع إسلام؟! ليه؟!
ليه؟!..تساءلت بها فريدة.
هزَّت كتفها بجهلٍ وعيناها على ميرال التي ارتجفت شفتيها مبتعدةً عن تجمُّعهم، بعد حديث إسلام الذي صفعها بقوة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 16 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن