وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسية

..[14]..

{إن كنت السعادة فلن أدعها تفارقني، و إن كنت الحزن فلن أدع عيناي تكفكفُ دمعاً، و إن كنت الحب فسأهيم حتى نهاية العُمر}
{أتدري ما هي أصعب لحظة؟ عندما أريد الاعتراف كيف أنك أصبحت سبباً للعيش}
  {في كل مرة أراك بها، يصبح عقلي فارغاً، أنسى ما حدث و ما الذي سيحدث، و كأنك تُرغمني ألّا أهتم بِسواك}
{كل ما تراه، كل ما تلمسه أو تهتم به، و كل ما يلامس قلبك، يصبح جميلاً بطريقة ساحرة}
_____

الفصل الرابع عشر بعنوان
[منقذي الوحيد]

["بالطبع سيد ستيوارت. علينا منع إلياس من قتل نفسه".

كادت شهقة صغيرة تخرج من فاهي لكنني غطيتها بيدي قبل أن يسمعها أحد، لقد حاولت إقناع نفسي أنه غير صحيح، لكن على ما يبدو أن تلك المخاوف كانت حقيقية، لأرفع نظري لِعينيّ ماريا التي عقدت حاجبيها في تساؤل، فهي بالتأكيد لا تعرف بعد بالأمر. حاولت البدء في الحديث لكنّي قاطعتها قائلة "ماريا أنا قلقه جداً. ماذا لو آذى نفسه و تسبب في قتلها؟ لم أعد أعرف ماذا أفعل، فلست قادرة على فهم مقصده أو مقصدهم، أشعر بأني مشوشة جداً".

كلماتي الضائعة التي خرجت منّي أوقعتني في لبكة ما بعدها لبكة، و لست الوحيدة في هذا. بدت ماريا تحاول إخراج بعض الأجوبة منّي لِتفهم الأمر، لأخبرها عمّا قاله لي إلياس و ما ربطته عند سماعي لكلام الطبيب ألين و من معه، و بما أنه في الغد يوم ميلاده إذاً هنالك احتمالٌ كبير بأنه سيحاول قتل نفسه. تساءلت في نفسي كيف لِشخصٍ مثله أن يفكر هكذا، فَـمهما حاولت أن أذكر نفسي بأنه مريض، تجعلني تصرفاته أغير تلك النظرة كُليّاً، يجعلني أحاول التقرب منه لِأكتشف أكثر عنه، لكنّي أغرق أكثر في مياهِه الراكدة الداكنة و لا سبيل للخروج سوى أن أفتح جروح ماضيِّ و ماضيه.

تلك الخطوة، لا أستطيع الإقدام عليها. خفت و ابتعدت فور حدوث ذلك، و الآن لا أستطيع الإستدارة و العودة له، و هذا بالضبط ما يقودني إلى الجنون، فدائماً ما كنت أخطو الخطوة دون الأخذ في الإعتبار الأمور المترتبة على فعلتي.

"كيندال... هل قلقك هو قلق طبيب إلى مريض؟ أشعر أنك تبالغين جداً عندما يتعلق الأمر به، فقد قارنتك بِهِمَا و بكِ و قد حصلتُ على نتيجة أنك تفوقيهما بالقلق بمراحل" كلام ماريا كان صادماً نوعاً ما لي، و لكنه أيقظني من غفلة لم أعلم أني دخلت بها، فَشعوري بالقلق مبالغ فيه و ردّة فعلي كذلك. أملت رأسي للأسفل و ألتقطه بيديّ حيث مرفقيّ متّكئين على الطاولة، لِتخرج من فمي زفرة طويلة و أغمضت عينيّ بعدها قليلاً.

مسدت ماريا شعري و تأسفت أنها خبأت شيئاً متعلقاً بإلياس، علمت عنه بالصدفة، مما رفعت رأسي مباشرة قبل أن تشرع في قولها "لقد سمعت في وقت قريب كيف أمسكوا بِـإلياس -فلم أكن أتعمد سماع ذلك و لا أظن أنهم إنتبهوا أني التقطت حديثهم- كان ذلك من خلال إحدى برامج التواصل الاجتماعي، و قد كان بسبب صفحة قد أنشأها و فيها الكثير من المعتقدات الخاطئة، أدّى ذلك إلى الكثير من حالات الانتحار، فلديه قدرة على إقناعك بأنه على صواب و يجعلكِ تفعلين ما يعتقده هو، لذا من الخطير الاستماع إلى ما يتفوه به كونه عبقري جداً حيث حصل على علامة عالية جداً في إختبار الذكاء العالمي، و أخطر نوعية من المرضى هم العباقرة لأنكِ لا تعلمين متى يكون واعياً و متى يفقد عقله، لذا تضيعين تماماً و لا تعلمين كيف تتناقشين معه".