..[5]..

37.6K 3.7K 1.4K
                                    

{ألا يمكنك البقاء دون حديث؟ فهو أفضل من ذهابك دون وداع}
{قد يشار إليّ بأنّي أخطأت، لكني لا أعترف حتى تخبرني بذلك}
{حياتي كورقة و أنت هو قلمها، فأرسم وجودك معي أو ارحل}
{علمتني أفضل ما فيِّ لكنك نسيت تعليمي كيف أتعامل مع أسوء ما فيِّ}

_____



الفصل الخامس بعنوان [ ثلاثون و الجنة ]




"ما حاجتك للحمام و بيدك كتاب؟ لا تظني بِأنّي لم أراه!" تحدثتْ سارة من خلف الباب، و هذا ما جعلني أتراجع عن فتحه. ضعتُ في إيجاد ردِّ مُناسب و لم يطرأ في بالي سوى أن أكون على طبيعتي الباردة التي تُلازم دائماً حروفي.

مددت يدي مُجدداً نحو المقبض و دفعته للأمام كي أخرج؛ مُمسكةً بِيدي الأخرى المفكرة التي أحضنُها لِصدري "و ما شأنك بذلك؟" باستنكار سألتها أثناء توجهي نحو السلالم.

"أظن أنكِ أتيت لِقضاء الليلة معي!" تعجَّبتْ سارة بنبرة ساخرة سائرةً خلفي ثم توقفتْ عندما التفت لها و سألتها بعقدِ الحاجبين "أين والديك؟".

"لقد خرجا بسبب حفلة يُقيمها أحد أصدقائهما، و لن يعودا حتى منتصف الليل" ردتْ برفع أحد حاجبيها ثم تلتها ضحكة خفيفة انسلّت من شفتَيْها، لِأُعاود الصعود و هي تلحقني نحو غرفتها، و قد سألتني عمّا طبخته والدتي من أكلات غريبة تود يوماً أن تجربها.

سألتْ سارة مجدداً عن المفكرة التي بيدي و لم أجد مفرّاً إلّا أن أُخبرها و أُريح نفسي فقلت بقلة حيلة "إنها مفكرة وجدتها خلف خزانتي، و ظهرت أنها يوميات لطبيبة نفسية تعمل هنا. لقد شدتني جداً... فلا أنفك عن قرائتها مطلقاً" لامستُ الغلاف بأناملي أثناء إجابتي، لِتسحبها سارة من بين يديّ و تبدأ بتقليب الصفحات بسرعة.

"ما الممتع في قراءة يوميات شخص ما؟ إنها انتهاك للخصوصية، صحيح؟ و ماذا لو كان هنالك شيء لا تود لأحد أن يقرأه؟" عاتبتْ سارة بلهجتها الهادئة المعتادة، مُلوحةً بالمفكرة في الهواء... و أعلم جيداً أنها لا تعني ذلك، فهي إن وجدتها ستقرؤها حتماً.

"لقد مضى على كتابة هذه اليوميات أربع سنوات و ستُكمل الخمس سنين قريباً. قرأتها للتسلية فحسب، و هي أفضل من الرواية التي نصحتني بها" سحبتُ المفكرة من يدها لتتبدل تعابير وجهها قائلة "لا تخبريني أن سهرتنا ستضيع بقراءة يوميات غبية!".

"أولاً إنها ليست غبية، و ثانياً سأعود لِقرائتها عندما نخلد للنوم" أجبتُ قبل أن أُدخلَ المفكرة في حقيبتي راسمةً ابتسامة واسعة، متوجهين بعد ذلك للأسفل.

"ما الذي سنأكل اليوم؟" استفسرتُ عندما كنتُ أقف أمام الثلاجة المفتوحة، و أجابتني سارة أثناء صَبِّها للعصير في كوبين لكل منّا "لقد طلبت البيتزا عندما كنتِ بدورة المياه، و أعتقد أنها في طريقها إلينا".

وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن