..[54]..

18.7K 2.1K 660
                                    

{ لما على الاعتراف أن يكون صعباً دوماً؟ فكم تحمَّلنا بداخلنا غير قادرين على البوح خوفاً من تتابعات الأمور }
{  لِنحتمل سوياً جُرعات الكأس المر حتى نصل لقاعه الحلو الذي أخفى نفسه لمن أراده بحق }
{ لا يجدر بأحدٍ منَّا أن يتغير من أجل الآخر مُتصنعاً أحاسيسه حتى يُرهق ثم نفترق بِألم. لنكن مُختلفين و نقترب صوب بَعضنا فلذلك الاختلاف جاذبية و جمالٌ لن يراه أحدٌ سوانا }
{ و ماذا إن كنتُ مجنوناً بك و لا أقدر على رؤية غيرك؟ حينها هل تظن أن ما زال لديك الحق في أن تذهب أو تعود؟ }
_____







الفصل الرابع و الخمسون بعنوان
[ عُود بداية محروق ؟ ]

« من وجهة نظر الكاتبة »



قبل مدة طويلة، قبل ما يُقارب الخمسة عشر سنة حيثُ وقفتْ في ذلك الْيَوْم أمام نافذتها المطلَّةِ على الشارع بِوجهٍ مُتعبٍ حزين عند رؤيتها لوالديها يرحلان مُجدداً بعد مجيئهما ما أن أُعلموا بحادثة ابنتهم مع إيفلين. عاتبت نفسها كونها ظنَّت لِوهلة أنهم سيبقون مُطولاً في المنزل بسبب ما فعلته، فها هم رحلوا بعد توبيخ استمر طوال فترة وجودهما القصيرة، لكن بعد سيادة الصمت للمنزل أدركت أنها تُفضل بقائهما في ظل توبيخاتهما على البقاء وحيدة مع مربيتها.

لم يكن لديها في ذلك الوقت سوى حل واحد حتى يعودوا لها، و هو أن تفتعل مشكلة ما أو تموت كي تجعلهما يندمان على ما فعلاه. و لِتقوم بذلك؛ خرجت كيندال الصغيرة من غُرفتها متسللة و تأكدت أن مربيتها تستخدم دورة المياه لتتجه فوراً نحو المطبخ ذو الأرضية الخشبية لتبحث في المنظفات المنزلية عمَّن يحذر بعدم اقتراب النار منها. و عندما وجدته سكبته على الأرضية و الخزائن لتقف بعيداً عند عتبة باب المطبخ و تُغمض عينيها مُتذكرةً ذلك الحريق الذي أودى بحياة أُختها مما جعل أنفاسها تتسارع و يبدأ العرق في التصبب منها لكنها تمالكت رجفانِ يديْهَا و بدأت بإشعال عود الثقاب الصغير ليحترق الجزء العلوي ذو اللون الأحمر. نظرتْ كيندال له لعدة ثواني و تشجعت حتى ترمي العود بعيداً.

و قبل أن تفعل، شخصٌ ما قد قرع جرس المنزل مما جعلَها من الخوف و اللبكة تضعُ عود الثقاب في فمها و تطفئه مما جعل دُخاناً خفيفاً يخرج من بين شفتيها. لم تشعر يوماً بأن قلبها سيقتلع بقوة كما ذلك الْيَوْم، لذا بعد هدوء ضرباته قليلاً أخفت علبة الكبريت و العود المُطفئ في جيبها ثم هرولت للنافذة التي تقع بجانب الباب لترى من يكون، إلَّا أنها لم تجد أحداً. لم تكن تعرف حينها أن من منعها من فعل ذلك ... كان الفتى الذي وضع ملاحظاته إبتداءً من ذلك الْيَوْم و ادعى أنه آرڤن .

لحظات بعد تلك الذكرى العابرة استيقظتْ كيندال ثم رفعتْ نصف جسدها العلوي واضعةً يدها اليمنى فوق قلبها الذي ينبض بقوة و كأنَّها ركضت لساعات طويلة، لكنه لم يكن سوى ردّة فعل على ما رأتهُ في حلمها عن ذكريات رغبت في نسيانها.

وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن