الفصل 26 : مشكلة غير متوقعة

1.2K 94 5
                                    

بقي منير يتدرب على البنية البيضاء لفترة معينة، بعدها
ألغيت البنية من تلقاء نفسها
هنا قال مهيب متفاجئا "حقا البنية الخالدة في مستوى آخر
تماما، لم أتوقع أن البنية البيضاء ستبقى مفعلة معك مدة ربع
ساعة كاملة، بالنسبة للإنسان العادي ذو البنية الفانية فالمدة
في أول مرة 30 ثانية كما سبق وقلت لك، هذا فاجأني حقا"
بعد لحظة من التفكير، منير سأل مهيب "قلت أن هناك بنيات
لونية وبنيات جسدية، لكن كيف يختار الشخص العادي أحد
تلك البنيات دون الأخرى؟"
قال مهيب "سؤال وجيه، أمام الشخص الفاني خيارين كل
واحد منهما يتفرع لـ 8 خيارات أخرى، وهو إما يختار أحد
البنيات اللونية أو إحدى البنيات المعدنية، هذا الاختيار لا
يكون عشوائيا، يعتمد الاختيار على طبيعة الطاقة في جسمه
ونوع تدفقها، فمن كان تدفق طاقته هادئا يختار أحد البنيات
اللونية وهذا الخيار أيضا لا يكون عشوائيا فالبنية اللونية
تعتمد هي الأخرى على البنية الجسدية الأولية، يعني البنية
الجسدية التي ولد بها وليس التي تدرب عليها، وبحسب قوته
الأولية تكون قابليته لإتقان أحد البنيات اللونية، أما من كان
تدفق طاقته متقلبا فسيختار لزاما أحد البنات المعدنية، وهي
الأخرى تدرب على حسب البنية الجسدية الأولية"
"في حالتك هذه لا داعي للقلق، أنت بنيتك خالدة لذلك تستطيع التدرب وإتقان جميع البنيات بل يمكن أن تطورها
حتى لأنك تملك عمرا لا نهائيا نظريا"
"عندما تلغي أو تلغى بنيتك البيضاء لا تستطيع تفعيلها مرة
ثانية إلا إذا مرت نفس المدة التي استعملتها فيها، فمثلا إن
استعملتها مدة ربع ساعة لن تفعل إلا بعد ربع ساعة أخرى،
أفهمت؟"
أومأ منير برأسه إيجابا
"في الحقيقة يمكنك إرغام جسدك على تفعيل البنية في وقت
أقصر ولكن هذا سيشكل خطرا على تدريبك مستقبلا، وعلى
قدرة تحملك لفترة من الوقت"
فجأة سأله منير "سيدي، عندما ذهبت للسوق، سمعت البعض
يتكلمون عن عصابة ما تدعى بـ "البرادة الزرقاء" أو "الحماقة
الزرقاء" أو "الدوامة الزرقاء" لا أدري بالضبط اسمها لكنه
مشابه لهذا، من هم هؤلاء يا سيدي؟"
تجهم وجه مهيب "أين سمعت هذا؟ هل الدوامة الزرقاء في
هذه المدينة؟ مستحيل أنا لم ألحظ أي منهم!... على العموم
الدوامة الزرقاء هي عصابة كبيرة مقرها الأساسي في مملكة
الرمال، على الرغم من تسميتها بعصابة لكنها هي أقرب
لمنظمة، حيث يمكنها أن تعمل في أي البلدان أو الممالك أو
الإمبراطوريات، يقال أن مؤسسها وقائدها شخص خالد لا
يعرف عنه شيء، ولم يظهر إطلاقا لأنه لم يسبق وأن احتاج
للتدخل أبدا، فالقادة الـ 15 كلهم أقوياء جدا، خاصة النخبة
الخمس الأوائل، عملهم الأساسي هو التجسس والاغتيالات،
يقال أن لديهم فروع في كل مكان لكن كل فرع منهم عبارة
عن مخبأ سري، هم تابعين للبلاط الملكي لمملكة الرمال
مباشرة، ويتلقون الأوامر من مستشار الملك، الذي يقال أنه
شخص خالد بدوره، هي عصابة يكتنفها الغموض وتعد
الأخطر في كل هذا العالم"
فكر منير قليلا "إذا كان حسام هو القائد الـ 13 هذا يعني أنهم
مرتبون على حسب القوة، قوة حسام وحدها ليست شيئا
يستهان به، فما بالك بمن يعلوه في الرتب، من المستحسن أن
أتجنب الصراع معهم في الوقت الحالي..."
فجأة قاطع مهيب حبل أفكاره "الأمر جدي وخطير للغاية، إذا
سمعت اسم العصابة هنا يعني ذلك أنهم بالقرب من مدينة
التنين الأبيض، سأزيد من الحراسة في القلعة وكامل المدينة،
وسأرسل رسالة للبلاط الملكي لمملكتنا أعلمهم بهذه الأنباء"
رحل مهيب من فوره تاركا منير تقاتلت رجع منير للمكتبة وجلس يفكر قليلا
حل الليل، تسلل منير إلى غرفة رشيد ودخل السرداب، قام
بأخذ كل شيء رآه إلا السيف الفضي الذي استبدله إلى حيزه
الفراغي وخرج
قبل أن يخرج بقليل التفت إلى النجمة المرسومة وقال "إذا
كان رشيد يريد مني أن أنتقل لكهف الظلام ذلك، فلماذا قد
يرسم النجمة السحرية هنا؟ من المفترض أن الطقوس تقام
في الكهف وليس هنا"
بقي منير يتدرب خلال الفترة التي تسبق مجيء رشيد
في صباح أحد الأيام، نادى شخص ما "المعلم رشيد عاد من
مهمته" عاد رشيد مثخنا بالجراح، كان على وشك لفظ أنفاسه
الأخيرة
تم إرساله إلى غرفة التمريض ، بعد فترة من الزمن قدم منير
ومهيب تواليا، بينهما بضع دقائق فقط، لم يتسنى لرشيد
نصف المغمى عليه أن يقول أي شيء لمنير
مهيب "ما بالك يا رجل؟ أي خصم قاتلت حتى عدت بكل هذه
الجراح؟�"
فجأة استقام رشيد في جلسته متثاقلا، قال وهو يحاول
الصراخ "خصم آه، أنت أرسلتني إلى موتي، كان هذا فخا"
قال مهيب ببرود "رويدك يا رجل، أخبرني ماذا حدث؟"
قال رشيد "عندما ذهبنا إلى حدود المملكة الذهبية
وإمبراطورية الوحوش لنساند أفراد من الكتيبة الحمراء، كنا
نحن من واجهنا مباشرة جيش العدو وأفراد الكتيبة تلك كانوا
في الخلف، فبدل أن نكون من ندعمهم أصبحوا هم من
يدعموننا، ويا ليتهم دعمونا فقد تخلوا علينا في أول بادرة
للانهزام، لم يقاوموا حتى، قتل كل الجنود الذين أرسلتهم
معي وأنا فررت بجلدي وكدت أن أقتل"
تغيرت تعابير مهيب لوجه جاد للغاية "ماذا قلت؟ أولئك
الأوغاد الجبناء"
أكمل رشيد "الأمر لم ينتهي هنا، فقد وقعنا في فخ العدو، لم
نكن نتخيل أن العدو قد يجلب وحوشا من صنف وحوش
الصحراء، قد فاجؤونا تماما من تحت الأرض، لم نملك أي
فرصة لفعل شيء، كان معهم ذلك القائد الوغد الذي تقاإليه معه أنت في المعركة قبل 11 سنة، السحلية "سيلتيك""
علامات الصدمة بدت على وجه مهيب "ماذا؟ ذلك الوغد عاد�
لقد فر مني المرة السابقة لكنه لن يفر مني المرة القادمة،
أخذت عينه وسآخذ رأسه"
صرخ رشيد بصوت أجش "لن تتمكن من هزيمته قد فاقك قوة
حتى، لقد أصبح في قمة زعيم روحي"
الصدمة جعلت مهيب يجلس قائلا "ذلك الوغد لقد فعلها حقا،
لكن ولو كان حتى ملكا روحيا فسأقاتله لآخر رمق، ولابد لي
من هزيمته، فهو خطر كبير بقدرته الفريدة التي يستطيع فيها
أن يتحول لشكل الشخص الذي يقتله"
قال رشيد "لقد منينا بخسارة كبيرة وتمت السيطرة على "بلدة
الأقحوان"، لابد أن الملك غاضب جدا وسيرسل في طلبك
فأنت الحلقة الأضعف في هذا الأمر، لن يستطيع طبعا معاقبة
أخيه الجنرال "جاسر""
قال مهيب "أعلم ذلك، لذا قبل أن يرسل في طلبي سأذهب إلى
البلاط الملكي بنفسي"
في حالات كهذه من المفترض أن يتولى المسؤول الأقوى
المسؤولية، لكن بما أن الجنرال جاسر أخو الملك بادر، فلن تقع
عليه الملامة، بل ستقع على زعيم القلعة البيضاء الذي كلف
بالمساعدة
كان رشيد مليئا بالجراح، لكن وجهه لم يخلو من تعابير الفرحة
ذهاب مهيب إلى البلاط الملكي قد يعني قطع رأسه عقابا على
خسارته للمعركة وعدم تفانيه في أداء الواجب، فلو كان قد
ذهب بنفسه عوض إرسال نائبه ربما ستختلف الأمور، وفي
المقابل سيكافأ رشيد على قتاله ضد خصم أقوى منه وعدم
هربه مباشرة
من جهة أخرى، سيخلو له الجو ليكمل ما بدأه ويسيطر على
ملكة الدماء، فلو أنجز سيطرته الكاملة عليها وعلى منير،
وتمكن من التحكم في كل قوتها، فربما حتى الملك بادر بنفسه
لن يتمكن من إيقافه
رشيد أخفى ضحكة شريرة في نفسه وكأن الحظ ابتسم له
أخيرا
خلال كل هذا الحوار منير كان متواجدا، لكنه لم ينبس ببنت
شفة ظل واقفا فقط وهو يراقب الأوضاع وما ستؤول إليه الأحوال
لكنه صدم، يوم عرف أن مهيب ذاهب للبلاط الملكي ليتلقى
عقابه، هذا يعني أن خطته الأصلية بتدخل مهيب وقتل رشيد
كخائن لن تنجح في ظل غياب مهيب، و المشكلة أنه قام
بإفراغ سرداب رشيد من جميع الأدوات الهامة
منير في مشكلة حقيقية لو دخل رشيد سردابه، ماذا عليه أن
يفعل؟
ليس له خيار سوى مطاوعة رشيد إلى حين أن يجد حلا لهذه
المعضلة العويصة
بعد خروج مهيب، قال رشيد لمنير "لم يتسنى لي الوقت
لإنجاز الطقوس معك، لكن سنفعلها بعد ليلتين سأكون قد
تعافيت نسبيا وقتها، فلتجهز نفسك، سآتي للمكتبة بعد ليلتين"
قال منير "حسنا معلمي، كما تأمر"
نظر رشيد لمنير نظرة فاحصة "أوه، أرى أنك تحسنت ووصلت
للمستوى الأوسط ، لست سيئا يا فتى، في الواقع أنت موهوب
فعلا"
ابتسم منير قائلا "هذا كله بفضل جهود معلمي"
قال رشيد "ههههه لا داعي للتواضع كثيرا، فكثرة التواضع
تجلب جرأة الحقيرين"
ابتسم منير وكاد أن ينفجر ضحكا في داخله، فلو نظرنا لمقولة
رشيد من وجهة نظر مغايرة، سيكون رشيد يسب نفسه، فمنير
من يتواضع ورشيد من يتجرأ عليه إذا رشيد هو الحقير
خرج منير من غرفة التمريض وتوجه نحو المكتبة
وجد سيليا جالسة تنتظره، بمجرد ما رأته قالت "لدي شيء
عاجل أخبرك به"
علامات الحيرة بدت على وجه منير "ما الأمر؟"

بحر الدماء Sea of Bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن