الفصل 48 :الخطة البديلة

1K 98 3
                                    

دهش الجميع، قتال ثاني؟ والأدهى من ذلك أنه
لنفس الخصم، هذا لم يحدث مطلقا من قبل
قال مؤنس لمعلمه هارون "معلمي، ماذا يحدث؟
أليس فتى الصاعقة في المستوى الأوسط؟ إذا
كيف استطاع هزيمة منافسه الذي كان من
الواضح أن تدريبه أعلى منه، والأكثر من ذلك
كيف لم يظهر عليه التعب حتى أنه يمكنه قتل
خصم آخر بنفس القوة على هذا المعدل�"
قال هارون "يبدو أنني استهنت بذلك الفتى، على
الرغم من أنه في المستوى الأوسط لكن يبدو أنه
عبقري نادر، فهو استطاع التدرب على بنية قوية
كالبنية البيضاء واستطاع إتقان سحر الماء لدرجة
لا يمكن تصورها، كما أنه كان هادئا حتى في
مواجهة عملاق ضخم كالسيكلوب، هذا يدل على
أنه معتاد على قتال الوحوش فهذه ليست أول
مرة له"
"أيضا قوته يكتنفها الغموض، فهي أعمق مما
تخيلت، يبدو أنك يا مؤنس يجب أن تكون حذرا
عندما تقاتله، لا تستخف به إطلاقا، فحيله واسعة
وقدرته أكثر من كافية"
صر مؤنس على أسنانه، واشتعلت من عينيه نظرة
حماس
في الواقع، استخدم منير نفس الإستراتيجية مع
الديك الأسود، حيث أنه أراد أولا إجباره بالانشغال
بشيء آخر وهو التنفس، ثم استهدفه بضربة
قاتله، تماما مثل ما حدث في قتاله مع السيكلوب،
الفرق الوحيد هو أنه هذه المرة استفاد من خبرته
السابقة واستعمل مباشرة سحر الماء للهجوم تقدم الحكم لمنير منظرا جوابه، لكن دنيا فتاة
قبيلة الحلم قفزت للحلبة قائلة "ألا تخجلوا من
أنفسكم، فتى الصاعقة للتو قد أنهى نزالا، ليس
من العدل أن يقاتل مرة أخرى"
ربت منير على كتفها، ووجه نظره إلى خصمه
الوحش الثماني "كنت سأقبل، ولكن لا يشرفني
أبدا قتال قبيلة عديمة الشرف والأخلاق مثلكم،
تستغلون حتى أفراد قبيلتكم لأقصى حد، ولماذا؟
لأجل القوة، امنحوني عاما واحدا وسأمسح
قبيلتكم من الوجود لو أردت"
قالت ملكة الدماء مدهوشة "أيها الغر، لا تبالغ في
تقدير حظك، الرجل المسؤول الواقف أمامك في
مستوى قائد روحي، أنت بعيد كل البعد عن
هزيمته، ناهيك عنه هو والأفراد المحيطين به
وزعيم القبيلة بحد ذاته"
قال منير متمتما "أنا أعرف ماذا أفعل، راقبي
فقط"
صر المسؤول عن قبيلة الجلمود على أسنانه وقال
صارخا "أيها الوغد، أنت فقط في المستوى
الأوسط وتتحدى قبيلتي بأكملها؟ هههههه يا لغرور
الشباب"
قال منير "وأنت بعد كل هذا العمر ما زلت في
مستوى قائد روحي؟ هل تمازحني؟ لو كنت في
عمرك لوصلت لمستوى حاكم روحي على الأقل، يا
لانعدام موهبتك المثيرة للشفقة"
كاد المسؤول عن قبيلة الجلمود أن ينفجر غضبا
"أيها الدودة الصغيرة، هل تهينني شخصيا؟ أنت حقا تسعى لموتك"
قال منير مبتسما بسخرية "أنا أهنت قبيلتك كلها
فلماذا لا أهينك، من أنت حتى لا أفعل؟ وأيضا لقد
عرفت سر قبيلتك ولماذا أمرت الوحش الثماني
بأكل الوحش الأخضر كان هذا لتخفي ذلك الأمر
أليس كذلك؟
تجهم وجه المسؤول ونظر إلى الوحش الثماني
صارخا "أيها الوحش الثماني فلتقتله حالا"
اندفع ذلك الوحش الثماني نحو منير بسرعة
الضوء، مخرجا سوطين من يديه نحو منير، لكن
هيئة ما اعترضت طريقه وقامت بضربه بعيدا
لقد كان الحكم من تدخل، أفرج الحكم عن طاقته
في مستوى زعيم روحي وقال بشموخ "الوحش
الثماني مستبعد نهائيا من المسابقة، الهجوم على
الخصم دون موافقته على قتال تحدي مخالف
للقانون"
بهت المسؤول عن قبيلة الجلمود فقد كان الحكم
في نفس مستوى زعيم القبيلة، هذا لا يصدق فعلا
ابتسم منير بمكر ونظر لمسؤول قبيلة الجلمود
"أرأيت؟ أنت حتى لا تتمتع بالذكاء بعد كل هذا
العمر، لقد فزت في القتال وهزمت تلميذكم بدون
حتى أن أقاتله، فقط عبر استفزازك سقطت في
فخي، يا لغبائك وتدعو نفسك قائدا روحيا؟
فلترحني"
كل المتواجدون كادوا يسقطون من فرط الضحك
صر المسؤول على قبيلة الجلمود على أسنانه ثم
صرخ قائلا "أيها الوغد، تذكر هذا، أنا رائد لن أملك الحق في العودة إلى قبيلتي ما لم ألقنك درسا
قاسيا"
ابتسم منير قائلا "تلقني درسا قاسيا؟ ألم تكن قبل
برهة تريد قتلي؟ ألا تعارض نفسك، يا لشجاعتك
الكبير أيها القائد الروحي رائد، تهددني أنا الذي لم
أدخل المستويات الروحية بعد، لكن للأسف لا
أتشرف أن تكون خصمي"
كلا من مؤنس وهارون ودنيا بهتوا على الفور،
فقط ما نوع هذا الفتى الذي لا يعير انتباها لفرق
القوى بينه وبين خصومه إلا إذا كان الأمر يصب
في مصلحته
صرخ رائد وعيونه كادت تخرج من محاجرها
"أنت تتمنى الموت على يدي فليكن ذلك"
زأر رائد وأطلق هالة مرعبة ونية قتل كبيرين ثم
شغل بنيته "البنية الزمردية" بعدها أطلق سحر
تحوله، لقد كان عنقاء ضخمة للغاية، اندفع صوب
منير وأراد إحراقه بالنار التي يطلقها فيبدو أنه
يستعمل سحر النار بالإضافة لسحر الرياح
تغير وجه الحكم، فأطلق كامل قوته وأراد أن يمنع
هجوم رائد، لكن هيئة أخرى ظهرت من العدم
مسببة رياحا باردة غير طبيعية
لقد كانت زعيمة قبيلة السحاب، مدت يدها في
الهواء قائلة "الختم الألفي" فجأة أحاطت بتلك
العنقاء كرة جليدية وحبست داخلها، حاول رائد
كسرها وتحطيمها لكن لم يستطيع فبعد كل شيء
كان هذا تقنية ختم مدمجة بسحر الجليد، وكانت
خصمه زعيمة قبيلة السحاب التي في مستوى
زعيم روحي
بالنظر لما يحدث دهش الجميع ومنهم منير قائلا في نفسه "ماذا سحر الجليد وتقنية ختم؟ لابد أن
هذه الإمرأة قوية للغاية أكثر مما تبدو عليه حتى
تستطيع دمج السحر مع تقنيات الختم"
بعد فترة من المقاومة استسلم رائد وعاد إلى
شكله الأصلي، قامت زعيمة قبيلة السحاب بكسر
الختم، ثم نظرت إلى الحكم قائلة "فلتتخذ القرار"
استجمع الحكم شتات نفسه وقال "قبيلة الجلمود
مستبعدة من المسابقة نهائيا، لمخالفتها قانون
المسابقة وتعدي المشرف على البعثة على أحد
المتنافسين"
لقد تمكن منير حقا من التخلص من إزعاج قبيلة
الجلمود، على الأقل في الوقت الحالي
توجهت زعيمة قبيلة السحاب نحو منير وقالت
"أيها الفتى أنت شجاع جدا، تريد الأخت الكبيرة
أن تتحدث معك قليلا، هلا سمحت أن تتنقل معي
في مكان آخر؟"
قال منير مبتسما "لا أبدا، لا أمانع"
ثم تمتم موجها كلامه لملكة الدماء داخله "أرأيت؟
قلت لك راقبي وفقط�"
كانت ملكة الدماء مدهوشة من ذكاء منير العالي
وقدرته على التخطيط ببراعة، فكرت قليلا ثم
قالت "أنت لم تضع في حسبانك ماذا سيحدث لك
بعد الانتهاء من المسابقة� أنت صنعت عدوا كبيرا
كقبيلة الجلمود، صحيح أنها لن تستطيع إيذاءك ما
دمت معك، لكن لا يجب أن تعتمد علي في كل
أمورك ولا تدخلني خططك"
قال منير بوجه ساخر" أنا لم أضعك أصلا في
الحسبان يا معلمتي، أنت معلمتي وأعطيتني الخلود، لا يمكن أن أرهقك كثيرا فإشغالك بشيء
مثل حمايتي، أنا أعرف أن قبيلة الجلمود وقبيلة
السحاب عدوين، ولطالما ما جرت مناوشات
بينهما، لذا بقولي أني عرفت سر قبيلة الجلمود،
وبعد أن استفززت مسؤول بعثتها، استطعت توقع
تصرفه، وبهذا يمكنني أيضا توقع تدخل زعيمة
قبيلة السحاب، فمصلحتها كبيرة إذا عرفت مني
سر خصمها قبيلة الجلمود"
قالت ملكة الدماء بدهشة "هل استطعت
التخطيط لكل هذا في لحظة؟ تخلصت من
خصمك دون قتال وكذلك من إزعاج البعثة
بأكملها، والأكثر من ذلك أنك خططت لأن تحصل
على حماية قبيلة السحاب فلا يلمسك أحد، حتى
قبيلة الجلمود ستفكر مرتين قبل أن تفعل شيئا،
لست سيئا يا فتى لست سيئا إطلاقا"
قال منير "وأيضا سأحصل على حماية لدنيا
(النجمة المتألقة) فلا يزعجها أحد"
قالت ملكة الدماء "ما الأمر مع دنيا هذه؟ لماذا
أنت متعلق بها بشدة"
قال منير "هناك شيء غامض بشأنها أريد
اكتشافه، وهو فن الفوضى، أليس هذا الفن قديم
جدا، حتى أنني ظننت أنه اندثر فقط كيف تعلمته
ومن علمه لها؟"
قالت ملكة الدماء "بذكرك لهذا معك حق، فن
الفوضى في الأساس ابتكر من قبل ملك القتال،
كان فنا معدا للقتل بلمسة واحدة، لكن لم أسمع
أبدا أنه ورثه لتلميذ ما قبل اختفائه، ربما سنجد
خيطا يدلنا على ملك القتال لو استطعت كسب
ثقتها" قال منير "ملك القتال؟ أليس هذا أخيك الذي
قلتي لي عنه؟"
قالت ملكة الدماء "نعم هو أخي، حتى أني تعلمت
منه بعض الأمور لكن كوني لا أحب القتال المباشر
لم ألقي بالا لإتقانها، كان أخي شغوفا جدا بتلقيني
الدروس، اختفى في ذات اليوم الذي أصبحت فيه
ملكة"
قال منير "غريب�"
قالت ملكة الدماء "ما الغريب؟"
"أن يختفي أخوك دون أن تعلمي شيئا عن
رد منير
مكانه، أليس هذا غريبا جدا"
تنهدت ملكة الدماء قائلة "قال لي ملك الماء ذات
يوم أنه دخل عالم القلب النابض، لكنه لم يخرج
منه، وللأمانة لا أملك القوة لدخول ذلك العالم،
الوحيدون الذين يملكون القوة من أتقنوا الأختام،
فهم سيعرفون طريقة كسر الختم الموجود على
مداخل العالم"
في هذا الوقت، قطعت زعيمة السحاب كلامهما
قائلة "هلا صعدت لنذهب لمكان آخر"
وقعت عينا منير على سحابة بيضاء عائمة، دهش
قليلا، لكنه ركبها هو زعيمة قبيلة السحاب وحلقا
بعيدا
توقفت السحابة على ارتفاع عال في السماء، هنا
التفتت زعيمة قبيلة السحاب لمنير قائلة "هذا
مكان مناسب" ثم قامت بطقطقة أصبعيها، فاتسع
مجال تلك السحاب لتشبه أشبه ببساط عملاق نظرت زعيمة قبيلة السحاب وقالت "أعتذر، لم
أعرفك على اسمي، أنا اسمي فاتن زعيمة قبيلة
السحاب..." ثم حدقت لفترة بمنير
قال منير مبتسما "وأنا اسمي منير" كان سيقول
تلميذ المعلم رشيد، لكنه لم يحبذ الفكرة فقال "...
ولا أنتمي لأي قبيلة"
ومضت عينا فاتن زعيمة قبيلة السحاب وقالت
"ما رأيك أن تنضم لقبيلتي، وبالمقابل ستتلقى
الحماية من قبيلة الجلمود وغيرها، فقد أغضبتها
للتو"
قال منير "شكرا على العرض سيدتي، لكن
سأرفض إن انضممت لكم ستتلقين معارضة من
قبل شيوخ القبيلة، وربما حتى أنك لن تستطيعي
البقاء في منصبك بعد الآن، فمن سيقبل بانضمام
غريب لقبيلته؟�"
قالت فاتن "أوه الفتى الصغير يقلق علي؟ يا
للطفك... لكن لا تقلق لا يملك أحد القوة
لمعارضتي، فأنا بعد كل شيء حكمت قبيلة
السحاب لـ200 سنة"
فتح منير فمه، 200 سنة، هذه الملاك التي تمشي
على الأرض وتحلق في السماء بخفة وأناقة، هي
في الواقع عجوز تبلغ 200 سنة���
قال منير "إذا ماذا تريدين؟ لا يعقل أنك عرضتي
علي الانضمام مقابل فقط حمايتي؟"
ابتسمت فاتن قائلة "الفتى الصغير ذكي للغاية، لا
عجب من ذلك، أريد منك أن تطلعني على سر
قبيلة الجلمود"
قال منير "وماذا إذا رفضت"
ابتسمت فاتن بخبث قائلة "الفتى الصغير ذكي،
ليس في موقع يسمح له بالرفض"
كان منير يجلس على ارتفاع عال في السماء على
سحابة�، فهم بالطبع أن الرفض يعني سقوطه
وموته
قال منير "تهديديني� حسنا أرفض عرضك،
اقتليني ولن تعرفي سر قبيلة الجلمود ربما حتى
بعد 200 سنة أخرى"

بحر الدماء Sea of Bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن