الفصل 39 :سر الظل

1K 93 2
                                    

تجسد ظل شخص ما، غير واضح المعالم أمام
بهار، خارجا من رأسها، وكان الظل ذو عينين
دائرتين تماما وحمراوين، عديم الملامح تماما
أيضا، من تفاصيل للوجه أو الجسم، كان الشيء
الوحيد المؤكد بشأنه أنه على هيئة بشري
قال ذلك الظل "هذه المرة الخامسة التي
تعارضيني فيها، الآن فلتدركي أني أستطيع تدمير
كل أحبابك لو شئت، أنا وافقت أن أقرض قوتي
الخارقة التي لا يستطيع البشر بلوغها لضعيفة
فانية مثلك، وفي المقابل طلبت منك أن لا
تعارضي أوامري، ولكن حتى شيء بسيط مثل
هذا لا تستطيعين تنفيذه�"
كانت بهار تبكي بحرقة قائلة "ماذا فعلت؟ كل ما
في الأمر أني لم أردك أن تعذب تلك الفتاة
الصغيرة، لقد أشفقت عليها حقا"
قال الظل "من أنت لتقرري؟ أنا الوحيد الذي أقرر،
لقد قتلت والدك من قبل فقط لأنك عارضتني،
وكنت أظن أن هذا الأمر سيجعلك مطيعة لي،
لكنني كنت مخطئا، هذه المرة قررت عقابك بتدمير مملكتك، والمرة القادمة سأعاقبك أكثر
بتقطيع روحك لأشلاء"
قالت بهار وعينيها غارقتين بالدموع "حسنا،
فهمت، لن أعارضك مرة أخرى، فقط أعد كل شيء
إلى ما كان عليه، إلا تلك الفتاة التي قررت
تعذيبها، تلك فقط اتركها حرة"
قام الظل بلطم بهار على وجهها وقال "أنت لا
يحق لك أن تقرري، والآن تأمريني؟ يبدو أنه يجب
علي أن أعلمك حجمك أيتها الفانية الحقيرة"
لمس الظل جبهة بهار، فظهرت ابر من العدم
غرست في جسدها، وبدأت في السير من تحت
الجلد، كان الألم الناتج عن هذا فظيعا جدا،
فأوصالها تقطعت وعضلاتها اخترقت
صرخت بهار بألم "توقف، أرجوك، توقف"
قام الظل بإلغاء الإبر وعلاج جسدها في لحظة
بعدها قال "بخصوص تلك الفتاة التي تريدين
إنقاذها بشدة، هي مؤهلة أكثر منك، فعلى الأقل
تسيطر على سحر الجليد، ولديها هالة غامضة
وإمكانيات مخفية مرعبة بحق، لذا إذا لم أجعلها
تحت سيطرتي ومطيعة لي ستشكل خطرا علي
في المستقبل، لكن تلك القلادة اللعينة التي
ترتديها منعتني تماما من السيطرة عليها، يبدو أن
صانع تلك القلادة يعرف حولي، وإلا لما تمكنت من
كبح سيطرتي عليها، لقد عذبتها ليس للاستمتاع
ولكن أملا في أن تصل الفتاة إلى ذروة ضعفها،
فيتسنى لي إرغامها على سيطرتي، ولكن ببساطة
كانت تلك القلادة أقوى بكثير مما ظننت"
سكت قليلا ثم قال "سأقبل بطلبك وأستخدم
قدرتي الفريدة لأعيد الماضي، لكن ستساعديني
في السيطرة على تلك الفتاة، ولو لنت مرة أخرى هذه المرة سأدمر كل شيء دون رجعة، وسأجد
مضيفا آخر ذو كفاءة أعلى منك أيتها الضعيفة"
ثم اقترب من وجه بهار قائلا "لولا وجودي داخلك
لاكتشف الجميع أنك معاقة، وأنه لا يمكنك التدرب
ولا رفع مستواك، وبدوني لتم استغلالك بسبب
جمالك فقط، ولربما تم بيع جسدك لأغراض
سياسية من طرف إخوتك الذين لا يعرفون إلا
القوة و لا يعترفون بالضعيف"
طأطأت بهار رأسها قائلة "أعلم ذلك، ولقد كنت
سعيدة جدا عندما اعترف بي إخوتي، لكن رغم
هذا لن أتوقف عن كرهك لأنك قتلت والدي"
ضحك الظل بجنون قائلا "وهذا هو المطلوب،
اكرهيني قدر ما تشائين، طالما لا تعارضيني أو لا
تشكلين خطرا علي لن أؤذيك، فبفضلي قد
اكتسبتي بنية خالدة ومعرفة واسعة وقوة لا
تضاهى، مع ذلك جسدك الضعيف يحد من قوتي،
لكن للآن سأقبل بهذا الأمر"
قالت بهار بلهفة "ماذا عن طلبي؟ ستعيد موطني
وإخوتي لما كانوا؟"
قال الظل "طبعا سأفعل، ولكن شرط أن تساعديني
على السيطرة على تلك الفتاة بأي شكل من
الأشكال"
وافقت بهار على مضض، فالأمر كان خارج عن
قدرتها
في لمحة ضوء غمر كل العوالم مجتمعة
فما حدث داخل المدينة الذهبية، شعر به كل من
في العوالم من أقوياء
حتى أن الإمبراطور الخالد "أربوليس" تجهم قائلا
"يوجد في المملكة الذهبية شخص في مستواي؟
هذا مستحيل، لا يمكن�"
خرج من عالم الظلمات كيان قديم من كهف قديم،
لا يظهر منه إلا عينيه قائلا بصوت عميق هز كامل
الكهف "لقد تكرر الأمر مرة أخرى، حان الوقت
لتحركي يا صديقي القديم"
بالرجوع إلى المدينة الذهبية، عاد كل شيء إلى
سابق أوانه، كأنه لم يحدث شيء
وقفت بهار أمام سيليا مرة أخرى وقالت "لقد حان
وقت جولة أخرى"
هذه المرة بهار لم تذكر جروتها، وهذا حير سيليا
قليلا، التي طالما ما اعتادت على أن تدعوها بهار
بالجروة قبل جلدها، لكن هذه المرة كانت مختلفة،
قامت بهار بضربها مباشرة
كالعادة أعيدت جولات الضرب لعشر مرات في
ذلك اليوم
في تلك الليلة، جاءت رينا كعادتها، ولكن يعلو
وجهها تعبير غريب
بعد أن قامت بتأكيل سيليا، قالت رينا بشكل
مفاجئ "لقد تمكنت من فتح وثاقك قبلا وتهريبك،
لكن كل شيء عاد لما كان عليه بعد ذلك"
صدمت سيليا فورا "أنت؟ عن ماذا تتكلمين؟"
قالت رينا "تماما مثلما توقعت، أنت أيضا لا
تتذكرين ما حدث، الجميع مثلك لا يتذكر شيئا"
توقفت رينا لابتلاع ريقها ثم أكملت "في صباح
اليوم تم تدمير كامل المدينة الذهبية من قبل
العمة بهار عندما غضبت، أنا استغللت سجالها مع
إخوتها وفتحت قيدك وهربتك بعيدا، لكن لا أدري
ماذا حدث، ضوء أبيض غطانا معا، وعندما فتحت
عيني وجدت أن كل شيء رجع مثلما كان"
"لقد كان سبب غضب العمة بهار، أنك ذكرت لها
جروتها ونعتيها بالمريضة نفسيا"
دهشت سيليا كثيرا، ولكن صدقت رينا فبعد كل
شيء، هي كانت فعلا ستذكر أمر الجروة وتنعت
بهار بالمريضة نفسيا في حال دعتها الأخيرة
بالجروة
لكن ما حير سيليا، لماذا لا تتذكر شيئا؟ و الأدهى
من ذلك، لماذا لا يتذكر أحد شيئا غير رينا هذه؟
بالطبع في هذا الوقت الجميع نسى أمر الدمار
الهائل ما عدا شخصين، هما رينا، والكيان الغامض
الذي ظهر في عالم الظلمات
كان من المفترض أن تمحي تقنية "إعادة الماضي"
ذكريات الجميع حول ما جرى، لكن لأمر ما لم
تمحى ذاكرة رينا وذلك الكيان الغامض
فقط من هي رينا؟ ومن هو ذاك الكيان الغامض؟
وهل تربط بينهما صلة؟
بهار جالسة في غرفتها في قلعة الزفير الزرقاء
كان لونها شاحبا جدا وهي تتذكر ما حدث
فجأة تجسد الظل أمامها قائلا "لا تفكري كثيرا
حول ما حدث، عليك فقط أن تساعديني،
وبالمقابل أتعهد بحمايتك وإعطائك لقوة لم يكن
لبشري أن يتصورها"
قالت بهار "قوة، آه؟� في الواقع لم أكن أتصور أن
القوة ستجعل الأمر أعقد كما هو الآن، ماذا لو
حصل الفرد على القوة؟ بدون أن يستطيع أن
يحمي من حوله لا فائدة من قوته إطلاقا"
قال الظل" في هذا العالم القوة تعني القرار تعني
الحكم، القوي يفرض قوانينه والضعيف يطيع،
ُ القوي يقت َ ل والضعيف يقتل، أنا أتحت لك فرصة
لا تستطيع معاقة فانية مثلك أن تحلم بها، وبعد
هذا تمتعضين؟"
رفعت بهار رأسها نحو الظل وابتسمت بألم "القوة
التي لدي تخضع لشروط ولفرد ما، إذا كانت القوة
تعني أن تكون تابعا فأنت لا تعتبر حينها قويا، إنما
أداة في يد الشخص الذي تتبعه، القوة تعني
القيادة تعني الاحترام كما تعني أيضا الخوف
والرهبة، ليست شيئا يمنح بل يكتسب"
فال الظل "إذا ما الذي منحتك إياه إن لم يكن
قوة؟"
قالت بهار "منحتني استغلالا، لأنك تحتاجني
فقط، ولو أنهيت فائدتك مني لتركتني هذا إن لم
تقتلني حتى"
ضحك الظل قائلا "أحسنت، في الواقع سأفعل
ذلك، أنا اخترتك فقط لذكائك العالي، وكونك
أميرة، سيسهل علي الأمر لإيجاد المواد الضرورية
حتى أتجسد من جديد بجسدي الحقيقي، وقتها
تأكدي أني سأكافؤك وأمنحك موتا سريعا، لكن
على الأقل لك وعدي أني سأجعل إخوتك ما عدا
بادر أتباعي، لأنه أنت وبادر مجرد حثالة طافية،
في حين أن إخوتك حقا عباقرة، تحت قيادتي
سيصبحون نجوما لامعين وسأعطي كل واحد
منهم عالما خاصا يحكمه، بمجرد ما أستعيد قوتي
سأغزو كل العوالم ولن يوقفني أحد"
قالت بهار "لقد سبق وتم إيقافك من قبل، لا تفرح
كثيرا سيتم إيقافك مرة أخرى"
غضب الظل وبسرعة فائقة أمسك رقبة بهار
ورفعها في الهواء قائلا "أنا ملك الشر، لولا أن تلك
المخادعة ملكة الدماء خدعتني لكنت تمكنت من
إيجاد وقتل ملك الملوك، وإنهاء سيطرة الملوك
للأبد"
ثم رمى بهار بعيدا فسقطت على الأرض متألمة،
نظر لها وقال "سأجد تلك الساقطة، وأقتلها شر
قتلة، وسأجد ملك الملوك وأذبحه من الشريان
للوريد"
سعلت بهار من ألم الخنق قائلة "سيبتسم لك
الحظ فقط لو تمكنت من إيجاد خليفة ملك الملوك
في العصر الحالي وقتله وإلا ستفشل كل خططك،
فتلميذك الذي دربته قد هرب عنك بعد أن علمته،
وهو أيضا خانك مع أنه من نسلك، يبدو أن الشر
يجري في دمائكم"
صرخ الظل غاضبا في حين رفع كل شيء في
الغرفة في الهواء"صمتا أيتها الفانية الحقيرة،
وتلميذي أيضا معهم، سأجده وأقتله هو وخليفة
ملك الملوك أيضا، هذه المرة لن أخطئ نفس
الخطأ وأحب امرأة أبدا"
قالت بهار "أجل واضح�، كرهك يجعلك تعذب
الجميلات، وحبك يجعلك تمتنع عن قتل النساء،
أنت واقع في تناقض كبير"
أخيرا صرخ ظل ملك الشر قائلا "سيعالج جرح
قلبي بمرور السنين، ولكن فقط عندما أقتل تلك
الساقطة ملكة الدماء"

بحر الدماء Sea of Bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن