الفصل 51 :وحش الظلال

1K 84 7
                                    

فجأة جدار جليدي تكون أمام منير ودنيا وحال
دون رحيلهما
قال منير دون أن يلتفت "ما معنى هذا أيتها
الزعيمة، هل تريدين حقا أن تصبحي عدوتي؟" ثم
التفت وأعطاها لمحة من غضبه
جميع الموجودين اقشعرت أبدانهم، لكن سرعان
ما قالت زعيمة قبيلة السحاب "لا على العكس،
أريد أن اعقد معك اتفاقا آخر، فهلا سمعتني رجاء؟"
قال منير "اتفاق؟ حسنا، أنا أسمعك"
قالت فاتن "سنعيد تكوين الاتفاق القديم وبنفس
الشروط، لقاء أن نمنحك أي شيء تطلبه منا وأن
تخبرنا بكل ما تعرفه عن عملية الطفيليات هذه
دون أن تخفي عنا شيئا واحدا"
قال منير بعد التفكير للحظة "لا مانع لدي ولكن
سأضع شروطا أخرى فقط عقابا لمعاملتكم لي:
1 -ستدربين دنيا على استعمال سحر الجليد
2 -سمعت أن قبيلة السحاب تملك سردابا سحريا
يحوي كنوز القبيلة، أريد أن تسمحي لي بإلقاء
نظرة وأخذ أي شيء أريده
3 -مكتبة القبيلة ضخمة أريد حق الولوج لها أنى
شئت"
صرخ بسرعة الرجل الذي كره منير من أول نظر
وقال "أيها المغرور، كيف نسمح لغريب الاطلاع
على كنوز القبيلة وعلى مخطوطات المكتبة
الثمينة، هل جننت؟"
منير لم يقل شيئا له وبقي فقط ينتظر جواب
الزعيمة
قالت الزعيمة بعد تفكير قليل "أوافق، على شرط
أن شيئا واحدا من كنوز القبيلة"
قال منير "خمس أشياء" قالت "شيئين" قال "3
أشياء" فأومأت بالموافقة
أعادت زعيمة قبيلة السحاب تشكيل الشعارين
على منير وعلى دنيا ثم تربعت أرضا وقال "الآن
أخبرنا جميعا عن كل ما تعرفه عن عمليات تطوير
البشر بالطفيليات"
قال منير "منذ قديم الأزل، منذ حوالي ملايين
السنين، أول من ابتدع هذه الفكرة كان الشياطين،
حيث سعى ملك الشياطين وقتها لأن يقوي جيشه
عبر زرع ميزات من شياطين أقوى لشياطين
أضعف، وهذا كله لكسب حربه مع الكائنات
المضيئة التي كانت تحكم العالم في عصر ما قبل
التاريخ، كما ورد في كتب التاريخ استمرت حربهم
لآلاف السنين، وخلالها تعاقب على حكم كل من
الأرض السفلية المئات من الشياطين الأقوياء،
بينما ظل حاكم العوالم شخصا واحدا طول هذه
الفترة، يمكن القول أن الكفة لطالما كانت تنحاز
لجيش الكائنات المضيئة التابع لملك الملوك"
"بينما كادت الشياطين أن تنجح في صنع جيش
كامل من الأقوياء، قرر ملك الملوك فجأة إنهاءهم
عن بكرة أبيهم، فأرسل لهم ملك الموت، يقال أن
ملك الموت قضى عليهم في حرب استمرت 100
عام لكنه في النهاية ختم نفسه داخل هذا الأرض
السفلية لا يدري أحد السبب، بينما تقول شائعات
أخرى أن ملك الموت لم يكن ملكا بل كان ملاكا
يخدم ملك الشر وهذا الأخير تصرف من تلقاء
نفسه وأنهى وجود الشياطين"
"على الرغم من أن ملك الشياطين كان ملكا، لكنه
لم يكن أبدا ضمن الملوك العظماء، بل كان أحد
الملوك الساقطين، فقد نزع لقبه رسميا منه، لكن
الشياطين أدانت له بالولاء ولهذا أشعل حربا مع
كل الملوك متحديا إرادة ملك الملوك التي لا تقبل
النقاش"
"لاحقا قام تلميذ ملك الشر الذي قتل معلمه،
بالدخول للأرض السفلية وقد جلب معه أبحاث
الشياطين واستمر هو في إكمالها، حيث استطاع
تطويرها من أبحاث تتعلق بأخذ الميزات ودمجها،
لأبحاث تتعلق بعامل خارجي وهو الطفيليات، قام
بمساعدة ملكة الدماء بأخذ هذه الأبحاث لمنحنى
أكثر خطورة حيث أراد صنع مخلوق خالد لا يتأثر
بأي شيء في حين يؤثر في كل شيء انطلاقا من
فكرة الطفيليات، هذا أوقفه مؤقتا عن اصطياده
للملوك، لكنه تعرض للخيانة على يد ملكة الدماء
وتم قتله، وقد أحرقت ملكة الدماء كل الأبحاث،
لأنه وصل فيها لنقطة يمكنه فيها صنع عالم كامل
وجنس آخر مختلف تماما وليس مجرد جيش،
لهذا أحست ملكة الدماء بخطر محدق منه"
"بعد سنين يبدو أن قبيلة الجلمود تحاول إعادة
بعث عملية تطوير البشر بالطفيليات، لحسن الحظ
لا يملكون البحوث القديمة، وإلا لملكوا العالم، ومع
ذلك عبر استعمالهم للطفيليات الحيوانية بطريقة
صحيحة، يمكنهم تصنيع مخلوق لا يقهر، لكن
الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك لتصنيع عالم كامل
أو جنس مختلف"
"في الواقع المخلوق الناتج عن العملية يقهر، فمدة
حياته قصيرة وهي عامين على حد أقصى، ومع
أنه لا يقهر فعليا لكن يمكن ختمه وأنا الوحيد الذي
أعرف هذا الختم"
استمع الجميع بحرص شديد ودهشة، من كان
يظن أن هذا الفتى يعرف تاريخ عمليات تطوير
الأجناس بحد ذاته، ناهيك على أنه يعرف ختما
لهزيمة مخلوق لا يقهر، هذا ببساطة لا يصدق
قالت زعيمة قبيلة السحاب في نفسها "وراء هذا
الفتى سر عظيم لا يمكن تخيله"
بعد مدة سألت الزعيمة منير "كم تقدر المدة التي
نستطيع في التصرف قبل فوات الأوان؟"
قال منير "لديكم 6 أشهر على أقصى تقدير"
قالت فاتن "لم نعد نملك المزيد من الوقت، بعد أن
تنتهي المسابقة سنباشر الأمر وإلى ذلك الحين،
فلتطمئن لن يمسكما أحد أبدا"
وهم كذلك إذ جاء تلميذ مسرع ودخل الغرفة قائلا
"سيدتي، نوري استيقظ لتوه"
علامات الفرح بدت على وجه الجميع، أسرع
الجميع إلى غرفة مجاورة، أين كان فتى طريح
الفراش، جزؤه العلوي مضمد، ويعاني من آثار
حروق على جانبه وجهه الأيسر
يبدو أن الفتى دخل في قتال كاد أن يفقد حياته
فيه، أو تعرض لهجوم وحش شرس
جلست فاتن أمام الفتى ووضعت يدها على
جبهته وقالت "بني، هل تشعر بتحسن؟"
أجاب ذلك الفتى قائلا "أمي، أنا بخير لا تقلقي"
بعد برهة جاء منير ودنيا أيضا للغرفة
رأى منير جسد الفتى، تفحصه بنظراته فشعر
بشيء غريب وكأن كتلة سوداء تنبعث من جسده
مكان التضميد
قام منير بسرعة بإطلاق هالته وصرخ "ابتعدي من
هناك بسرعة"
التفت فاتن للوراء نحو منير متعجبة، ظهر سوط
طويل في نهايته خطاف وتوجه نحو رقبتها، لكن كان منير أسرع، استل خنجره وصد الخطاف
ودفع بذلك فاتن فسقطت أرضا
قال منير "فليخرج الجميع من هنا حالا" لكن
الجميع تجمدوا خوفا
انبعث من جسد الفتى دخان أسود وتشكل أمامهم
هيئة وحش ما، لقد كان هذا الوحش عديم الأعين،
ويملك مجسات كثيرة نهاياتها خطاطيف وكان
يحلق في الهواء، لم يكن ضخما جدا لكن بكل
تأكيد كان بشعا، وخصوصا لعابة الذي يسيل أرضا
من بين أسنانه الحادة
تفاجأت فاتن وقالت "ما هذا الشيء؟"
قال منير "هذا شيطان الظلال، هو وحش يعيش
في عالم الظلمات فقط، فقط أين كان هذا الفتى
وكيف التقط مثل هذا الوحش؟"
أرادت فاتن الإجابة، لكن سرعان ما انهالت عليهم
الخطاطيف من كل جهة، استطاعت الزعيمة ودنيا
وبعض القادة تفاديهم أو صدهم، لكن بعضهم
اخترقتهم الخطاطيف، فامتصت كل حياة فيهم
وجعلته جثثا هامدة جافة تماما
تفادى منير الخطاطيف واندفع نحو الأمام
بواسطة البنية البيضاء، بمجرد ما أراد ضرب
الوحش حتى تحول لدخان أسود وانتقل مرة
أخرى وتجسد في مكان آخر، ووجه خطاطيفه
نحو منير
دافع منير بخنجره وتجنب بعض الخطاطيف،
لكنه لا يستطيع الصمود للأبد بهذه الحالة
دنيا بسحر الماء قطعت بعض الأسواط، إلتفت
الوحش إليها ودفع بأسواطه نحوها، في هذه
اللحظة دهشت دنيا من سرعة الأسواط
لكن درع جليدي حال دون أن تصاب، لقد كانت
زعيمة قبيلة السحاب
أطلقت هالتها وحلقت في السماء، اندفعت كل
الأسواط بخطاطيفها نحوها، لكن بحركة واحدة
قامت بتجميد الخطاطيف، وبقي الجليد يزحف
على طول الأسواط ليصل إلى الوحش
حاول الوحش التحول إلى دخان لكنه لم يستطع،
زحف الجليد عليه بأكمله، وقام بتجميده
عيني فاتن أطلقا نية قتل، فالوحش لتوه قد قتل
بضعة قادة، قامت فاتن بالإشارة بيدها فتكسر
ذلك الجليد لذرات صغيرة
توجهت الزعيمة نحو دنيا وقامت بالتربيت عليها
قائلة "هل أنت بخير؟"
صرخ منير "احذرا"
قامت دنيا بدفع الزعيمة أرضا، في حين تلقت هي
عظة في كتفها، لقد كانت الجثث التي أصابها
شيطان الظلال، لقد نهضت الجثث وأصبحت
تتحرك كالزومبي تماما
قال منير موجها كلامه لفاتن "شيطان الظلال
يمكنه الاستمرار بالعيش داخل جثث ضحاياه
حتى لو قتل جسده الأصلي، يجب عليك أن
تقطعي الرؤوس فقط وأنا سأهتم بجرح دنيا قبل
أن يتخلل شيطان الظلال في جسدها"
أسرع منير وأمسك دنيا رفع رأسها وقام باستعمال
سحر الضوء، فأكثر شيء يكرهه وحوش عالم
الظلمات هو الضوء، قام بإدخال سحر الضوء إلى
الجرح وقضى بذلك على ظل وحش الظلال الذي
دخل جسد دنيا في المقابل، لم بقيت فاتن تدافع فقط وتصد
الجثث، هي لم تستطع قتلهم لأنهم من أفراد
القبيلة، هي لا تنظر لهم كجثث ولكن كأشخاص
تعرفهم
بعدما عالج منير دنيا، شغل بنيته البيضاء واندفع
صوب الجثث، استل خنجره وقطع رؤوسهم بكل
خفة
بينما تسقط الرؤوس أرضا والجثث كذلك، انهارت
دنيا وأجهشت بالبكاء من منظر موت رفاقها
المؤلم، فهم ماتوا مرتين أمام عينيها
مشى منير بخطوات ثابتة نحو الفتى طريح
الفراش، قام بهزه صارخا "أين كنت قبل أن
تتعرض لهذه الجروح، أيها الأحمق لقد جلبت
كارثة لقبيلتك"
انتبه منير بعد برهة وبهد التنفيس عن غضبه أن
الفتى يبكي بدوره بحرقة
قال منير لملكة الدماء "هل تعتقدين كما أعتقد؟
هل يجب علي فعل ذلك؟"
تنهدت ملكة الدماء وقالت "افعلها، فلتقتله حالا"

بحر الدماء Sea of Bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن