الجزء الثامن و العشرون

4.1K 402 17
                                    

  وقفت فاطمة في زاوية من غرفتها مديرة ظهرها لي ثم قالت بصوت هادئ :
- أرجوك غادري الغرفة
- امنحيني فقط فرصة لأشرح لك
التفتت إلي و قالت بتعابير غاضبة :
- لا أظن هناك داع فقد استوعبت كل شيء .. يبدو أن علاقتك برابمون أوبا قد تطورت ..
- أنا اسفة حقا فاطمة .. لقد حدثت الأمور بسرعة .. كنت أود إخبارك .. لكن لم أجد الفرصة المناسبة..
صمتت فاطمة للحظات ثم قالت بصوت مرتفع :
- لكن .. أنت كنت تعلمين أني منذ أن عرفت بانغتان أول مرة كنت معجبة برابمون ! لماذا تقربت منه الآن فقط .. أنا حقا أشعر بالخيانة ..
تنهدت ثم قلت :
- في الحقيقة أنا لم أخبرك شيئا ..
- و ماذا تخفين عني أكثر من هذا ؟؟
- رابمون قد اعترف لي بحبه عند آخر زيارة لي لكوريا .. لكني في ذلك الوقت رفضته ، و لكن حين التقيت به مجددا .. أحسست باضطراب مشاعري لقد تجاهلتها مرات و مرات و حاولت إقناع نفسي أننا مجرد أصدقاء .. لكن اعترفت بالأمر في النهاية ..
بدت على تعابير فاطمة الاندهاش لما سمعته مني فلم أخبرها يوما بتفاصيل رحلتي الأخيرة إلى كوريا ، ثم التفتت متجنبة النظر إلي ملتزمة الصمت ، فاستدركت قائلة :
- أرجوك فاطمة تفهمي الأمر .. فأنت آخر شخص قد أتمنى خسارته .. أنت لم تعودي فقط قريبتي .. أنت صديقتي .. بل أنت أختي .. إذا كانت مشاعرك صادقة اتجاه رابمون .. فأنا .. أنا مستعدة للتخلي عنه لأجلك ..
التفتت إلي فاطمة و بدت متفاجئة ، لكني في تلك اللحظة حقا عنيت ما قلته رغم أني كنت أتألم في داخلي من قول ذلك ، ظل الصمت مخيما للحظات قبل أن تنطق فاطمة أخيرا بصوت شبه هامس و هي تتجنب النظر إلي و بتعابير عابسة :
- لما ستتخلين عنه .. أنا من علي نسيان أمره .. على أي حال هو سبق و اعترف لك يعني أنه حقا معجب بك ..
- بل أنا من سيتخلى عنه فأنت لطالما كنت معجبة به قبلي ..
التفت إلي فاطمة و قالت :
- حسنا مادامت هذه رغبتك .. فليكن.
نظرت إليها بعينان حادتان وصرخت متذمرة :
- ياااا ألم تقولي أنك ستنسين أمره بما أنه معجب بي بالفعل !
- لكنك قلت أنك ستتخلين عنه بما أني أعجبت به قبلك !
- لم أكن أعني ذلك ! و لن أتخلى عنه أبدا !
- أنا أيضا لن أتخلى عنه !
في تلك اللحظة قاطع شجارنا صوت غرغرة أمعاء فاطمة الذي يشبه الزئير ، فتبادلنا النظرات و قلت لها :
- ألم تتناولي غذائك بعد؟
- لا ليس بعد
- أنا أيضا .. هيا لنأكل شيئا
- هيا..
غادرنا معا إلى قاعة الطعام حيث كان جيمين أول الجالسين وحده في القاعة يمسك هاتفه، ما إن رآنا حتى ابتسم بإشراق كعادته :
- جيمين يبدو أنك تشعر أيضا بالجوع
فقال بخجل و هو يبتسم:
- في الحقيقة .. أتيت باكرا لأرى أحدهم.
- هكذا إذن .. لكني لا أرى أحدهم لا أعلم أين اختفى ..
تنحنح جيمين في مكانه ثم قال بتردد :
- نونا .. أود أن أطلب منك شيئا .. لكني حقا خجل من ذلك ..
- تفضل و لا تتردد
- حسنا .. في الواقع .. أريد أن أحظى بفرصة للتحدث إلى ندى و ..
في تلك اللحظة دخل جيهوب يتعلق بجونغكوك يمرح و يردد "هوبي هوبي" بينما يتذمر كوكي "اااه هييووونغ !" ، ثم دخل تاي و شوقا أوبا ، نظرت إلى جيمين أشير له بأني سأهتم بالموضوع فابتسم بسعادة ، ثم دخل رابمون و جلس أمامنا أنا و فاطمة ثم نظر إلي و أشار إلي يسألني ماذا حدث ، كانت فاطمة ترمقه بنظرات حادة مما جعله يتوتر و لم يجد سوى هاتفه ليهرب من نظراتها الرصاصية ..
دخلت ندى رفقة الخادمات الأكبر منها سنا تحمل صينية الأطباق ، ما إن رآها جيمين حتى توهج وجهه ، فوقعت عيناها عليه يحدق في وجهها البريء الملائكي فابتسمت بخجل .
أخذت تفرق الأطباق و بينما كانت تضع طبقي أمامي قلت لها هامسة :
- ندى ، حين تحصلين على فرصة للراحة تعالي لزيارتي في غرفتي
- حسنا ..
التفتت إلي فاطمة و قالت :
- هل تريدين ندى في شيء؟
- جيمين يريد رؤيتها
أخذت فاطمة تقلب في صحنها و هي تحدث نفسها :
- راائع الكثير من عصافير الحب تزقزق حولي باستثنائي أنا .. على أي حال الحب الوحيد الذي لن أندم عليه هو حبي للطعام
ملئت ملعقتها عن آخرها و وضعتها في فمها حتى امتلأ و رفعت رأسها لتجد شوقا أوبا ينظر إليها فعلقت الكمية الكبيرة من الطعام التي أكلتها و بدأت تسعل بشدة قبل أن أمد لها كأس ماء شربته كله ، التفت الجميع ينظر إليها بقلق و يسألون إن كانت بخير ، ثم صرخ جيهوب :
- Patimaaa ! eat slow downu.. slow down..
ما إن أنهينا غذائنا حتى اقترب مني جيمين يسألني بهمس :
- نونا .. ما الأخبار؟
- طلبت منها زيارتي في غرفتي في وقت الراحة ، حيت تأتي سأرسل لك رسالة حسنا
ابتسم جيمين بسعادة جعلت عيناه تختفيان و قال :
- نونا أنت الأفضل .. شكرااا لك
غادر راكضا إلى غرفته ليستعد للقائه بندى بينما كنت أحدث نفسي :
- تباا إنه حقا لطيف .. سيجعلني أندم لتركه لندى .. لا عجب أني كنت معجبة به
كنت في غرفتي أستريح إلى أن سمعت طرقا على الباب كانت ندى واقفة بوجه بشوش و قالت :
- آمل أني لم أقاطع قيلولتك
- لا لقد كنت في انتظارك .. هيا ادخلي
بينما كانت ندى متجهة داخل الغرفة أخذت هاتفي و أرسلت رسالة لجيمين ، و لم تمر سوى ثوان حتى طرق الباب ، دخل بخجل فاندهشت ندى من رؤيته ، فقلت لها :
- في الحقيقة طلبت منك الحضور لأن جيمين أراد رؤيتك
ابتسمت ندى خجلا فطلبت من جيمين الجلوس ، كان علي أن ألعب دور المترجم بينهما ، سأل جيمين عن سبب كونها خادمة رغم سنها الصغير فشرحت له موقفها اندهش و قال :
- هل يقومون هنا بمنع الفتيات من الدراسة للعمل خادمات ؟
فأجبته بنوع من الغضب :
- الأمر ليس كذلك ! فجميع البلدان لا تزال تعاني من عدم المساواة بين الجنسين و من الهدر المدرسي و المس بحقوق الإنسان و الطفل بصفة خاصة .. لا يجب أن تحكم على بلدي بأكمله فقط من عينة واحدة
- اسف نونا لم أقصد .. لقد أخطأت الحكم
- لا ..بل أنا من عليها الاعتذار لأني انفعلت قليلا ..
عدنا لحصة طرح الأسئلة التعارفية فقال جيمين :
- أرجوك نونا اسأليها ماذا كان حلمها حين كانت تدرس؟
سألت ندى فابتسمت و قالت:
- كنت أحلم أن أصبح طبيبة ..لطالما أحببت هذه المهنة ، فلا شيء أجمل من إنقاذ الناس و إسعاد أحبائهم .. لكن .. يبدو أنه لن يتحقق أبدا ..
نظرت إلى ندى التي كانت غارقة في أفكارها ، هي مجرد فتاة في ريعان شبابها كان لديها حلم ذات يوم ، لكن واقعها المظلم اقلعه من جذوره قبل حتى أن يخرج برعمه ..
كان جيمين متعاطفا مع ندى ، حتى و إن كان يبتسم لها لكني كنت أرى في عينيه ألما من العجز عن مد يد العون لندى ..
مرت حصة التعرف بسلام قبل أن تقف ندى و تقول :
- اسفة و لكن علي الذهاب لقد انتهت فترة استراحتي
نظر إلي جيمين بتعبير فارغ و قال :
- هل هي ذاهبة ؟ أرجو ألا أكون قد أغضبتها بشيء
- لا و لكن عليها العودة للعمل
- اااه حقا .. يا للأسف .. لقد مر الوقت بسرعة
- حسنا هل لديك شيء تقوله لها قبل أن تغادر؟
وقف جيمين أمام ندى و قال لها :
- أرجوك كوني قوية .. و حتى إن لم تحققي حلمك الأول لا تحزني لذلك فلا بد أن تجدي حلما آخر تعيشين لأجله ..
ترجمت الكلام لندى ثم نظرت إليه مبتسمة بسعادة و قالت بصوت ناعم :
- Thank u ..
غادرت ندى قم غادر ورائها جيمين و بقيت وحدي في غرفتي أفكر في أمر ندى و كيف انتهى بها الأمر خادمة تعاني التوبيخ و تضطر لتقبل مزاج النزلاء ، تاركة رثاء حلمها المنكسر ورائها ..  

الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن