عدت إلى غرفتي و تركت الأعضاء في الردهة ، أخبرتهم أني أشعر بالتعب و لكن كل ما في الأمر أني خشيت الانهيار أمامهم بعد أن يتحدثوا عن موعد سفرهم..
بقيت لساعات في غرفتي دون حراك كل ما أفعله هو التفكير في فراغ ، ثم وقفت بسرعة و خطرت لي فكرة ، جمعت شتات نفسي و قررت ألا أفسد اللحظات الأخيرة التي سيمضيها الأعضاء هنا ، بل علي منحهم وقتا ممتعا يكون آخر ما سيتذكرونه ، نزلت إليهم لكن لم يكن أحد في الردهة يبدو أنهم أيضا فقدوا مزاجهم في المرح ، عدت إلى الطابق الأول أطرق على باب الجميع و أنا أنادي :
- شباااب .. اخرجوا بسرعة أريدكم في شيء ..
فتح رابمون أولا باب غرفته يبدو أنه لم يخلد إلى النوم ، نظر إلي بنظرات تساءل ثم قال:
- سام .. هل أنت بخير ؟ ماذا هناك ؟
حينها خرج الجميع و التفوا حولي و تبعتهم فاطمة تتساءل ما الأمر ، كنا نقف أمام غرفة رابمون الذي لم يترك باب غرفته فأشرت للجميع بأن يتبعوني و اقتحمت غرفة رابمون :
- تعالوا لنجلس في غرفة رابمون و لنتحدث ..
- ماذا ؟ و لماذا غرفتي ؟ هييي !
لم يعره أحد اهتماما بل دخل الجميع ورائي و قلبوا الغرفة رأسا على عقب ، بعد الشجار و اللهو للحظات جلس الجميع متفرقين في الغرفة فقال جيهوب :
- ماذا هناك نونا ؟
صمت للحظات ثم قلت مبتسمة :
سبق و سمعت من الخدم أن هناك شاطئ بحر قريب من هنا ، حسنا ليس قريب جدا لكن لدينا سيارة ، و بما أن التصوير قد انتهى لما لا نذهب غدا باكرا و نمضي يومنا هناك ؟
تحمس الجميع للفكرة خصوصا تاي الذي وقف يقفز كالطفل و هو يصيح :
- نععععم ! سنذهب إلى الشاطئ !
كنت أضحك لحركات تاي الطفولية ثم التفت لأجد رابمون ينظر إلي و هو يبتسم ، بادلته الابتسامة و كأني بذلك أقر له أني لا أريد الابتعاد بمحض إرادتي إلا حين تجبرني ظروف على ذلك ..
لكني لاحظت حزنا عميقا مخيم في عيني جيمين ذي ابتسامة العينين الساحرة ، لقد اعتادعلى الابتسام حتى حين يتذمر أو حزينا و كأنه يخشى نقل عدوى الحزن إلى غيره ، أنه شخص دافئ يستمر في القلق على غيره لا عجب أني كنت معجبة به و لا أزال من معجبيه ..
كنت أعلم سبب حزنه فقلت للأعضاء :
- عليكم أن تستعدوا ريثما أذهب و أخبر ندى أن تستعد أيضا ..
توسعت عينا جيمين و قال بدهشة :
- هل ستكون ندى معنا ؟
- بالطبع كيف يمكننا الخروج لنزهة من دونها فهي صديقتنا ..
شع وجه جيمين من السعادة و طأطأ رأسه و هو يحاول كبح ابتسامته لكنه كان يستمر بالابتسام بمفرده بين الفينة و الأخرى و كأنه يصنع سيناريو داخل مخيلته ..
وقف الجميع و خرجوا ليستعدوا بينما كان رابمون ممسكا بالباب يتأكد أنهم لم يأخذوا شيئا منه فقد تعودوا على أن يرتدي بعضهم ملابس بعض ،كنت ورائهم أهم بالخروج لكن رابمون أمسك بيدي فوقفت أنظر إليه و قال مبتسما:
- سعيد بفكرتك .. إنها رائعة
- أردت أن أصنع بعض الذكريات الجميلة معكم .. سأذهب لأعلم ندى .. علي أخذ الإذن من والدها ..
- حسنا حظا موفقا ..
غادرت رفقة فاطمة لرؤية ندى ، تحمست بعد سماع الفكرة فقد قالت أنه لم يسبق لها زيارة الشاطئ ، من حسن حظنا أن والدها وافق بعد أن أخبرناه أن عملنا كاد ينتهي و سنعود لمدينتنا بعد يومين ، أخبرناها أن تستعد باكرا كي يأتي السائق صباحا لأخذها ثم غادرنا ..
قمنا قبل عودتنا باقتناء كل ما قد نحتاجه في النزهة من مستلزمات الشواء و المبردات و الأفرشة ثم عدنا ، طلبت من الخادمات تحضير الأكلات الخفيفة و المشروبات لنا باكرا ..
استيقظنا باكرا من حماسنا و شوقنا للنزهة تناولنا كنا نتناول فطورنا ريثما يحضر السائق ندى كما اتفقنا معها ، ثم اتجه كل منا إلى غرفته لتغيير ملابسه ، استغرقت وقتا طويلا أفكر فيما علي ارتدائه فرغم أنها نزهة رفقة الأصدقاء إلا أنها أيضا موعد جماعي ، بعد عدة لحظات نزلت إلى الردهة حيث كان الجميع مستعدا ينتظرونني فوجدت ندى جالسة معهم ..
لم يلاحظ الجميع نزولي باستثناء رابمون الذي التفت إلي فظل يحدق بي بينما كنت أبتسم له بخجل ، كنت أرتدي قميصا أبيض طويل و سروال جينز أزرق و حذاء كونفرس ذي رقبة عالية ، و بالطبع حجابي ..
لمحتني ندى فوقفت و ركضت إلي نتعانق و نضحك ، فوقف الجميع استعدادا للرحيل قبل أن تنزل فاطمة متألقة بفستان طويل و سترة جينز ، كانت تبدو أكثر أنوثة من ذي قبل ..
قال جين أوبا :
- يا له من يوم رائع .. نزهة رفقة فتيات عربيات جميلات .. هل هناك ما هو أفضل من ذلك ؟
ثم أرسل لنا قبلته الطائرة فأطلق شوقا أوبا تنهيدة طويلة و حدق في جين أوبا بعينين حادتين ، لاحظه هوبي فربت على كتف جين أوبا و قال ضاحكا :
- هيونغ .. توقف عن إرسال قبلتك لهن و إلا ستتعرض للضرب ..
خرجنا جميعنا للسيارة التي لم تتعود على عددنا الكبير فاضطررنا للتزاحم فيما بيننا ، قاد جين أوبا السيارة و جلس بجانبه جيهوب الذي أطلق العنان للموسيقى و جعلها صاخبة و استمر طوال الطريق يرقص في مكانه و يسبب حجب الطريق لجين أوبا ، فنطلق جميعنا صرخات نحذره خوفا من حادث مفجع ، كنا نجلس في المقاعد الخلفية نتزاحم فيما بيننا ، كنت أرشد جين أوبا إلى الطريق المؤدية للشاطئ بينما كان رابمون الجالس بجانبي يحدق بي بين الفينة و الأخرى و يبتسم ثم يقول شيئا بهمس ليغيظني ، أما شوقا أوبا و فاطمة فكانا يضعان سماعات الأذن معا و ينصتان لموسيقاهما الخاصة ، التفت لأجد ندى غطت في نوم عميق واضعة رأسها على كتف جيمين الذي استمر طوال الرحلة يعدل وضعية رأسها كي تنام مرتاحة ، كان منظرهما لطيفا ..أما تاي و كوكي فمرة يضع أحدهما رأسه على الآخر و مرة يتشاجران بمزاح مسببان زحاما في السيارة لكنهما بلتزمان الصمت بنظرة واحدة من شوقا أوبا..
وصلنا إلى شاطئ البحر فأيقظ جيمين ندى بلطافة ، خرج الماكنيز بسرعة متذمرين من الزحام الموجود داخل السيارة ثم تبعناهم ، وقف جيمين قرب ندى و صرخ بصوته الرقيق :
- Yeeeees it's beatch !
التفت إليه تاي مندهشا و كأنه يحاول استيعاب شيء ما ثم دندن لنفسه بتعابير فارغة ..
(هههههه beach .. bitch ?)
أخرجنا المظلات و المبردات و الكراسي و الطاولة من الجهة الخلفية للسيارة و تعاونا أنا و فاطمة و ندى على فرش الأفرشة و وضع الكراسي بينما اهتم رابمون و جيمين بوضع المظلات ، أما شوقا أوبا فكان واقفا يعطي التعليمات لتعديل وضعيات المظلات كي تحمينا من أشعة الشمس .. كان جين أوبا يخرج معدات الشواء رفقة جيهوب و يحضرانها بينما كان جين أوبا يتذمر من كل ما يفعله هوبي ..
كان يمكننا رؤية تاي و كوكي يركضان هنا و هناك و يتدحرجان في الرمل ..
جلسنا حميعنا مبعثرين تحت المظلات نحدق في البحر و هو يلوح أمواجه النقية ، لم تكن أشعة الشمس قوية بعد بما أننا أتينا في الصباح الباكر ، كان الجو منعشا منحني طاقة و إحساسا بالإسترخاء ..
استلقى شوقا أوبا واضعا رأسه في حضن فاطمة التي بدأت تربت على شعره ، تبادلنا أنا و ندى النظرات نكتم ضحكتنا ، إنهما ثنائي متكامل فلطالما كانت فاطمة فتاة تتصرف بتلقائية و لا تكترث لمن حولها ، يتخلل خجلها جرأة لطيفة بعيدة كل البعد عن الوقاحة ، ربما لهذا وقع شوقا أوبا في حبها و لهذا أعتبرها سندي ..
وقف جيمين و مد يده لندى فأمسكت به و سحبها ، لقد كانت نظراتهما أعمق من أن ينطقوا بشيء .. كنا نراقب الاثنان يبتعدان عنا و يقتربان من الشاطئ ..
التفت إلي رابمون و قال :
- هل نقوم بجولة ؟
- حسنا
وقف و ساعدني على الوقوف ثم مشينا معا حافيي القدمين على حبات الرمل الذهبية .. وقفنا أمام البحر بينما كانت الأمواج تصل إلينا لتلامس أقدامنا و ترحل بعيدا ، أمسك رابمون بيدي بقوة و كأنه يطلب مني ألا أبتعد عنه ، التفت إليه أحدق في ملامحه و كأني أريد أن أشبع منها لكني مهما حدقت لا أكتفي من النظر إليه ، كان يبتسم و هو يراقب البحر فتظهر غمازاته و كانت خصلات شعره تتطاير بسبب نسيم البحر البارد و المنعش لكنه تجاهلها لتتبعثر بحرية تماما كروحه ..
ظل محدقا في البحر ثم قال :
- هل أنا وسيم لهذه الدرجة ؟
شعرت بالإحراج فأبعدت عيناي عنه بسرعة ..ثم التفت إلي و قال :
- تبدين اليوم جميلة ..
- ألم أكن جميلة من قبل ؟
- لا .. أقصد .. اليوم أنت أجمل من ذي قبل ..
ابتسمت بخجل و قلت :
- آآه حقا ؟
كان رابمون يهمس لتفسه :
- آآه يا إلهي لما التعامل مع الفتيات صعب هكذا ؟
- ماذا قلت ؟
- كنت أقول لما لا تقفين هناك أريد أن ألتقط لك صورة ..
ابتسمت بسعادة و قلت :
- حسنا وضع رابمون يده على جيبه ثم قال :
- أووه لقد تركت هاتفي في السيارة
- لا بأس خذ هاتفي و سأرسل لك الصورة فيما بعد
سحبت هاتفي من جيبي ثم أعطيته له بعد أن أريته الرمز السري تعبيرا عن ثقتي به، ثم ركضت لأتخذ وضعيتي في انتظار أن يقوم رابمون بالتقاط الصورة ، لكنه أخذ وقتا طويلا ..
- ما هذا لما خرج ؟ أين الكاميرا بحق الله ؟ ..
كنت متجهة إليه أهمس :
- كيف لشخص لمعدل ذكاء عال ألا يستطيع إيجاد كاميرا في هاتف !
فجأة تغيرت ملامحه كنت أتساءل ما الذي وجده ، حين وصلت إليه وقفت جانبه لأجده يحدق في صورته يرتدي العباءة السوداء ، التفت إلي و شرارات من لهب تتطاير من عينيه بينما انكمشت في مكاني لكشف أمري ثم قال :
- هل ربما بالصدفة تحتفظين بهذه لتهدديني بها ؟
توسعت عيناي و تحمد لساني نظرت إلى الهاتف نظرة خاطفة ثم سحبته بخفة و ركضت هاربة و صرخت و أنا أضحك :
- نعععععم !
- ياااا! تعالي إلى هنا !
أنت تقرأ
الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالث
Fanfictionتضطر سمر إلى استقبال أعضاء فرقة بانقتان في بلدها قصد تصوير إعلانات شرط أن يبقى خبر وجودهم سرا ، بينما تعاني من ألم و جراح لم تلتئم بعد .. كيف سيقضي بانقتان أيامهم في بلد عربي ؟ و ما المشكل التي تعاني منها سمر و التي جعلتها تتغير ؟