لم نستطع الخلود للنوم و لم نستطع المكوث أكثر في النزل ، فقد كان يخلو من الضجيج و شجار الماكني الذي تعودنا عليه ، فقررنا أنا و فاطمة جمع أغراضنا و العودة إلى مدينتنا .. جمعت أغراضي فجلت بنظري في الغرفة ثم إلى سريري الذي قفزت مرات عدة فوقه كلما تلقيت رسالة عاطفية من رابمون ..
خرجت من غرفتي لأخبر فاطمة بالاستعداد للمغادرة فجذبني شوقي لغرفة رابمون و وجدتني أفتحها و أدخل إليها ، لا تزال رائحة عطره تملأ الغرفة .. جلست على سريره و تراءى أمامي حركاته في الغرفة ، يدخل و هو يدندن بأغنية ثم يرقص بطريقة جنونية ثم يتوقف و يتنهد و كأنه يتساءل ما الذي يفعله .. ياقي بهاتفه على سريره ثم يدخل الحمام ..لا بد أن هذا كان روتين رابمون كل مرة يعود فيها من التصوير ..
بشكل غريب ابتسمت بدل أن أبكي ، فقد كنت أؤمن أنه يوما ما سنلتقي ، لا أهتم إن تغيرت مشاعري اتجاهه أو تغيرت مشاعره نحوي .. لكنه سيظل الصديق الذي يستطيع قراءة ما يجول في خاطري فقط من خلال نظراته لعيناي ..
خرجت من الغرفة أودعها بما أنها ستكون آخر مرة أراها فيها ثم دخلت لغرفة فاطمة ، وجدتها شادرة في أفكارها ، كان علي أن أحاول إعادة نشاطها ، جلست قربها و قلت :
- هل انتهيت ؟
التفتت إلي و كأنها استيقظت لتوها من حلم يقظة و قالت و هي تبحث هنا و هناك و كأنها ضائعة :
- نعم .. لم يبقى الكثير لأجمعه .. لا أعلم أين قميصي الأسود .. حتى فستاني الذي ارتديته يوم رحلة البحر لا أستطيع إيجاده .. لا أعلم أين وضعت كل ملابسي .. لا أستطيع إيجاد شيء .. أنا ..
أمسكت بيدها و أجلستها بجانبي فسالت دموعها بصمت ربتت على كتفها و قلت لها :
- ليس عليك أن تكوني هكذا عزيزتي .. أتعتقدين أن شوقا أوبا سيكون سعيدا إذا علم أنك على هذه الحال ؟ ..أنا أيضا أتألم مثلك لكن علينا متابعة حياتنا .. شركتنا في انتظارنا .. علينا أن نبلي حسنا بينما يبلي الأعضاء حسنا في كوريا .. و إذا تحسنت الأمور في شركتنا سنقوم بالبحث عن شراكات في كوريا و ستتمكنين من السفر دائما لرؤية شوقا أوبا
فجأة شع وجه فاطمة رغم الدموع في عينيها و قالت محاولة حجب ابتسامتها :
- حقا أوني ؟
- بالطبع .. علينا فقط أن نعمل بجد أنت تعلمين أن الأمر ليس سهل .. لكن ليس مستحيلا ..
- أعدك أوني أنني سأعمل بجد حتى تقف شركتنا على قدميها و تصبح نااجحة..
- هذا ما أتمناه أيضا .. هيا إذن لنغادر .. فقد اشتقت لأمي كثيرا ..
مسحت فاطمة دموعها و وقفت تجمع ملابسها و قالت :
- أووه أمي .. كدت أنسى أمرها .. اشتقت لها أيضا ..
نظرت إليها محاولة جعل الجو مرحا و قلت لها بنظرة جانبية و أنا أساعدها :
- أمر متوقع أن تنسي أمر والدتك بما أنك نسيتي أمري مرات عديدة و ركضت وراء شوقا أوبا.
عانقتني من الخلف و قالت :
- هل تغيرين من أوبا ؟.. لا تقلقي ستظلين أنت حبي الأول أوني
دفعتها و أنا أضحك و قلت لها :
- أصبحت تخيفينني .. سأذهب لأنزل حقيبتي .. لا تتأخري
- حااضر..
********
مر بالفعل شهران على مغادرة الأعضاء ، بما أن شركة مجد للأزياء جعلتنا الراعي الرسمي للجلسات التصويرية فقد منحنا ذلك سمعة حسنة ، خصوصا أنه تم إطلاق تشكيلة الملابس الصيفية بصور الأعضاء ، مما زاد من شعبية الشركة في الدول العربية و الأسيوية بالخصوص..
كانت كلية الطب التي تدرس بها ندى قريبة من شركتنا فكانت نادرا ما تمر لرؤيتنا بما أنها كانت مشغولة طوال الوقت بسبب الدراسة .. المسكينة أصبحت أنحف من ذي قبل ، أمر عادي بما أنها تدرس الطب .. و رغم الفروقات بينها و بين باقي الطلبة إلا أنها تجاهلتها كلها فهي عازمة على تحقيق حلمها بأي ثمن ..
كان الأعضاء يترددون كثيرا على تطبيق v app فيتركون رسائلا قصيرة كانت واضحة أنها لنا .. كنت أشعر بالسعادة كل مرة يقومون بذلك ، لكن أخبارهم انقطعت مؤخرا بما أنهم يساعدون لعدوتهم ، لا بد أنهم مشغولون و يتدربون بجد ..
امتثلت لأمر رابمون و ترددت لفترة على طبيبة نفسية لمعالجة أزمتي النفسية ، بالفعل تحسنت و أصبحت قادرة على المكوث في الأماكن المغلقة ..
ذات يوم كنت جالسة في مكتبي رفقة أحد الزبناء و تفاجئنا بفاطمة دخلت راكضة تكاد ابتسامتها تخترق أذنيها و تحمل حاسوبها في يديها و فتحت الباب بقوة مسببة لنا الفزع :
- أوني أوني أوني !
كانت نظرات الزبون فارغة بينما شعرت بالإحراج ، التفت إلي الزبون وقال :
- لم أعلم أن لديك اسما آخر آنسة سمر ..
ابتسمت بتصنع و أنا أنظر إلى فاطمة التي لا تزال واقفة بجانب الباب تحمل الحاسوب و لا تكاد الابتسامة تفارق وجهها ..
لحسن الحظ أن اجتماعي بالزبون كان قد انتهى و كان يهم بالخروج ، صافحني قبل المغادرة و قال :
- أظن أن لديك أمرا طارئا .. سأتصل بك لاحقا لأجل الطلبية ..
- حسنا سيدي .. إنه لمن دواعي سروري العمل معكم ..
ما إن خرج الزبون حتى انفجرت على فاطمة بهمس :
- ما كان هذا ؟؟ يا إلهي يا فتاة ! كم مرة قلت لك حين نكون في العمل تصرفي كفتاة عاقلة ..
- آسفة لكن حين رأيت الخبر تحمست للغاية ..
- أي خبر؟
- انظري
نظرت إلى شاشة الحاسوب لأرى صورا للأعضاء على حساب شركة بيغ هيت ، كانت صورا فردية حيث يبدون غاية في الوسامة و الجمال ، و ما صدمني هو الجملة التي ترددت كتابتها على كل صورة "Love your self" ، سرحت في أفكاري أتذكر آخر جملة سمعتها من رابمون حين مغادرته قبل شهرين ، لا يزال صداها يتردد في أذني ، لوحت لي فاطمة بيدها و هي تقول :
- هيلووو ! ..
- م..ما هذا ؟
- إنها بوسترات للأعضاء .. أليس شوقا أوبا وسيما .. يااااي أنا متحمسة لعودتهم أكثر من حماسي للذهاب لكوريا ! .. آآه لا بد أن ندى مشغولة و لم تراها .. سأرسلها لها في الحال ..
غادرت فاطمة المكتب و تركتني غارقة في أفكاري ، حدقت لثوان في الإسوارة بيدي و أنا أتحسسها ثم نظرت إلى انعكاسي على المرآة الصغيرة على مكتبي أتأمل ملامحي ..
أنا لست بذلك الجمال الأخاذ و لا أملك ذلك الجسم المنحوت .. لدي عادات غريبة .. و لا أنكر أني في بعض الأحيان أتحول إلى كومة من الغباء تمشي على الأرض .. لكني أؤمن أن بداخلي روحا نقية .. لست ملاكا يدعي القداسية و المثالية .. فقد أكره و أشتم و أكن الضغينة .. لكن لن يصل بي الأمر لإيذاء أو جرح مشاعر الغير ..
ابتسمت و قلت بهمس :
- نعم .. سأحب نفسي ..
***النهايـــــــــة************************************
أنت تقرأ
الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالث
Fanfictionتضطر سمر إلى استقبال أعضاء فرقة بانقتان في بلدها قصد تصوير إعلانات شرط أن يبقى خبر وجودهم سرا ، بينما تعاني من ألم و جراح لم تلتئم بعد .. كيف سيقضي بانقتان أيامهم في بلد عربي ؟ و ما المشكل التي تعاني منها سمر و التي جعلتها تتغير ؟