الجزء السابع

5K 478 81
                                    

أحسست بضغطي ينخفض .. كل ما كنت أفكر فيه أن أمري انتهى .. صحيح أن الجدة لطالما كانت لطيفة معنا و كانت تكتم سرنا حين كنا نقوم بسرقة التفاح من بستان الجيران ، لكن هذه المرة ليست مجرد سرقة بضع حبات تفاح من طرف أطفال صغار .. هذه المرة الأمر يتعلق بسبعة شبان معنا في بيت جدي القديم بمفردنا و دون علم أهلنا..

نظرت إليهم الجدة نظرة شك ثم ابتسمت لي و قالت :

- اوووه لقد أحضرت معك صديقاتك الصينيات فقد سمعت أنك سافرت للعمل في الصين .. و لكن لما يرتدون ملابس تبدو رجالية ؟

- إنها كوريا جدتي و ليس الصين

ثم قفزت فاطمة من مكانها و قالت متذمرة :

- ما الذي تقولينه جدتي ! إنهم فتيان جدتي و ليسوا فتيات

نظرت إلى فاطمة و شرارات الغيظ تتطاير من عيني بينما انكمشت في مكانها ، كان أهون لو ظلت معتقدة أنهم فتيات ، تفاجأت الجدة و قالت :

- فتيان ؟ هل الفتيان في ذلك البلد جميلون هكذا ؟ رباه لا أستطيع تخيل شكل الفتيات.

حينها حصل ما لم يكن في الحسبان ، فقد اقتربت منهم الجدة و أخذت تحتضنهم واحدا تلو الاخر تسلم عليهم و ترحب بهم و هي تقول :

- ماشاء الله .. ماشاء الله .. مرحبا بكم حبايبي في قريتنا ..

كان الأعضاء مصدومين في البداية لكنهم استمروا في الابتسام للجدة و الانحناء لها احتراما لها و لتحيتها ، بينما كنا أنا و فاطمة نتبادل النظرات لا نستطيع تصديق ما تراه أعيننا ..

حين وصل دور تاي قامت بحضنه هو الاخر فابتسم لها ابتسامته الطفولية المعهودة و قال :

- هاارموني ..

نظرت إلي الجدة بدهشة و قالت :

- هل قام بشتمي ؟؟

حاولت فاطمة كتم ضحكتها من الإنفجار بينما قلت للجدة :

- ما الذي تقولينه جدتي هؤلاء الفتيان محترمون و لا يشتمون الأكبر سنا .. لقد ناداك بجدتي باللغة الكورية .

- اااه حقاا ..

الفتت الجدة إلى تاي و قامت بحضنه مرة أخرى بحرارة قبل أن تطبع قبلة على خده و قالت :

- ما شاء الله ما شاء الله كم هو لطيف هذا الجرو الصغير

حضن تاي تاي الجدة هو الاخر و هو يبتسم ، كان يبدو في غاية السعادة و الانسجام مع معها..

حينها قالت الجدة :

- يا إلهي لقد تركت الحساء على الموقد أرجو ألا يكون قد احترق سأذهب الان ..

اتجهت الجدة مسرعة إلى الباب و قبل أن تغادر التفتت و لوحت بيدها للأعضاء تودعهم ، لحقت بها و ناديتها قبل أن تغادر :

- جدتي .. أردت فقط أن أطلب منك معروفا .. هؤلاء الشباب أتوا إلى هنا في رحلة عمل و في الحقيقة أهلي لا يعرفون شيئا عن الأمر .. لأني لو أخبرتهم كانوا سيرفضون و ..

- لا تقلقي عزيزتي .. لقد كنت جارة جدك منذ زمن طويل و رأيت والدك يكبر أمام عيني ، أثق جيدا أن تربيته لك حسنة و لم تكوني لتحضريهم إلى هنا إلا لسبب هام .. يا إلهي لا بد أن الحساء احترق .. سأذهب صغيرتي ..

غادرت الجدة مسرعة إلى بيتها ، أحسست بالراحة لكونها لا تزال تلك السيدة اللطيفة التي عهدتها في صغري ، من المحزن حقا كيف أصبحت وحيدة في بيتها ..

عدت إلى الداخل و أقفلت الباب كي لا نتلقى مفاجأة أخرى ، كان الأعضاء جالسين حول الطاولة ، جلست في مكاني و بدأنا نتناول الطعام ، فبدأ الأعضاء يعبرون عن إعجابهم بالجدة و بلطفها و دفء ترحيبها ، بينما كنا نتحدث كان تاي تاي يبدو سعيدا و في كل مرة يلتفت إلى أحد الجالسين بجانبه و يردد :

- ماشالا .. ماشالا (ماشاء الله – تخيلوه ينطقها هههه)

كان الأعضاء يضحكون في كل مرة يقولها بينما كانت فاطمة ستموت من كواتته و لطافته و هو يرددها ، ثم التفت إلي كوكي و قال :

- نونا ما الذي تعنيه هذه العبارة التي ظلت الجدة ترددها حين رأتنا ؟

- حسنا كيف أشرح لكم الأمر .. إنها عبارة نقولها حين نود التعبير عن إعجابنا بالشيء أو الشخص أو لدهشتنا ببراعته ..

حينها كان جين أوبا يتناول الطعام و ما إن تذوق الكعكة التي صنعتها حتى قال بصوت عال :

- وااااااو ماشالا !

انفجر الجميع ضاحكا من تعليق جين أوبا المفاجئ فالتفت إلى شوغا أوبا الذي كان يجلس بجانبه و قال :

- خذ قطعة من الكعكة إنها حقا لذيذة

نظر شوغا أوبا إلى فاطمة نظرة خاطفة و قال :

- لا شكرا كلها أنت فقط

هز جين أوبا أكتافه العريضة و تابع التهام قطعة الكعك ، ثم بدأ الجميع واحدا تلو الاخر بتذوقها و أبدوا إعجابهم بها ، أشار جيهوب إلى فاطمة بإبهام الإعجاب و قال :

- Wooow Patima .. it's goooood

ابتسمت فاطمة و أشارت لي تحاول إخبارهم أني من صنعتها ، حينها أخذ شوغا أوبا قطعة من الكعكة و شرع في التهامها ، نظر إليه جيمين باستغراب و قال :

- هيونغ ألم تقل أنك لا تريدها ؟

- غيرت رأيي .

نظرت إليه فاطمة بغضب و كراهية ، لا أعلم لما كان لقائهما الأول متوترا هكذا .. المشكلة أن شوغا أوبا شخص صريح للغاية و أسلوبه يبدو قاسيا بعض الشيء ، و فاطمة فتاة عنيدة و تحب مضايقة من يضايقها .. علمت حينها أن المدة التي سيقضيها هذان الإثنان معا لن تكون سهلة ..

الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن