الجزء الثالث و الأربعون

3.4K 358 9
                                    

  بينما كنت غارقة في تحليلاتي حول سبب وجود الصور لدى رئيس الخدم فتح جيمين الباب و قال :
- نونا .. أسرعي فلقد نزل كوكي و أعطانا إشارة بالانسحاب ..
- حسنا أنا آتية ..
أعدت الصور إلى الدرج و أغلقته ثم اتجهت مسرعة إلى الخارج حيث كان رابمون لا يزال يحدث الموظفة التي بدت مستمتعة بالحديث فقد كانا يضحكان بشدة، انحنى جيمين و سبقني يمشي بخفة و انحنيت بدوري لأتبعه فوضعت يدي على جيبي ، أحسست حينها بصاعقة تضرب رأسي .. لقد نسيت الهاتف على المكتب !
التفت إلي جيمين يطلب مني أن أتبعه و أغادر بسرعة فقلت له هامسة و أحاول الشرح بالإشارات:
- الهاتف .. الهاتف.. لقد نسيته .. اذهب أنت سأحضره بسرعة..
- و لكن ..
عدت مسرعة إلى المكتب و أخذت الهاتف لكني سمعت صوت رئيس الخدم قريبا من الواضح أنه أصبح الآن في الردهة و سيدخل في أي لحظة ، حتى إن خرجت سألتقي به لا محالة لهذا كنت ضائعة الأفكار أدور حول نفسي أفكر ماذا سأفعل..
فجأة فتح الباب فأحسست أن قلبي قد توقف عن النبض ، التفت لأجد رابمون يدخل و يغلق الباب بسرعة ثم يمسك بيدي و يجول بنظره في المكتب دون أن ينطق بكلمة ، ثم أسرع يسحبني معه إلى خزانة فتحها فكانت فارغة تماما ، دخلنا و اختبئنا فيها فأشار لي بالتزام الصمت ..
ما إن أغلقنا الخزانة حتى فتح رئيس الخدم باب المكتب ، و دخل ورائه عامل توصيل الحقائب ،كنا نستطيع رؤية ما يحدث خارجا من خلال فتحات في باب الخزانة ، جلس رئيس الخدم وراء مكتبه هو يبدو غاضبا ..
- آآآه .. فقط لو لم يكن شخص ذو مكانة عالية كمدير شركة مجد ألح بالاعتناء بهم !.. لا أصدق أنني ضيعت وقتي لأجل إيجاد فأر في غرفة أحدهم .. و كان الأمر ليستحق العناء لو وجدناه .. حقا أشك أنهم مجرد مجموعة مجانين أراد أحدهم التخلص منهم فأحضروهم إلى بلدنا ! ..كيف يمكن لأمثالهم أن يكونوا مشاهير !
ظل الخادم صامتا في مكانه بينما ظل رئيس الخدم يتذمر قبل أن يرن هاتفه و يشير له بالمغادرة ، بعد أن غادر العامل و أغلق الباب أجاب على هاتفه و أصبح صوته فجأة هادئ:
- نعم .. أنت تعلم أني أكره القيام بعملي تحت الضغط .. أحب أن أعمل في هدوء و دون إزعاج مستمر .. لهذا أخبره أن يتوقف عن تذكيري كل دقيقة بذلك .. حسنا .. بعد يومين..
كانت الخزانة مظلمة و ضيقة حتى و إن كانت بها فتحات صغيرة لكني كنت أحس بالاختناق و عادت أعراض أزمتي للظهور ،كنت أتجاهلها لكنها كانت تزداد حدة كلما مر الوقت ، أحسست برغبة في فتح باب الخزانة لأستنشق الهواء ، كنت أضع يدي على صدري محاولة منع نوبتي فانتبه رابمون إلي فلف يده حول كتفاي و نظر إلي نظرة يواسيني بها و يشجعني على التحمل .. لكن زفيري كان يشتد ..
أغلق رئيس الخدم الهاتف و وقف متجها إلى رفوفه فجأة تجمد مكانه ، ثم التفت و نظر إلى الخزانة حيث كنا نختبئ ، وضعت بسرعة يداي الاثنتان على فمي أحاول كتم أنفاسي القوية ، بدأ يقترب من الخزانة بخطوات متثاقلة و يمعن النظر جيدا و كأنه يتحسس صوتا ما ، كانت تعابير وجهه مخيفة و لك المخيف هو اقترابه شيئا فشيئا من الخزانة ، كانت نبضات قلبي تزداد حدة حتى أني ظننت أننا سنفضح بسببها قبل أن يتسبب صوت أنفاسي في ذلك ..
كنت مقتنعة أن أمرنا قد انتهى بالفعل رغم أني دعوت أن تحدث أي معجزة ، كانت رؤية رئيس الخدم و سماع صوت خطواته يقترب أكثر لا تزيد أزمتي سوى حدة لهذا أغلقت عيناي بشدة و دفنت وجهي في حضن رابمون الذي كان مركزا على رئيس الخدم بتعابير جامدة ، كان قلبه هو الآخر ينبض بشدة و صدره يهتز من النبض القوي .. وقف رئيس الخدم أمام الخزانة و ظل ساكنا لثوان ، كانت رائحة عطره تخنقني أكثر مما أنا مختنقة بالفعل ، ثم مد يده إلى مقبض الخزانة .. لقد كانت النهاية بالفعل ..
فجأة توقفت يد الرئيس في مكانها حين سمع ضجيجا قادما من الخارج حينها دخل موظف توصيل الحقائب مسرعا و هو يصرخ:
- سيدي ! سيدي !
- ماذا هناك ! ألم تتعلم الاستئذان قبل الدخول ! .. ما هذا الضجيج؟
- إنهم النزلاء سيدي .. اللذان قالا أن هناك فأر في الغرفة .. إنهما يتشاجران..و الآنسة سمر ليست موجودة ..
- ماذا؟؟ يا إلهي متى سأتخلص من هؤلاء المجانين ! ..
خرج رئيس الخدم مسرعا و لحق به الموظف و أغلقا الباب ورائهما، ثم تركت أنفاسي تخرج بعد أن كدت أخنق نفسي بيداي ، فتح رابمون باب الخزانة بسرعة و خرجت أحاول العودة إلى الحياة بينما كان يمسك ذراعي و قال :
- هل أنت بخير؟
- نعم .. نعم .. فقط هيا لنخرج ..
أمسك دي و سحبني ورائه و فتح الباب يتفقد أن المكان آمن، ثم خرجنا و وقفنا عند مخرج الممر مختبئين ، تفاجئنا بالفوضى التي كانت في الردهة بسبب الأعضاء ، فقد كان تاي و جيهوب يتظاهران بالشجار رغم أنه كان يبدو حقيقيا و مضحكا في نفس الوقت ، فقد كان كل من جيمين و كوكي يمسكان تاي الذي كان يعبر عن غضبه بكل جسده بينما كان جيهوب يحاول الإفلات من يدي جين أوبا و شوقا أوبا و يركل بأرجله الطويلة و هو يصدر ضجة و يصرخ :
- متى سيخرجاان ! لقد تعبت من الصراخ ! يااا اخرجا بسرعة !!
صرخ عليه جين أوبا الذي كان يمسكه :
- يااا اصبر قليلا و تابع تمثيلك ! عليه أن يبدو شجارا حقيقيا !
ثم صرخ عليهم شوقا أوبا الذي بدى متعبا :
- ياااا أسرعوا فقط ! فقد تعبت حقا !
بدى الأمر بالنسبة لرئيس الخدم و للموظفين أنهم كانوا يشتمون بعضها و يتشاجران، فوقفت الخادمات يتابعن تلك الفوضى و يبدين قلقهن من الشجار بينما اتجه نحوهم رئيس الخدم و موظف الحقائب يحاولان إصلاح الأمور، كان الجميع يصرخ و يتكلم في نفس الوقت و يقولون كلاما غير مفهوم فقط لإثارة ضجة بينما كانت فاطمة وسط الشجار تصرخ بإنجليزيتها البسيطة و تقول كل شيء تعرفه في الكورية .. كان الأمر كارثيا ..
التفت إلي رابمون و أشار إلي بالاستعداد ثم تسللنا منحنيين و نمسك بأيدي بعضنا إلى خارج النزل مستغلين انشغال موظفة الاستقبال بمشاهدة الشجار ، ثم عدنا بسرعة إلى الداخل متظاهرين أننا قد دخلنا للتو و انطلقنا نركض إلى الأعضاء نوقف الشجار المزعوم الذي فشل الجميع في إيقافه ، كان رابمون يتحدث إلى الأعضاء متظاهرا بمنع الشجار بينما التفت إلى رئيس الخدم و قلت له :
- أنا آسفة حقا سيدي .. كان لدينا موعد مع مدير الشركة .. أعتذر على الفوضى التي سببها الأعضاء ..أنا مستعدة لتحمل كامل المسؤولية.
نظر إلي بنظرات حادة ثم نظر إلى الأعضاء و قال لي بنبرة غاضبة :
- أرجو فقط آنسة سمر ألا يتكرر هذا مرة أخرى مستقبلا .
- أعدك سيدي لن يتكرر .. أعتذر منك مرة أخرى .
أشار بغضب إلى الخدم للعودة إلى عملهم بينما ثم غادر إلى مكتبه ، بينما اتجهنا نحن إلى الطابق الأول نصعد الدرج متزاحمين و متحمسين بشأن ما حدث ..
دخلنا إلى غرفة كوكي التي كانت أول غرفة في الممر ، ما إن أغلقنا الباب حتى بدأ الجميع يقفز من السعادة لنجاح المهمة بسلام ، تبادلنا أنا و رابمون النظرات و ابتسمنا لسعادتنا بعدم كشفنا ، كنت ممتنة له جدا رغم أنه لم يفي بوعده و تصرفه ذاك كان يمكن أن يسبب المشاكل له و للفرقة كلها ..
في تلك اللحظة أصبحت رؤيتي غير واضحة و سمعي يضعف شيئا فشيئا ، أحسست بالوهن و بضغطي ينخفض فقدت توازني و كدت أسقط لو لم يقم رابمون بإمساكي يدي و ساعدني على الجلوس ، توقف حماس الجميع و التفوا حولي قلقين علي ..
فاطمة : أوني ماذا بك ؟ هل تعانين من أي ألم ؟
أنا : لا .. فقط دوار بسيط ..
تاي : نونا هل أنت بخير؟
أنا : لا تقلقوا علي .. أحسست فقط ببعض الدوار .. لا بد أنه بسبب التوتر فقط
جيهوب : و لكن .. بالمناسبة .. أين اختبأتم ؟ و كيف لم يتمكن رئيس الخدم من إيجادكم رغم أنه أمضى بعض الوقت في المكتب ؟
رابمون : اختبأنا في خزانة ..
جيمين : خزانة ؟
رابمون : نعم .. لم يكن هناك أي خيار ..
التفت الجميع يتبادلون النظرات ثم التزموا الصمت قبل أن يركض كوكي إلى حقيبته و أخرج ألواح شكولاتة و أحضرها لي و قال :
- نونا خذي .. تناوليها لتحصلي على بعض الطاقة ..
- شكرا لك ..
نظر رابمون إلى الأعضاء و قال لهم بصوت دافئ :
- رفاق .. أنا حقا فخور بكم اليوم .. أنت لا تعلمون أنكم أنقذتمونا .. و لكن من صاحب فكرة الشجار ؟
أشار الجميع إلى شوقا أوبا الذي كان جالسا على الأريكة يرتاح بعد تعبه ، ثم قال :
- حسنا .. كنت أعلم أنكما ستختبئان لكن لن تكونا في أمان لمدة طويلة بما أن رئيس الخدم ذاك يبدو دقيق الملاحظة ، فاقترحت فكرة الشجار لإخراجه من مكتبه .. اخترت جيهوب لأن صوته يصل إلى أبعد الحدود و تطوع تاي لمساعدته..
نظرت إليه بامتنان و قلت :
- أشكرك أوبا على مساعدتك ..
تنحنح شوقا أوبا في مكانه و قال هامسا :
- على ماذا تشكرينني .. أنا لم أفعل سوى واجبي..
نظر إلي كوكي و قال :
- و لكن نونا .. لما تأخرت في الخروج ؟ حتى أني ما إن رأيت الباب يفتح حتى انطلقت راكضا و أعطيت الإشارة لجيمين هيونغ أولا قبل الذهاب لإعلام جين هيونغ في المطبخ ..
- آه .. لقد نسيت هاتفي على المكتب
جين أوبا : و لكن هل حصلت على المعلومات ؟
أنا : نعم لقد حصلت عليها و قررت أن أذهب غدا لرؤية والد ندى .
نظر إلي رابمون متفاجئا و قال :
- ماذا ؟ و هل ستذهبين وحدك؟
- نعم ..
قال جيمين :
- سأرافقك
- لا .. لا يجب أن يرافقني أي منكم .. ذلك لن يزيد سوى من حدة المشكلة .. قد يغضب والدها أكثر.. من الأفضل أن أذهب وحدي ..
صمت الجميع ثم قال جين أوبا :
- أتمنى أن يقتنع و يتراجع عن فكرة الزواج تلك .. تبدو فتاة طيبة و لا تستحق ذلك ..
ابتسم جيمين و قال له :
- ستتمكن نونا من إقناعه .. رغم أنها تستخف بقدراتها .. لكنها تستطيع القيام بذلك .. أنا أثق بها.  

الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن