بدأنا ذلك اليوم كباقي الأيام التي خلت ، نذهب إلى التصوير ثم نعود للراحة ..
كان كل منا في غرفته يرتاح قبل أن أسمع طرقا على باب غرفتي ، فتحت لأجد جيمين يبدو قلقا و قال :
- نونا آسف على إزعاجك .. لكن .. هل رأيت ندى في مكان ما ؟
- ندى ؟ لا لم أرها اليوم أبدا ..
- أنا أبحث عنها منذ عودتنا من التصوير لكني لا أستطيع إيجادها
خرجت مع جيمين أتفقد أين يمكن أن تكون ندى ، سألت عنها عاملة الاستقبال :
- مرحبا آنسة منار .. آسفة على إزعاجك .. هل تعلمين أين يمكن أن أجد ندى ؟
- ندى ؟ لقد أتى والدها صباحا لزيارتها .. لكنها اختفت منذ ذلك الوقت .. لقد كانت رئيستها أيضا تبحث عنها و قد أبلغت رئيس الخدم بغيابها و يبدو أنه غاضبا منها ..
- أنت متأكدة أنها لم ترافق والدها؟
- نعم .. فقد رحل وحده بعد أن تحدثا في الحديقة ..
شرحت لجيمين ما قالته موظفة الاستقبال فازداد قلقه و قال :
- أيمكن أن يكون والدها أخذها معه ؟
- لا قالت أن والدها غادر بمفرده .
شعرت بالقلق لاختفاء ندى المفاجئ ، خصوصا أني أعلم بأمر قساوة والدها ، فكرت أنه ربما أخبرها بشيء ما ، خرجنا للحديقة نبحث ربما تكون جالسة في مكان ما لكننا لم نجدها ، فتذكرت أمر المخبئ السري ، التفت إلى جيمين و قلت له :
- جيمينااه أظن أني أعلم أين هي .. اتبعني.
جلست على ركبتاي أمام مدخل المكان السري و أبعدت الحشائش التي تغطي الفتحة بينما كان جيمين فارغ التعبير و سألني :
- نونا .. عن ماذا تبحثين هنا ؟
- ثق بي فقط ..
- أنا أثق بك نونا..
ظهرت الفتحة و انبهر جيمين قبل أن أصير له بالدخول :
- وااو هل هذا مخبئ؟
- نعم إنه مكان اعتادت ندى الاستراحة فيه
ما إن دخلنا حتى سمعنا صوت بكاء و نحيب رقيق ، كان واضحا أنه لندى ، ركضنا نبحث عنها و وجدنا أنها كانت منكمشة بين جذوع الأشجار المنحنية و المنكسرة مثل فؤادها ، حين رأتنا وقفت و الدموع تملأ جفنيها و قد أوقفت نحيبها ، ركض جيمين إليها و ضمها إليه بقوة فانفجرت ندى باكية بين أحضانه و قال بصوت هادئ :
- كنت قلقا عليك .. خفت أن تكوني غادرت ..
بعد أن هدأ روع ندى جلسنا نحاول معرفة سبب اختباء ندى و عدم عودتها للعمل بعد زيارة والدها لها ، فقالت و هي تحاول إيقاف شلال دموعها :
- أتى والدي لزيارتي .. لكي يخبرني أنه .. دبر لي زواجا لشخص ثري .. و قد وافق عليه بالفعل ..
كنت مصدومة مما قالته شعرت بألمها و كانت دموعها تجعلي قلبي يدمي فقد كنت أحس أني عاجزة عن تقديم المساعدة لها ، حينها سألني جيمين عن مشكلة ندى ، لم أعرف كيف سأخبره :
- نونا .. لماذا هي مدمرة هكذا ؟ هل تعاني من مشكلة ما ؟
- والدها .. دبر لها زواجا ..
وقف جيمين مصدوما و قال بصوت عال :
- ماذا ؟ لا .. هذا لا يمكن ! علي أن أتحدث إليه ! كيف يمكنه فعل هذا دون إذنها إنها حتى لا تزال صغيرة !
جلس بجانب ندى و أمسك بيدها و قال :
- Don't worry Nada.. we will find a solution.. I'll never leave you
رفعت ندى رأسها إليه و قالت بعد أن انهمرت الدموع من عينيها العسليتان :
- U don't understand Jimin .. There's no solution..
كنت أتابع حالة ندى المثيرة للشفقة دون قول كلمة فقد كنت خجلة من عجزي عن القيام بأي شيء لها ، إنها مجرد فتاة لم تتدمر أحلامها فقط بل حتى سنوات شبابها على وشك أن تتدمر ..
جلست بجانبها و ربتت على كتفها أحاول تهدئتها حاولت إقناعها أني سأجد حلا لمساعدتها رغم أني كنت أجهل كيف ..
وقفت و ابتعدت تاركة جيمين يحظى ببعض الوقت مع ندى ، كان يربت على كتفها يحاول إيقاف انهيارها و هو يتحدث إليها بصوته الناعم الهادئ .. و بعد أن هدأ روعها عدنا إلى النزل و تحدثت إلى رئيس الخدم و أخبرته أن سبب اختفاء ندى كان بسبب مرورها بمشكلة و طلبت منه أن يسمح لها بالمكوث معي في غرفتي إلى الغد ثم تستأنف عملها ..
تركتها نائمة في غرفتي بعد أن أجهدت نفسها بالبكاء ، و ذهبت إلى غرفة فاطمة التي كانت غارقة في النوم لا تعلم ما الذي يحصل ، فأخبرتها بتفاصيل مشكلة ندى ، انفعلت فاطمة هي الأخرى من تصرف والد ندى المسيء و المهدد لمستقبلها .. صمتنا للحظات نشعر بالرثاء على حياة ندى الصعبة و ما عانته و ما لا يزال ينتظرها .. تنهدت فاطمة ثم قالت :
- فقط لو كانت لا تزال تدرس لكنا حاولنا تدبير منحة دراسية لأجلها .. فحين كنت أدرس بالجامعة سمعت من زميلة أن شركة مجد للأزياء تقدم منحات دراسية .. لكن شرط أن تكون طالبا و أن تكون من المتميزين في الدراسة..
- هذا يعني أنه مستحيل بما أنها لم تعد تدرس ..
- لا بد أن جيمين أوبا حزين عليها ..
- نعم .. و من لا يحزن بعد أن يعرف بقصتها .. حقا أشعر بالخجل من نفسي لأني لا أستطيع فعل شيء ..
خيم صمت رهيب على الغرفة فهو كل ما نملك بما أن الكلمات لا تستطيع مساعدة ندى على الخروج من محنتها ..
عدت إلى غرفتي حيث كانت ندى غارقة في نومها من التعب النفسي الذي عانته ، جلست أحدق فيها أفكر في حل للأمر قبل أن تصلني رسالة من رابمون :
"فتاتي .. ما الذي تفعلينه؟"
فجأة أحسست بالدفء و الحياة بعد أن خيم الظلام و الكآبة على جسدي ، ابتسمت و أجبته :
"أنا في غرفتي .. لكني أمر بوقت صعب .."
فتتالت الرسالات على هاتفي :
- "ماذا هناك سام؟"
"هل تعانين من أي مشكلة؟"
"انتظري .. أنا آت إليك"
- "لا لا .. لا داعي لذلك .. فندى معي بالغرفة"
"المسكينة .. والدها يحاول تزويجها بالقوة .. لقد وافق بالفعل أنا حزينة لأجلها لأنني لا أستطيع التفكير في أي شيء لمساعدتها"
- "آآه .. هذا محزن .. هل يعلم جيمين بذلك"
- "نعم .. إنه حزين أيضا بسبب ذلك .."
- "يا للخسارة .. إنها تبدو فتاة لطيفة لا تستحق ذلك .. لكنني أثق بأنك ستجدين الحل"
- "لا أظن ذلك نامجون .. والدها صعب المراس من المستحيل إقناعه .."
- "لما تقولين أنه مستحيل بما أنك لم تحاولي بعد"
"على أي لا تقلقي عاجلا أم آجلا ستحل الأمور.. ابتهجي "
- "أشكرك موني .. ماذا كنت لأفعل لولاك .."
- "لقد أخبرتك سابقا أني سأكون دائما إلى جانبك .. حتى لو كنت بعيدا 3>"
جعلتني محادثة رابمون أستعيد بعض القوة و الأمل لإيجاد حل لمشكلة ندى ، من الجميل أن تحظى بشخص تستند على كتفه حين تمر بوقت عصيب فيخبرك أن الأمور ستتحن و تصدقه لأنك تثق به ، و تخبره بهمومك فيجعلها هينة و يمدك بالطاقة و الأمل لمواجهتها ..
(أنا محتاجة هذا الشخص :'( )
قطع شرودي في رسائل رابمون صوت طرق على الباب ، لقد كان جيمين يريد الاطمئنان على ندى ، دخل و اقترب منها ثم مسح على رأسها و التفت إلي و ابتسم ابتسامة خافتة و قال :
- لا أعلم كيف أشكرك نونا ..
- ما الذي تقوله ؟ ندى صديقتي و أنا بالفعل أشعر بالأسى لأني لم أقم بشيء لمساعدتها ..
- وقوفك بجانبها يعني الكثير .. أتمنى فقط أن يعدل والدها عن قراره .. فقط لو لم أخشى على تعريض الفرقة للخطر كنت لأذهب لمقابلته بأي طريقة ..
- لا جيمين .. أنت تعلم أن والدها صعب الطباع .. قد نتوقع منه أي شيء..
- حسنا .. سأذهب الآن نونا ..
لم أستطع النوم جيدا تلك الليلة بسبب مشكلة ندى ، حاولت التفكير في أي شيء لكن لا جدوى ، كان من الممكن التدخل لو كان شخصا غريبا لكن لا يمكنني فعل شيء بما أن الأمر يتعلق بوالدها فأسرتها تملك سلطة و حقا عليها أكثر من أي شخص آخر.
ذهبنا في الصباح للتصوير كالعادة بعد أن تركت ندى عائدة لمسايرة عملها و قد اطمأن جيمين عليها ، في المساء حين عدنا كان جيمين يبحث بعينيه في النزل عن ندى لكنها لم تكن موجودة فقد اعتدنا رؤيتها تنظف الردهة عند عودتنا من التصوير ، ذهبت رفقة جيمين إلى موظفة الاستقبال و سألتها :
- آنسة منار أين ندى ؟
- آآه ندى .. للأسف تركت العمل هذا الصباح .
- ماذا ؟؟
استشعر جيمين نبرة صوتي المتفاجئة فشعر بالقلق و استمر في سؤالي :
- نونا ماذا هاك ؟ هل حدث شيء لندى ؟
أشرت له بالانتظار و سألت الموظفة :
- و لكن كيف تركت العمل ؟ و لماذا ؟
- أتى والدها و أخذها معه .. أظنه تحدث إلى رئيس الخدم و أخبره أنها لن تعود للعمل ..
شعرت بأن شيئا اخترق صدري و بألم حاد في رأسي ، لقد كنت بصدد التفكير في حل لحماية ندى من الزواج المدبر لكنها الآن اختفت من أمام أنظارنا و لن تعود بعد الآن ..
أنت تقرأ
الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالث
Fanfictionتضطر سمر إلى استقبال أعضاء فرقة بانقتان في بلدها قصد تصوير إعلانات شرط أن يبقى خبر وجودهم سرا ، بينما تعاني من ألم و جراح لم تلتئم بعد .. كيف سيقضي بانقتان أيامهم في بلد عربي ؟ و ما المشكل التي تعاني منها سمر و التي جعلتها تتغير ؟