رمشت عدة مرات بصعوبة عندما تناءى إليها صوت غريب شهقات مرعبة و أصوات غريبة إختلطت معاً حتى سبَّبت لها صُداعاً فضيعاً فتكَ برأسها, تستطيع سماع صوت خطوات أقدام على الأرض الرطبة صوت تنفُّسها المكتوم و بوضوع تشعرُ بخفقات قلبها العالية , جسدها مخدر بسبب ألم فضيع إستفحل عليه شلَّها و منعها من الحراك ...
بصعوبة شديدة أرغمت عينيها على رؤية ما حولها إلا أن الظلام الدَّامسَ هو ما قابلها و لحظة تلو الأُخرى علت الأصوات و ازداد معها الصُّداع حاولت الوقوف متحدية الإرهاق الشديد و الألم الذي يكوي عضلات جسدها ، تحاول أن تلمح أي شيء عن ما يُحيطها لكن ظلام المكان منعها من الرُّؤية , و دوارٌ داهمها أعادها لحيثُ كانت مستلقية يمنعها من النُّهوض , قاومت لكن مقاومتها لم تكُن ذو فائدة فلم تعي على نفسها إلا و قد فقدت وعيها مُجدَّداً و غطَّت في سُبات عميق ...
*** *** *** *** ***
فتحت عينيها ببطء و على عكس المرَّة الماضية كان الظلام قد تبدَّد قليلاً و أصبح بإمكانها رؤية ما يُحيطها غرفة ضيِّقة تبدوا كزنزانة قذرة بسبب القضبان الحديدية الصَّدئة أمامها و الجدران الحجرية التي نمت عليها الطَّحالبُ حولها , إعتدلت بجلستها على ذلك السَّرير الذي استلقت عليه قبل لحظات وتنهَّدت براحة عند شعورها بألم جسدها يخفُّ رويداً , كان الدُّوار قد خفَّ و قلَّ شعور الغثيان الذي منعها سابقاً من النُّهوض من مكانها بهذا بقدمين مرتجفتين نهضت من السَّرير , أين هي , آخرُ ذكرى لها كان البرد الذي غلَّف جسدها عندما ألقت بنفسها في البحيرة !
هل هذا هو العالم الأخر , أهي ميِّتة الآن ؟!
بحركة لا إرادية منها غطَّت فمها و أنفها بيدها تحاول منع تسلُّل الرَّائحة المُزعجة التي عبقت بها الأجواء إليها و اتَّجهت إلى القضبان الحديدية تحاول فتحها علَّها تتحرَّرُ من حبسها إلا أن الباب أبى و اكتفى بإسماعها صوت صريره المُزعج الذي زاد الغلَّ بداخلها و جعل أسئلة عديدة تتراكم بعقلها , ألا يفترضُ بها الشُّعور بالرَّاحة الآن ؟, أحتَّى بعدما ماتت ستعيشُ بطريقة مقرفة ؟!
كادت أن تبكي و لكنها نجحت بكتمان دموعها عليها أن تجدَ حلاً لمشكلتها لا أن تبكي و ترثي لحالها عليها أن أتوقف عن إخراج دموع لم تجد منها فائدة تذكر قبلاً فماذا عن الآن و هي لا تعلم حتى إن كانت حية أم ميتة !
وزعت نظرها بأرجاء الغرفة علها تجِدُ شيئاً يُساعدها أمسكت بالقفل الذي أغلق به الباب الحديدي رغبة منها بشدِّه بقوَّة آملة أن ينكسر فقد بدى لها هشاً صدأً لكنها لم تُفلح بهذا تنهَّدت بخفوت و التفتت توزِّعُ أنظارها حولها فلمحت أمراً غريباً بزاوية الزِّنزانة مختبئاً في الظلام بخطوات بطيئة إقتربت و الخوف كان ينهشُها من الدَّخل و كم كانت راحتها كبيرة عندما لمحت صندوق أسطوانات قديم , ما الذي عليها فعلهُ الآن أتديرُ مقبضه ؟ , فكما ترى هناك أسطوانه سوداء قد يكون هناكَ أمرٌ مسجَّلٌ بها يساعدها بفهم ما يدورُ حولها , إرتجفت قبضتها بينما تُدير المقبض لثلاث مرَّات و توقَّفت عندما سمعت صوتاً مشوَّشاً مبهماً بدا لها كصوتِ إمرأة صادراً من صندوقِ الإسطوانات
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...