تجلس على سريرها مستمتعةً بالهدوء الذي يُحيطها من كلِّ جانب , تفكِّر ماذا لو كان بإمكانها الخروج من القصر و العيش في مكان آخر , ابتسمت بخفَّة عندما تخيَّلت الأمر , قد تصبح حياتها أفضل , ربَّما يحالفها الحظ و تجد أشخاصاً يحبُّها لما هي عليه ...قاطع تفكيرها ذكرى لتلك الممرضة التي دخلت لتبلغها بموت إبنتها التي لم تعش إلا سويعات معدودة ، كانت تحمل بين يديها ذلك الغطاء الزهري ذو نقوش الزهور الملونة الذي كان يلف جسدها لإبنتها .
نهضت من السرير و اتجهت إلى خزانتها الخشبية التي تقع في زاوية الغرفة , فتحتها و بقيت تحملق في جوفها إلى أن وجدت مبتغاها , صندوق خشبي مزخرف بنقوش جميلة متوسط الحجم ليس بالثقيل ، أخرجته و اتجهت عائدة إلى سريرها , جلست على سريرها و هي تشعر بألم غريب يغزو قلبها بينما تراقب محتويات ذلك الصندوق ، من ثياب الأطفال إلى الألعاب التي ملأته ، تذكر كم كانت سعيدة و هي تختار كل قطعة من هذه الأمور .
عادت إلى سريرها و جلست عليه و عيناها معلَّقتان على ما يحويه الصندوق فلمحت ذلك الغطاء الزهري الذي لفَّت به إبنتها يوماً، أمسكته بأناملها المرتجفة و استنشقت عبير ابنتها الذي ما يزال عالقا فيه ، تحاول جعل النار التي في داخلها تخمد قليلا لكن عوضا عن ذلك هي تزيدها و تجعل اشتعالها يكبر , أبعدت رأسها عن الغطاء الزهري عندما شعرت بشخص يفتح الباب ويدخل ، نظرت إلى من كان أحد أسباب تعاستها, إلى من أهانها و كسر كبرياءها بقسوة .
أعادت الغطاء إلى الصندوق الخشبي و أغلقته سريعاً ثم نهضت من مكانها مقتربةً منه بينما تقول بابتسامة ساخرة
" ما الذي تفعله هنا ؟ "
ابتسم زين بغرابة ثم و بجرأة مرر أصبعه على خدها فأبعدت يده سريعاً بإشمئزاز حينها قال و هو يضحك
" تغيِّرتي كثيراً , أتظنين حقاً أن مسرحيَّة أصبحت أقوى بعدك ستؤثِّر علي ؟ "
ضحكت بسخرية على كلامه على الرغم من شعورها بألم يغزو قلبها ثمَّ طبطبت على كتفه بينما تقول بحدَّة
" إذا بدت لك كمسرحيَّة إذاً فليكن , لكنها ليست كذلك أنا بالفعل تخطَّيتك و الأمرُ الوحيد الذي قد أكون شاكرةً لك بسببه هو جعلي أقوى ! "
نظر إليها بحنق و أراد أن يقول أمراً إلا أن دخول كايدي و جاك أخرسه عن الحديث , نظرت كايدي إليهما باستغراب و قالت
" ما الذي يحصل ؟ "
أبعدت يدها عن كتف زين و إتجهت إلى دلو ماء موجود بجوار سريرها غاسلةً يدها التي لمست بها كتف زين و أجابت كايدي ببرود
" لا شيء ... هل نبدأ ؟ "
" حسناً "
قالت كايدي و هي تقترب من السري الذي استلقت عليه بيلا و لكن قبل أن تحاول النوم قالت لجاك
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...