" ليليان ! " كانت كلمة واحدة صدرت من شفتي بيلا جعلت الملك في حالة غريبة , كان من الواضح لبيلا أنه يحاول جاهداً أن يبقي معالم البرود محفورة في وجهه إلا أن التوتر كان أقوى منه بكثير " ما الذي تقصدينه بكلامك , هل من المفترض عليَّ أن أخاف منك الأن ؟ " سأل الملك بيلا مما جعلها تبتسم بسخرية و هي تقول له بهدوء " جسدك يخذلك مولاي , و تعابير وجهك تفضحك إعترف أنك ترغب بشدة أن تعرف أين التقيت بها ! "
" و هل تعرفين من تكون ؟ " سألها الملك بحدة لتومئ له بيلا بالإيجاب ثم تجيبه قائلة ببرود أقرب للتساؤل " أمي ؟! " لم يستطع الملك كبح ابتسامة السخرية التي رسمت على شفتيه بينما يلقي كلامه عليها كالسم غير مكترث لمشاعرها " و أمك ميته يا روحي ميِّتة فكيف لك أن تريها ؟ " نظرت إليه بيلا بابتسامة واثقة على الرغم من الألم الذي استفحل على قلبها من كلامه و قالت بثقة " و من قال أني رأيتها في الواقع مولاي , لقد رأيتها في رؤيا ! " هنا لم يستطع الملك كبح ضحكته التي خرجت بقوة بينما يستمع لما تقوله بيلا التي نظرت إليه باستغراب , توقف الملك عن الضحك بينما يراقب تعابير بيلا المستغربة باستمتاع و قال " و لكنك لست ذات طاقة و لا ذات مستوى فكيف لك أن تحصلي على رؤيا ؟ "
لم تكن بيلا راغبة في كشف أمر مستوى طاقتها له خوفاً من أن يظن أنها تهدد عرشه فيحاول أذيتها أو أسوأ أذية أنيلا التي ما تزال غير قادرة على التحكم بقوتها جيداً لهذا قالت " حتى و إن لم أكن ذا طاقة مولاي فأمي ليليان كانت ذا مستوى لهذا ليس من الصعب عليها أن تتواصل معي ! " نظر إليها الملك بحدة و سألها " و ما أدراك أنت بهذا ؟ " ابتسمت بيلا بهدوء و اقتربت منه خطوتين للأمام بينما تقول بصوت أشبه بالهمس " أجبتك على هذا السؤال بالفعل مولاي , من الرؤيا ! " ثم تنهدت و قالت له بينما تتراجع للخلف خطوتين " و الآن هل ستقول لي الحقيقة ؟ "
ابتسم الملك بسخرية و اقترب منها قائلاً " أجبت على سؤالك هذا منذ سنوات عديدة ايزابيلا , أمك مجرد جارية حملت بك مصادفة , و لو علمت بالأمر حينها لما كنت حية تقفين أمامي الآن ! "
" كيف لجارية أن تكون ذات مستوى مولاي , فعلى حسب معلوماتي لا شخص خارج العائلة الملكية يستطيع أن يمتلك طاقة !؟ " نطقت بيلا سؤالها بثقة إلا أن الملك فضل الصمت و لم يجبها على سؤالها، بل إلتفت إلى الباب ناويا الإنسحاب بدون أن يجيب على أسئلة بيلا التي همست بألم و هي تراه ينسحب كالعادة " أجل ... أُهرب كما تفعل دائما مولاي " على الرغم من أن صوتها كان خافتاً إلا أن الملك استطاع سماعه بوضوح ، و مع هذا لم يجيبها و آثر أن يكمل إنسحابه إلى خارج الغرفة ...
تنهدت بيلا بخفوت بينما تمرر أصابعها على جبينها ، تشعر بقهر شديد لا تستطيع وصفه , لماذا لا يرغبون في جعلها ترتاح , لماذا لا يعتقونها من كل ذلك الحزن و الهم و الغم الذي يجثم على صدرها فيضيق لها حياتها , لماذا يكرهونها لهذه الدرجة , كادت دموعها أن تسيل خارج مقلتيها ، إلا أنها أقامت حاجز أمام مقلتيها فبهذه الدموع التي ستذرفها ستعلن إستسلامها و هذا يعني تغلبهم عليها ، و هو أمر مستحيل الحدوث , شعرت فجأة بلوعة و رعشة مقرفة سرت بجسدها و ألم شديد داهم معدتها مما جعلها تحكم إمساكها بيديها إلا أن الألم رفض أن يبارحها و يبتعد عنها بل ازدادت وطأته و شدَّته عليها ، مما جعلها تسرع بخطواتها إلى دورة المياه و تغلق الباب خلفها بقوة , و على الرغم من ارتجاف جسدها الشديد و طبقة الضباب التي كست عينيها فجعلت الرؤية أمامها غير واضحة استطاعت الاتجاه إلى دلو خشبي صغير يقع في زاوية دورة المياه , أمسكته بإحكام و استفرغت كل ما كان في جوفها في قعره ... غريب أمرها بالفعل لديها قوى و ذكاء و دهاء و معرفة كبيرة يتمنى الكل أن يحصلوا على مثلها ، إلا أنها و مع كل ما تمتلكه ما تزال ضعيفة , جسدها لا يحتمل قوتها أبدًا ، بل أنه في كل مرة تستعمل قوتها يتفشى ألم فضيع في جسدها و يبدأ ببطء بالإنهيار !
أنت تقرأ
نورسين
Ficción histórica( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...