عاد الظلام ليغشي مقلتيها و سمعت صوت صراخ قوي صدر من خلفها , إلتفتت بيلا سريعاً لمصدر الصوت بجزع ففوجئت بنفسها قد خرجت من غرفة الملك و وقفت في أحدِ ممرات القصر التي كانت مُضاءة بالشموع , و هناك على الأرض كانت سندي زوجة أبيها جالسة , تبكي بحرقة و لورا والدة الملك تجلس بجانبها تحاول أن تهوِّن عليها الفاجعة التي هوَت عليها , و هناك بجوار الباب كان الملك واقفاً منكساً رأسه محاولاً أن يخفي حزنه الشديد و خوفه و إرهاقه " كل هذا بسبب الساحرة و ابنتها , أقسم إذا حصل شيء لإبني سأقتلهما ! "
صاحت سندي التي نهضت من على الأرض سريعاً بمعالم غضب رسمت على وجهها للملك الذي إكتفى بإخراسها بنظرات حادة جعلتها تصمت رغماً عنها و تكمل بكاءها الحزين الذي لم يقطعه إلا خروج الطبيب من الغرفة بملامح وجه منهكة و مرتبكة قائلاً سريعاً و بدون مقدمات " أعتذر لم يكن بمقدورنا فعل شيء , لقد غادر ولي العهد الأمير لويس الحياة ! "
بعدما نطق الطبيب هذه الكلمات التي أعلنت لسندي عن موت إبنها البكر لويس و مغادرته الحياة لم تعد تعي أي مما يحصل حولها , بهتت ملامح وجهها , و سريعاً بدون تفكير جرت إلى غرفة الملك حيث تقبع ليليان و ابنها الصغير آدم النائم على السرير , كانت ليليان تحمل ابنتها بيلا الصغيرة كانت بين ذراعيها تغني لها محاولةً جعلها تهدءُ و تتوقف عن البكاء بينما تتذكر ما حصل بعدما استيقظت هي و الملك كارلوس ليبحثا عنها بعد أن اختفت فجأة و خرجت من الغرفة في منتصف الليل , فتفاجآ برؤيتها في إحدى ممرات القصر منكمشة و متكورة حول نفسها تبكي بحرقة , و أمامها استلقت جثة لويس الهامدة !
قطع سلسلة ذكرياتها صوت صدر من خارج الغرفة , صوت صراخ يطالبها بالخروج , صوت سندي , سريعا إتجهت ليليان إلى السرير و وضعت بيلا الصغيرة عليه بجانب شقيقها أدم ثم همست لها بلطف بينما تمسح دموعها المتساقطة و تقبل خدها لتخفف شهقاتها المتتالية " ماما ستذهب قليلا إلى الخارج و أريدك أن تكوني أختاً كبرى جيدة و تعتنين بآدم ... حسنا ؟ "
أومأت لها بيلا الصغيرة بتفهم بينما تحاول تهدئة شهقاتها فتنهدت ليليان براحة بينما تبتعد عنهما متجهة إلى باب الغرفة ثم إلى خارجها حيث وقفت سندي التي توحي ملامح وجهها بالإنهيار و بجانبها لورا تسندها و تحاول أن تهون عليها خسارة ابنها البكر لويس التي أثرت على الجميع , إقتربت سندي من ليليان و علامات الغضب رسمت على وجهها , و من قهرها الشديد صاحت عليها بعصبية قائلة " هنيئاً لك لقد نجحت ، لقد قتلت إبني كما رغبتِ و هكذا لم تحصلي على الزوج المحب فقط بل على الجاه و السلطة و المنصب أيضاً ! "
حاولت ليليان أن تتحدث , أن تقول شيء تدافع به عن نفسها و عن ابنتها ، إلا أنها لم تستطع إلا أن تعض على شفتيها بقسوة و تطرق رأسها تحدِّقُ بالأرض فهي تعلم جيداً مقدار الألم الذي تشعر به سندي بسبب وفات ابنها , أطلقت ليليان شهقة متألمة عندما أحكمت سندي إمساك رسغها و قالت لها بتهديد و وعيد " لا تقلقي ... سأدعك تدفعين الثمن غاليا و لن أسامحك يوما , سأحول حياتك و حياة أبنائك لجحيم و قريبا لن تعيشي هنا ، أعدك بهذا ! "
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...