♣️22♣️

6K 536 415
                                    


غادرت الخادمة مما جعل بيلا تلقي الخرقة بقوة على الطاولة , تنهدَّت بهدوء بينما تحاول التفكير بالأمر بتروي و عقلانيَّة ، لماذا طلب منها أن تأتي لتتناول الغداء معه و حدهما ؟ , تشعر في أعماقها بأن الأمر لن يمر على خير أبدا, تنهدت بخفوت عندما سمعت صوت بطنها تناجيها مرة أخرى لتدخل لقمة إلى جوفها مما جعلها تسرع في الإستحمام ثم تغيير ثيابها إلى ثوب بسيط لم تعتد لبسه كثيرا بلون حليبي مع زهور زرقاء لطيفة , بما أن شعرها قصير لم تكن تستطيع رفعه للأعلى لهذا اكتفت بإسداله , و كلمسة أخيرة قطعة دراق حمراء مررتها على شفتيها الممتلئة لتصبح قانية اللون , خرجت من الغرفة و اتجهت إلى الحديقة بينما تعصف بها أفكارها يمنة و يسرة , يا ترى لماذا تشعر بمعاملته لها أصبحت مختلفة , لم تتوقع أن يأتي يوم تجتمع فيه معه ليأكُلا على نفس الطاولة، لم يحدث هذا أبداً قبلا , عليها أن تستغل الأمر و تقلب الطاولة لصالحها، عليها أن تعرف شيئا جديد عن أمها , لقد قال لها قبلا أنها ميتة, هل هي كذلك حقا ؟! , تنهدت بخفوت عندما وصلت للبوابة التي ستقودها للحدائق الملكية، رفعت رأسها بشموخ و رسمت البرود على تعابير وجهها بينما تتذكر عندما كانت طفلة، كيف كانت تحاول بيأس جعل الملك يحبها , يشعر بوجودها، كانت تبذل قصار جهدها إلا أن الأمر لم ينفع بل كان الملك يدفعها بعيداً عنه أكثر و أكثر فقط , اقتربت من الطاولة التي يجلس عليها الملك بكل شموخ و وقار و الطعام بأشكاله و أنواعه أمامه، إلا أنه قد بدا سارحًا ليس بوعيه أمر نادر على الملك !

" مولاي" قالت بيلا ببرود في محاولة منها لتخرج الملك من شروده و هذا ما حصل , حيث نقل نظره من صحن الطعام إلى وجهها ذو الملامح الباردة " إجلسي" قال بينما يشير لكرسي يقع أمامه فتقدَّمت بيلا ناحيته و جلست بهدوء ، في هذه اللحظة إقتربت مجموعة من الخدم و وضعوا صحناً من الحساء الساخن أمام كل من الملك و بيلا , بعد أخذ الملك رشفة من الحساء استطاعت بيلا أن تبدأ بالأكل و لكن الصمت و التوتر كان مسيطراً على الأجواء , لم تكن بيلا بالفعل راغبة بالحديث مع الملك و لا حتى النظر إلى وجهه الذي سينعش ذكريات ترغب في إبقائها طي النسيان إلا أن نيَّة الملك كان مختلفة " أمك كانت ذات مستوى " قال الملك ببرود مما جعل ابتسامة سخرية ترسم على شفتي بيلا بينما تقول له " و لماذا تخبرني بهذا ؟ "

نظر إليها الملك مطولا إلا أنه أبعد نظره عنها قائلاً " لا شيء محدد ... " عم الصمت مره أخرى و لم يكن يسمع شيء غير إرتطام الملاعق بالصُّحون , ما قاله الملك جعلها تتأكد أن أمها قد تكون وراء الرؤيا التي تراها , ربما روحها ؟

" هل أمي ميته ؟ " سألت بيلا ببرود بينما ترفعُ رأسها عن الصحن لتنظر إلى عيني الملك اللتان كانتا تحدقان بها " أخبرتك قبل , أجل أمك ميته ! " تنهدت بيلا بخفوت و لم تعد تستطيع إحتمال الجلوس معه على نفس الطاولة , كلَّ مرَّة تراه فيها تراودها ذكرى من ذكريات طفولتها القاسية , تسارعت دقات قلبها و تسارعت أنفاسها المضطربة مما جعلها تقول بهدوء بينما تنهض من مكانها " شبعت ! "

نورسينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن