نوعا ما ألا يبدو الإعتذار شبه مستحيل على زين , هذا تماماً ما كان يدور في خلد بيلا التي أمعنت النظر إليه بترقب بينما تتضارب الأفكار بداخلها يمينا و يسارًا " لا يمكنك أن تخبريهم الحقيقة، لقد كان بيني و بين بيلا إتفاق " قال زين ببرود إلا أن بيلا إستشعرت نبرة القلق في صوته , نبرة لم يسمعها غيرها , فللأسف تلك السنوات السبع التي مرت عليها معه جعلتها تحفظه و تحفظ تصرفاته ظهراً عن قلب ...
" أجل , قلتها بعظمة لسانك " قالت كايدي باستفزاز ثمَّ أردفت قائلة " بينك و بين بيلا و ليس أنا " رشق زين كايدي بنظرات حادة مما حثها لتفعل المثل و في هذا الجو المتوتر كان كل من جاك و بيلا عالقين " إستمع إلي يا زين , أنا لا أطيقك و لكن عليك أن تعلم أن بينك و بين بيلا طفلة صغيرة ستُكمل العامين بعد عدَّة أشهر , لهذا حتى و أن كنتما تكرهان بعضكما و مستعدان لقتل بعضكم البعض أمام الطفلة يختفي كل هذا , و لكي تفعلا هذا عليكما أن تعتذرا أنتما الإثنتان من بعضكما البعض ! " نظرت بيلا إلى كايدي بذهول , كيف لها ان تعتذر و هي لم تفعل أي شيء سيء !؟
" أعتذر ! " سمعت صوته يعتذر عن كل شيء سيء فعله لها يوماً , لكن لماذا , لماذا لا تستطيع مسامحته , ربما لأن اعتذاره ليس بصادق , نهضت من مكانها ببرود و اقتربت منه , و وقفت أمامه مما جعله ينهض هو الأخر " اعتذارك مرفوض زين , و لن أُسامحك لأني لست رخيصة لتلك الدَّرجة إلا أني سأفكِّر بالأمر " لم يجبها زين بل اكتفى بالإيماء بالإيجاب لها ثم انسحب من الغرفة بصمت ...
" ذهب " قال جاك بينما ينهض من كرسيه و يحول نظره من الباب الذي أغلقه إلى بيلا , إقترب منها ليلمح معالم البرود البادية على وجهها و بما أن جاك يعرفها جيداً علم أن هناك ألم فضيعًا يفتك بها من الداخل و قد كان محقاً لأن بيلا فورما رفعت رأسها و نظرت إليه ترقرقت الدموع في عينيها " جاك ... الأمر مؤلم ! " نطقت بيلا بصعوبة بسبب الغصة العالقة في حلقها بينما تدلك بيدها موضع قلبها عسى أن يخف هذا الألم الذي تشعر به في قلبها " أتعلم كم أكره نفسي الأن , كم أقرف من جسدي و روحي اللذان سلمتهما له بطيب خاطر ! "
تنهد جاك بقهر و هو يرى صديقة طفولته و شقيقته العزيزة تعاني بهذه الطريقة و لم يكن لديه حل يخفِّف عنها غير عناقه الدافئ الذي تعودت عليه متوقعاً منها أن تفرغ دموعها , إلا أنها كابرت و منعت دموع الهزيمة و الخذلان من الإنسياب , هي قوية , أجل هي كذلك , خرجت من حضن جاك بعدما أطلقت تنهيدة قوية تفرِّغُ بها الحسرة التي شعرت بها , ابتسمت له بهدوء مما جعل ابتسامة حنونة ترسم على شفتي جاك بينما يمسح بأنامله خدها المتورد , همست بيلا " أشعر بتعب شديد و النعاس ربما علي النوم ؟ " أومأ جاك متفهماً ثم طبع قبلة على خدها و قال " عمت مساءً فتاتي القوية " فرت ضحكة لطيفة من شفتي بيلا التي قالت " و أنت أيضاً كُن بخير من فضلك... "
كلماتها جعلته يرسم ابتسامة لطيفة على شفتيه , ثم طبع قبلة أخيرة على خدها , تقدمت منها كايدي و أخرجت من الحقيبة التي تلتف حول خصرها ذلك الدفتر الأسود و ناولتها إياه قائلة " للأحتياط فقط " ثم غادر كليهما تاركين بيلا وحيدة في الغرفة بيلا التي أعادت منامة أنيلا إلى دولابها و أخذت خاصتها و غيرت ثيابها ثم وضعت الدفتر أسفل وسادتها , و هكذا كانت تستعد للنوم , أما بالنسبة لكايدي التي أغلقت باب غرفة بيلا و جاك الذي لحق بها في ممر القصر المضاءة بالشموع و القناديل المضيئة " تحبها ؟ "
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...