غابت الشمس و توارت عن الأنظار و أسدل الليل ستاره الأسود , بعد تلك الرؤيا التي راودتها غرقت بيلا في أفكار و تساؤلات لا نهاية لها و ألم فظيع تفشى في أنحاء جسدها , هل من الممكن أن تكون والدتها ليليان و شقيقها آدم على قيد الحياة و الملك أخفاهما عنها لكي لا تؤذيهما ؟
و لكن لماذا لم تعمل اللعنة , لماذا لم تحاول قتل زين أو جاك أو والده أريوس , لماذا لم تحاول إيذاء من تحب الآن , هل انتهت اللعنة يا ترى , لا , من غير المعقول أن تنتهي بهذه البساطة فقط بدون أي سبب ؟!
تنهدت بخفوت ثم نهضت من مكانها حيث كانت جالسة بجانب المدفأة و اتجهت إلى دولاب أعشابها لتبدأ بإفراغه من كل محتوياته تضعهم في صندوق خشبي كبير بحذر و حرص كبيرين و بينما هي تفعل عاد زين يئن بألم مرَّة أخرى , هذه كانت حالته طوال اليوم يستيقظ لثوانٍ إلا أنه يعود للنوم سريعاً بعدما يرتشف من المسكن الذي أعدته بيلا , أما دايمن فلم يعد إلى الآن , أرادت الذهاب لرؤية أنيلا إلا أنها خشيت من ترك زين وحيداً لهذا طلبت من أحد الخدم أن تطلب من سمانثا إبقاء أنيلا لديها هذه الليلة و هي ستأتي لأخذها في اليوم التالي , جلست على السرير بجانب زين الذي فتح عينيه و نظر حوله بهدوء و ساعدته على شرب المسكن و بعد أن انتهت أرادت النهوض من على السرير ظناً منها أن زين سيعود للنوم إلا أنه أمسك بيدها بقوة و قال لها بصوت مبحوح و متعب " إبقِ ... "
تنهدت بيلا بخفوت إلا أنها سُرعان ما رسمت ابتسامة لطيفة على شفتيها عندما إلتفتت إليه و جلست بجانبه واضعة رأسه على قدميها لتعبث بخصلات شعره السوداء الحريرية تماماً كما كانت تفعل قبل كل تلك المشاكل " أنت بخير الآن , ألا تريد النوم أكثر ؟ "
سألته بيلا فأجابها بصوت مبحوح " لا ... أريدك أن تبقي بجانبي " إكتفت بيلا بالإيماء و أكملت العبث بخصلات شعره في صمت و هدوء تنظر إلى ملامح وجهه الجامدة الهادئة و عيناه التي بدت كبحر عميق من الأفكار و التساؤلات " زين ... هل أنت بخير ؟ "
" أنا من علي أن أسئلك هذا السؤال بيلا , هل أنتِ بخير ؟ " أجابها زين بصوت هادئ بينما يعدل وضعيته ليستلقي على ظهره و يستطيع رؤية وجه بيلا و عيناها ذات اللون الرمادي الآسر إبتسم ابتسامة صغيرة و قال بصوت متعب بينما يرفع يده ببطء من التعب و الخمول الذي يسري بجسده يُداعب خدها بهدوء " ما زلتي أجمل فتاة رأيتها بحياتي "
ضحكت بيلا بخفوت تحاول كتم دموعها التي تريد الهطول و الإنفلاج فقال لها زين بخفوت مما جعلها تتأكد أن هذا الذي يحدثها هو نفسه حبيبها زين " عيناك تبرقان على الرغم من ضحكك قطتي , كم مرّة أخبرتك أن لا تكتمي دموعك بوجودي ؟ "
" آسفة " تمتمت بيلا و فرَّت الدُّموع من عينيها ثم قالت له تحاول إيقاف دموعها التي تتدفق عن طريق رفع رأسها عالياً " كان علي أن أعلم بالأمر , أن أشعر بأني لست الوحيدة التي تتعذب , أنت أيضاً كنت تعاني و أنا فقط هربت و كدت أتركك لمصير مشؤوم أنا آسفة , آسفة للغاية زين "
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...